في خطوة تعكس تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا، أكد وزير الصناعة والتجارة الروسي أنطون عليخانوف أهمية الانتقال إلى التسويات بالعملات الوطنية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ستعزز من العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين. جاء ذلك خلال جلسة عامة للجنة الروسية المصرية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني، التي نقلتها وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" اليوم الأربعاء.
وأوضح عليخانوف أن "تنشيط الحوار في المجال المالي والنقدي، بما في ذلك التحول إلى التسويات بالعملات الوطنية، سيساهم بلا شك في تعزيز جميع جوانب علاقاتنا التجارية والاقتصادية". وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا شهد زيادة ملحوظة خلال السنوات الخمس الماضية، ليصل إلى 9.4 مليارات دولار في عام 2024، حيث ارتفعت التجارة المتبادلة خلال العام الماضي بنحو 32%، متجاوزة علامة تسعة مليارات دولار.
في هذا السياق، اعتبر الأستاذ الدكتور إسلام شاهين، أستاذ الاقتصاد السياسي المصري، أن الانتقال إلى استخدام العملات المحلية في التسويات المالية يمثل خطوة استراتيجية قد تُحدث تحولاً جذرياً في الاقتصاد المصري، إذ يُمكن أن يسهم هذا التحول في تعزيز استقرار سعر الصرف من خلال تقليل الاعتماد على الدولار، مما يُحد من التقلبات الحادة في سوق الصرف. وأكد أن هذا بدوره قد يُساعد في خفض معدلات التضخم وتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، مما يعزز من القدرة الشرائية للمواطنين ويُساهم في استقرار السوق المحلية.
وأضاف شاهين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "استخدام الجنيه المصري في المعاملات التجارية مع دول مثل روسيا والسعودي قد يُعزز من حجم التبادل التجاري ويُسهم في دعم التكامل الاقتصادي مع الدول الأفريقية والآسيوية"، ولفت إلى أن هذا التوجه يمكن أن يُساعد مصر في تنويع شراكاتها التجارية، مما يعزز من قدرتها على مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية. كما أن تقليل التكاليف المرتبطة بتبادل العملات الأجنبية قد يُعزز من تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الخارجية.
ومع ذلك، أوضح شاهين أن "هذا النظام الجديد يواجه مجموعة من التحديات، أبرزها ضعف البنية التحتية المالية في مصر وعدم ثقة الشركاء التجاريين في استخدام الجنيه المصري". وأكد الخبير المصري ضرورة تعزيز التعاون مع البنوك المركزية وتوقيع اتفاقيات تبادل عملات مع الدول الشريكة كخطوات أساسية للتغلب على هذه العقبات. كما أشار إلى أن زيادة التبادل التجاري مع روسيا يمكن أن يعزز عدداً من القطاعات الاقتصادية المصرية.
وفي سياق متصل، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 9 مايو/ أيار الماضي على هامش احتفالات يوم النصر في موسكو. وقد عقد الرئيسان جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، حيث أعرب بوتين عن تقديره لمشاركة السيسي في الاحتفال، مما يعكس العلاقات التاريخية بين البلدين. ومن جانبه، هنأ السيسي الرئيس الروسي والشعب الروسي بمناسبة عيد النصر، مشيدا بالعلاقات الاستراتيجية التي تربط مصر وروسيا، والتي تشمل مشاريع مهمة مثل المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس ومحطة الضبعة للطاقة النووية.
كما اتفق الرئيسان على أهمية زيادة أعداد السائحين الروس إلى مصر وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والأمن الغذائي والزراعة. تناولت المباحثات أيضاً القضايا الإقليمية والدولية، حيث استعرض السيسي الجهود المصرية لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، مشدداً على أهمية حل القضية الفلسطينية. بدوره، أعرب بوتين عن تقديره الدور المصري في المنطقة ودعم روسيا للمساعي المصرية لاستعادة الاستقرار.
