مصر ترفع أسعار الوقود ثلاث مرات... ومخاوف من حريق اقتصادي

منذ ٢ أيام ١٢

 

أكد مصدر قريب من "لجنة تسعير الوقود" في مصر لـ "العربي الجديد" أن اللجنة سوف تجتمع في إبريل/ نيسان المقبل، عقب إجازة عيد الفطر وتقرر رفع أسعار الوقود استجابة لهذا الالتزام المصري للصندوق شرطا للحصول على قروض أخرى.
ورجح، المصدر الذي رفض ذكر اسمه، أن يتم رفع أسعار الوقود، خاصة البنزين بأنواعه الثلاثة، والسولار، ثلاث مرات متتالية أو مرتين حتى نهاية العام، في إبريل ثم يوليو/ تموز ثم أكتوبر/ تشرين الأول، بحيث تصل أسعاره لقرابة 20 جنيها للتر، ويختلف السعر حسب النوع، مشيرا إلى أنه تم رفعه ثلاث مرات في عام 2024.

وخلال إعلانها في مؤتمر صحافي يوم 13 مارس/ آذار الجاري، حصول مصر على 1.2 مليار دولار قيمة الشريحة الخامسة من قرض مصر، أكدت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا فلادكوفا هولار: "التزام الحكومة المصرية بخطة خفض دعم الوقود بحلول ديسمبر/ كانون الأول 2025"، حسب "CNN".

ومنذ إبريل من عام 2020 وحتى يوليو 2024، رفعت الحكومة المصرية أسعار البنزين بنسبة تتراوح بين 76 و96%، فيما زادت أسعار السولار (الديزل) وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداما، بنسبة 70% (يستهلك 60% من الدعم).
ثم ارتفعت أسعار البنزين والسولار، في مصر خلال عام واحد هو 2024، ثلاث مرات في مارس ويونيو وأكتوبر 2024، بمعدل جنيه لكل لتر في مارس، ثم جنيه وربع في يونيو، وما بين 150 و200 قرش (جنيهان) لكل لتر من أصناف 80 و92 و95 (الدولار = نحو 50.5 جنيها).

وكانت اللجنة، التي تجتمع عادة كل ربع عام، قررت في اجتماعها الأخير في أكتوبر 2024، الذي رفعت فيه أسعار البنزين بكافة أنواعه والسولار، أن اجتماعها المقبل سيعقد بعد ستة أشهر، أي في إبريل 2025.
وبعد آخر رفع لأسعار المواد البترولية في أكتوبر الماضي، أصدر مجلس الوزراء بيانا قال فيه إنه "بالتنسيق مع وزير البترول ووفق دراسات أجرتها الحكومة، ترتبط باستهداف ضبط التضخم، فقد تم التوافق على ألا تحدث زيادة أخرى خلال الأشهر الستة القادمة، من أجل تحقيق نوع من الثبات وخفض التضخم في الفترة المقبلة".

رفع أسعار الوقود بنسبة 10%

توقع المصدر لـ "العربي الجديد" أن يبدأ الرفع بنسبة 10%، بما يعادل جنيها وربع الجنيه أو جنيهين بما يتناسب مع نفس النسبة التي انخفض بها معدل التضخم.
وتراجع معدل التضخم السنوي إلى 12.5% خلال فبراير/ شباط 2025 مقابل 23.2% في يناير/ كانون الثاني 2025، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي).

وفي رده حول ما تردد عن رفع أسعار المنتجات البترولية بسبب موافقة صندوق النقد على المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاحات المصري، لم ينف رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي يوم 12 مارس 2025، رفع الدعم بالكامل عن البنزين بنهاية العام الجاري مع الإبقاء على دعم البوتاعاز (غاز الطهو) والسولار نسبيا.
واكتفى بالقول إنه "سيظل هناك "دعم بيني" للمنتجات البترولية ولن يتوقف، وستظل الأنبوبة (أسطوانة الغاز) مدعومة بجزء ليس بالقليل، مراعاة للظروف الاقتصادية الحالية.

