مصر تبحث عن حلول تمويلية لأزمة اللاجئين

منذ ٤ ساعات ١٤

تجري تحركات مكثفة على المستوى الدبلوماسي للبحث عن آليات جديدة لتمويل ودعم ملف اللاجئين في مصر، في ظل الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه الحكومة المصرية، وسط ما تشهده العلاقات المصرية-الأميركية من توتر بسبب موقف القاهرة الرافض للرؤية الأميركية الخاصة بمستقبل قطاع غزة، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة تهجير الفلسطينيين. وتعد مصر من الدول التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين، خصوصاً من السودان، وليبيا، وسورية، والعراق، يقدر عددهم بأكثر 902 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 58 جنسية مختلفة، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

بدائل لدعم اللاجئين في مصر

ووفق مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة، تعمل وزارة الخارجية المصرية، بالتنسيق مع جهات حكومية أخرى، على إيجاد بدائل تمويلية لدعم اللاجئين، عبر التواصل مع الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، ومؤسسات مالية دولية، مضيفة لـ"العربي الجديد" أن التقديرات تشير إلى أن هناك توجهاً لتوسيع التعاون مع دول الخليج للحصول على دعم إضافي، في ظل استمرار الولايات المتحدة في الضغط على مصر اقتصادياً.

مصادر مصرية: هناك محادثات مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لزيادة الدعم المالي المقدم لمصر

وتضيف المصادر أن هناك محادثات مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لزيادة الدعم المالي المقدم لمصر، بما يتناسب مع حجم الأعباء التي تتحملها الحكومة المصرية في استضافة اللاجئين وتوفير الخدمات الأساسية لهم. وتؤكد المصادر أن مصر ستواصل رفضها لأي مقترحات تتعلق بتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، رغم الضغوط الدولية المتزايدة، وستعمل على إيجاد حلول بديلة لدعم اللاجئين المتواجدين بالفعل داخل أراضيها، بعيداً عن الإملاءات السياسية الخارجية.

ويشكل إعلان الحكومة أخيراً عن حصر التكلفة الاقتصادية لاستضافة اللاجئين رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن القاهرة تتحمل عبئاً اقتصادياً وإنسانياً يفوق قدراتها، وهو ما قد يُستخدم أداة ضغط دبلوماسي في المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة. فقد أعلن مجلس الوزراء في بيان الأحد الماضي أن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي استعرض في لقاء مع وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي "تقديرات لإجمالي التكلفة التي تتحملها الدولة نظير رعاية ضيوفها من مختلف الجنسيات واللاجئين والوافدين المقيمين في مصر من الأجانب"، دون تحديد هذه التكلفة. إلا أن مدبولي سبق أن قال، في إبريل/ نيسان من العام الماضي، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، إن مصر تستضيف أكثر من 9 ملايين شخص (للاجئين والمقيمين) من دول الإقليم وأفريقيا، مضيفاً أن التكلفة المباشرة لاستقبال هذا العدد أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

طلب دعم أوروبي وأممي

وتسعى مصر إلى توظيف هذه الأرقام لطلب مزيد من الدعم من الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، والدول الكبرى التي تربطها بها علاقات استراتيجية. ويمكن لهذا التحرك أن يفتح الباب أمام اتفاقيات جديدة للتمويل والمساعدات المباشرة، خصوصاً مع تصاعد المخاوف الأوروبية من موجات الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط. وفي ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع معدلات الهجرة، تسعى مصر إلى تقديم نفسها كشريك أساسي في ضبط الحدود ومنع تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.

يمتد تأثير ملف اللاجئين إلى الداخل المصري ويثير قضايا تتعلق بالأمن القومي 

لا يقتصر البعد السياسي لهذا الملف على العلاقات الخارجية، بل يمتد إلى الداخل المصري، إذ تثير قضية اللاجئين والوافدين بعض التحديات المتعلقة بالأمن القومي والتوازنات الاقتصادية والاجتماعية. فمن ناحية، تؤكد الحكومة أن استضافة اللاجئين تأتي في إطار التزاماتها الإنسانية، لكنها في الوقت نفسه تُبرز التكلفة الاقتصادية لهذا الأمر، ما قد يكون مقدمة لاتخاذ قرارات جديدة بشأن تنظيم إقامة الأجانب أو فرض رسوم إضافية على الخدمات المقدمة لهم.

وبحسب خبراء، قد يكون إعلان الحكومة عن حصر تكلفة اللاجئين مؤشراً على تغييرات قادمة في السياسات المصرية تجاه اللاجئين والوافدين. فقد تلجأ السلطات إلى فرض قيود جديدة على منح الإقامات أو وضع سياسات جديدة لضمان عدم تأثير وجود اللاجئين على سوق العمل المحلي، وهو ما قد يؤدي إلى توترات بين اللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم. كما قد تسعى مصر إلى اتباع سياسات مشابهة لما قامت به بعض الدول العربية مثل الأردن ولبنان، من خلال الضغط للحصول، للحصول على دعم مالي من المنظمات الدولية مقابل استمرار استضافة اللاجئين، وهو ما قد يدفع الدول المانحة إلى تقديم تمويل إضافي لدعم الاقتصاد المصري.
 

قراءة المقال بالكامل