اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي المخرج الفلسطيني حمدان بلال، وهو أحد مخرجي الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" (No Other Land)، بعد تعرّض منزله لهجوم عنيف من قبل مجموعة مستوطنين ملثمين أمس الاثنين.
الاعتقال جاء بعد لحظات من اقتحام نحو 15 مستوطناً مسلحاً قرية سوسيا في مسافر يطا، جنوبي الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، حيث يقطن بلال. والشهادات التي نقلها ناشطون أميركيون يهود من مركز "اللاعنف اليهودي"، الذين كانوا حاضرين خلال الاعتداء، أكدت أن المستوطنين بدأوا برشق الحجارة نحو منازل الفلسطينيين، قبل أن يحطموا خزان مياه قرب منزل بلال ويطاردوه حتى مدخل بيته.
في رواية أحد الشهود، ويُدعى يوسف، بدا واضحاً أنّ جنود الاحتلال لم يتدخلوا لحماية السكان، بل على العكس حضروا إلى المكان برفقة مستوطنين يرتدون أزياء عسكرية، وعمدوا لاحقاً لتسليم بلال إلى الجيش. وقال أحد الشهود إنّ المستوطنين حطّموا نوافذ سيارة بلال، وكسّروا زجاجها بالكامل، ومزّقوا أحد إطاراتها، بحسب ما نقلته صحيفة ذا غارديان البريطانية.
ولم يتوقف الاعتداء عند هذا الحد، فقد وجد الناشطون الأميركيون في المنزل عقب الاعتداء بقع دماء على الأرض، وأكّد أحد أفراد عائلة بلال أنها نتيجة إصابته في الرأس. ورغم إصابته، لم يتم استدعاء سيارة إسعاف، بل حضرت قوات الاحتلال واقتادته إلى جهة مجهولة، برفقة رجل آخر يُدعى ناصر، من دون توضيح أسباب الاعتقال.
من جهته، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، وقوع "مواجهة عنيفة بين فلسطينيين وإسرائيليين"، بعد ما وصفه بـ"هجوم بالحجارة على مدنيين إسرائيليين"، مضيفاً أنّ جنوده أوقفوا ثلاثة فلسطينيين ومستوطناً واحداً لـ"التحقيق".
واللافت أنّ هذا الاعتداء يأتي بعد أيام فقط من فوز الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" بجائزة أوسكار عن فئة أفضل فيلم وثائقي قصير. الفيلم الذي أخرجه أربعة شبان: فلسطينيان (حمدان بلال وباسل عدرا) وإسرائيليان (يوفال أبراهام وراحيل تسور)، وثّق على مدار سنوات عمليات التهجير القسري وهدم القرى الفلسطينية في الضفة الغربية، وسلّط الضوء على مقاومة السكان للاحتلال.
وقال باسل عدرا، وهو أحد مخرجي الفيلم، في حديث لـ"ذا غارديان"، إنّ "عنف المستوطنين يتصاعد يومياً، والفلسطينيون هنا يتعرضون لهجمات شبه يومية. ربما ما حدث مع حمدان هو انتقام بسبب الفيلم وجائزة أوسكار". ووصف عدرا الاعتداء بـ"المرعب"، قائلاً إن المستوطنين والجنود كانوا يهددونهم بالسلاح، بينما كانت الشرطة الإسرائيلية تراقب من دون أن تحرّك ساكناً. وأضاف: "حمدان حاول حماية عائلته، فهاجموه، وعندما طلب النجدة، منع الجنود أي أحد من مساعدته، ثم اختطفوه".
وقال وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهار، في تعليق سابق، إن فوز فيلم "لا أرض أخرى"، هو "لحظة حزينة لعالم السينما"، في موقف اعتُبر مؤشراً واضحاً إلى موقف المؤسسة الرسمية الإسرائيلية من العمل، وما يحمله من رواية فلسطينية تُزعج الاحتلال. ليست هذه المرة الأولى التي يتعرّض فيها طاقم الفيلم لاعتداءات. ففي فبراير/ شباط الماضي، كان باسل عدرا نفسه ضحية لهجوم عنيف من مستوطنين ملثمين.