ودعا صندوق النقد في المراجعة الرابعة لبرنامج إقراض مصر، لـ"بذل المزيد من الجهود فيما يخص برنامج الإصلاحات الهيكلية" بشأن بيع الشركات المصرية والأصول والدعم، ووافق على استمرار دفع أسقاط من قرض قيمته 8 مليارات دولار، حيث حصلت مصر على ما يزيد قليلا عن 3.2 مليارات دولار من أصل 8 مليارات دولار.
وفي 27 أغسطس/آب 2024 أعلن صندوق النقد الدولي، تخفيف عدد من الشروط بحزمة الدعم المالي المقدمة إلى مصر، البالغة 8 مليارات دولار، لكنه شدد على "التزام حازم" بشأن رفع أسعار الوقود.

دعم الوقود أم فوائد الديون؟

يقول خبراء اقتصاد إنه كان من الممكن أن تقلص الحكومة من أخذ الديون ومن ثم تخفض أقساط وفوائد الديون، التي تلتهم 22 ضعف دعم الوقود، بدلا من تحميل المصريين أعباء جديدة سوف تؤدي لحريق اقتصادي وتضاعف خطير في الأسعار وقد تتسبب في اضطرابات.
خبير فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ "العربي الجديد" إن الموازنة تتضمن في بند خدمة الدين (أصل وفوائد) ما يعادل 3450 مليار جنيه (وهو ما يتم دفعه لخدمة أقساط وفوائد الديون عام 2024)، بينما يبلغ بند دعم البنزين والسولار والغاز والمازوت 155 مليار جنيه.

ومع هذا تقول الحكومة المصرية أن المشكلة في دعم الوقود (155 مليار جنيه) في حين أن سبب المشكلة الحقيقي هو "استمرارها في الاقتراض لبناء قصور ومنتجعات وعاصمة إدارية للأثرياء ورموز السلطة وفساد" وفق الخبير المصري.
تصريح مدبولي يختلف عما قاله في أكتوبر 2024 (بعد ثالث رفع للأسعار الوقود خلال عام 2024) حيث قال إن الأسعار لن تزيد محلياً لو استقرت أسعار النفط العالمية حول رقم السبعينات (70 دولارا)، وحاليا المتوسط ما بين 68 و70 دوارا للبرميل، وسعره محدد سابقا في الموازنة بـ 83 دولارا، فلماذا يريدون رفع سعره؟، وفق الخبير.

توقيت بالغ السوء

يوضح الخبير المصري أن قرار رفع أسعار الوقود يأتي في توقيت بالغ السوء لأن معدل التضخم (ارتفاع الأسعار) انخفض 10% حسب بيانات الحكومة، وبدأت الأسواق بدأت تشهد بعض الاستقرار، لذا ستؤدي معاودة رفع أسعار الوقود لإشعال الحرائق مجددا في الأسواق والأسعار.
فقد تراجع معدل التضخم السنوي إلى 12.5% خلال فبراير 2025 مقابل 23.2% في يناير 2025، حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، متأثرًا بسنة الأساس وهدوء وتيرة زيادة الأسعار في هذا الشهر.
ويستغرب مراقبون من نية الحكومة رفع أسعار الوقود برغم أن سعر النفط حاليا في الأسواق العالمية منخفض (بين 67 و70 دولارا للبرميل)، ووضع الحكومة المصرية سعرا افتراضيا له في الموازنة 83 دولارا للبرميل، مؤكدين أنه يقتضي خفض أسعار الوقود لا رفعها على الشعب المصري.
ويشيرون إلى أن السبب الرئيسي لفجوة أسعار الوقود في مصر مقارنة بالسعر العالمي، انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار بفعل عمليات التعويم، وما يحمل الموازنة المصرية أعباء، يتم تحميلها لملف الدعم بحجة أن الدعم زاد ومطلوب تخفيضه بينما هو لم يزد فعليا.

قراءة المقال بالكامل