أعلن المستشار حازم حسين الجيزاوي، رئيس مكتب تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين ورئيس محكمة الاستئناف المصرية، قرارًا رسميًا، اليوم الاثنين، 19 مايو/ أيار، بإنهاء أثر قرار الإدراج رقم 2 لسنة 2015، المتعلق بإدراج متهمين في قضية "أنصار بيت المقدس" على قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية. ويأتي القرار في ضوء ما تضمنه الحكم الصادر عن محكمة النقض في الطعن رقم 550 لسنة 91 قضائية، والذي أقيم طعنًا على حكم جنايات القاهرة الصادر في 16 إبريل/نيسان 2015 من الدائرة السادسة، شمال القاهرة، في القضية رقم 423 لسنة 2013 حصر أمن الدولة العليا، المعروفة إعلاميًا بـ"قضية أنصار بيت المقدس". كما يشمل القرار إنهاء آثار قرارات لاحقة صدرت في القضية ذاتها في عامي 2020 و2022، وجرى تأييدها من محاكم الجنايات المختلفة ومحكمة النقض.
وكانت قرارات الإدراج موضع القرار قد نُشرت في الأعداد الرسمية لجريدة الوقائع المصرية، منها العدد رقم 89 (تابع ب) بتاريخ 19 إبريل 2015، إلى جانب قرارات أخرى لاحقة أُدرجت في أعداد صدرت خلال مارس/آذار 2023، وتحديدًا في العدد 66 بتاريخ 14 مارس، بموجب الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة (الدائرة 10 جنوب).
وأشار القرار الموقع بتاريخ 14 مايو/أيار 2025 إلى أن الأثر القانوني لقرارات الإدراج المذكورة ينتهي رسميًا ابتداء من تاريخ نشر القرار الجديد في الجريدة الرسمية.
ويُعد هذا القرار بمثابة تصفية قانونية لواحدة من أبرز القضايا المرتبطة بملف الإرهاب في مصر خلال العقد الأخير، والتي شهدت إدراج العشرات من "المتهمين" و"المعارضين" على قوائم الإرهاب استنادًا لأحكام قضائية متعاقبة.
كما أصدر المستشار الجيزاوي قرارًا موازيًا بإنهاء أثر قرار الإدراج رقم 16 لسنة 2017، والذي تضمن إدراج أسماء جديدة في القضية ذاتها، في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 187 لسنة 87 قضائية، وتم نشر القرار في عدد الوقائع المصرية رقم 114 (تابع) بتاريخ 18 مايو 2017.
يُشار إلى أن الإدراج على قوائم الإرهاب في مصر يتبعه تجميد أموال، ومنع من السفر، وسحب جوازات السفر، وآثار قانونية متعددة تطبق بموجب قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015.
ومنذ انطلاق التحقيقات في قضية "أنصار بيت المقدس"، أبدت منظمات حقوقية محلية ودولية انتقادات واسعة للطريقة التي استُخدمت فيها القضية، لا سيما من حيث توسيع دائرة الاشتباه والإدراج لتشمل معارضين سياسيين لا علاقة لهم بالتنظيم أو بالأعمال الإرهابية المنسوبة إليه.
بحسب منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن السلطات المصرية استغلت الغطاء القانوني لقانون الكيانات الإرهابية (رقم 8 لسنة 2015) لدمج معارضين سياسيين، ونشطاء، وأكاديميين، وأحيانًا صحافيين، في قوائم تضم متهمين حقيقيين بتنفيذ أعمال عنف، تحت مسمى "الارتباط بتنظيم أنصار بيت المقدس"، دون أدلة واضحة أو محاكمات عادلة.
وكان من أبرز الانتقادات أن قرارات الإدراج على قوائم الإرهاب – سواء في هذه القضية أو غيرها – صدرت في كثير من الأحيان غيابيًا، دون تمكين المتهمين أو دفاعهم من الاطلاع على الأدلة أو تقديم دفوع، وهو ما يخالف الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة. كما أُدرجت أسماء بناءً على تحريات أمنية فقط دون قرائن مادية، وامتدت آثار القرارات إلى تجميد الأموال والمنع من السفر وسحب جوازات السفر، ما فُسّر على أنه وسيلة لعقاب الخصوم السياسيين خارج إطار القانون.
وشملت الانتقادات أيضاً بعض قرارات الإدراج التي طاولت شخصيات سبق أن تم الإفراج عنها أو حصلت على أحكام بالبراءة في قضايا منفصلة، وهو ما اعتُبر دليلاً على الطابع "الوقائي" أو "السياسي" أكثر من كونه جنائيًا خالصًا لهذه الإجراءات.
كما أكدت تقارير حقوقية أن الإبقاء على هذه الإدراجات لسنوات طويلة – رغم تغير الأوضاع القانونية أو غياب أي أنشطة فعلية – أدى إلى "عقوبات جماعية" أثرت على أسر المعارضين، وممتلكاتهم، ووضعهم الوظيفي، والاجتماعي.
وقد دعت منظمات عدة إلى مراجعة شاملة لقوانين مكافحة الإرهاب والإدراج على القوائم، وإخضاع هذه الإجراءات لرقابة قضائية صارمة وتوفير ضمانات الطعن والنظر فيها أمام جهات مستقلة، وهو ما لا يزال محل جدل في الساحة القانونية المصرية حتى اليوم.
وتُعد قضية "أنصار بيت المقدس" واحدة من أبرز وأكبر القضايا المتعلقة أساساً بالإرهاب في مصر، لكن تم استخدامها في ملاحقة المعارضين السياسيين خلال العقد الأخير، وقد ارتبطت باسم تنظيم متشدد نشأ في سيناء عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وتحوّل لاحقًا إلى فرع من تنظيم "داعش"، بعد مبايعته أبو بكر البغدادي في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 وتغيير اسمه إلى "ولاية سيناء".
وقد بدأت أولى جلسات المحاكمة في القضية عام 2015، أمام محكمة جنايات القاهرة، وتم تداولها لسنوات طويلة نظرًا لكبر حجمها وكثرة عدد المتهمين والأدلة، وانتهت المحكمة في مارس 2020 إلى إصدار أحكام بالإعدام ضد 37 متهمًا، وأحكام بالسجن المؤبد والمشدد لعدد كبير من المتهمين الآخرين، بينما قضت ببراءة البعض منهم.
لاحقًا، أيدت محكمة النقض في نوفمبر 2022 الأحكام الصادرة، ليصبح الحكم نهائيًا وباتًا، ما ترتب عليه استمرار إدراج الأسماء على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين.
ويُعد قرار النيابة العامة الصادر في مايو/أيار 2025 بإنهاء أثر قرارات الإدراج في القضية تطورًا قانونيًا مهمًا، خاصة في ظل التغيرات القضائية المرتبطة ببعض الطعون والأحكام النهائية الصادرة بشأنها.
