مقالب الزفاف الصينية... عادات شريرة للتنمر على العروسين

منذ ٣ أيام ١٩

تشكل مقالب الأصدقاء عنصراً أساسياً في حفلات الزفاف الصينية، لكن بعضها قد يخرج عن السيطرة، ويسيء إلى العروسين ويسبب إصابات لهما في بعض الحالات. ويثير ذلك جدلاً واسعاً حول العادات التقليدية المعروفة باسم "هون ناو" أو "التنمر في حفلات الزفاف"، وهي ممارسات ينفذها أصدقاء العروسين في حفل الزفاف بهدف إضفاء جو من المرح على المناسبة.

مثلاً، قد يُجبَر شخص على ارتداء ملابس سخيفة المظهر في يوم زفافه، أو تناول مأكولات غير مستساغة، أو تنفيذ سلوكيات غريبة، مثل تقليد أصوات حيوانات وطيور، والسير على الأطراف الأربعة.
تاريخياً، كانت طقوس المقالب جزءاً مهماً من عادات الزواج، إذ كان الناس يعتقدون أن أنواع المضايقات تطرد الأرواح الشريرة وتساعد المتزوجين حديثاً على تجنب سوء الحظ. ولعبت هذه المقالب دوراً حيوياً في كسر الجمود بين الأزواج. وحسب الثقافة الكونفوشيوسية التقليدية، كانت هناك قواعد صارمة تحكم كل اتصال بين الرجال والنساء قبل الزواج، ونتيجة لذلك، كان من النادر أن يلتقي الزوجان قبل الزفاف، أو أن يكون لهما رأي في اختيار شريك حياتهما، وكثيراً ما كان الزوجان لا يعرفان شيئاً عن بعضهما.

أما اليوم، رغم أن الأزواج الشباب في مدن أكثر تقدماً تبنوا تقاليد حفلات الزفاف الغربية، فلا تزال الطقوس التقليدية تشكل جزءاً من الاحتفالات. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه الأنشطة أكثر تطرفاً. وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع أظهر عريساً في مدينة كوانجو الجنوبية مقيداً إلى عمود إنارة، وقد وُجِّهَت إليه ألعاب نارية أفضت إلى آثار دماء في المكان. وفي شريط آخر، ظهر عريس يرميه زملاؤه المحتفلون معه على الأرض في مقاطعة شاندونغ (شرق)، ثم يصطدم رأسه برصيف من طريق الخطأ ليفقد وعيه، لكن لحسن حظه لم تكن إصابته خطيرة.

يقول تشين قوه لي الذي تزوج قبل ثلاث سنوات في مدينة فوشان بمقاطعة غوانغ دونغ (جنوب)، وكان أحد ضحايا التنمر في حفلة الزفاف، لـ"العربي الجديد": "في الليلة الأخيرة قبل يوم الزفاف اصطحبني عدد من الأصدقاء إلى الساحة العامة في حيّنا السكني حيث قيدوني إلى جذع شجرة بعدما جردوني من كامل ملابسي باستثناء تلك الداخلية، وكان الجو بارداً، وظننت في البداية أن ذلك لن يستغرق سوى بضع دقائق، لكنه استمر ليلة كاملة، تعرضت فيها لكل أنواع التنمر، حيث رُميت بالبيض والقاذورات والمرطبات الباردة، وكنت غير قادر على المقاومة. لم أكن سعيداً، لكن في الوقت نفسه لم يكن لدي أي خيار للرفض، وكان يحصل كل ذلك وسط أهازيج الأصدقاء وتصفيق الأطفال حولي. وبعد قضاء ليلة كاملة على هذا المنوال، أصبت بنزلة برد شديدة، وبقيت طريح الفراش لمدة يومين، وتسبب ذلك في تأجيل حفل الزفاف وتكبدي خسائر مادية كبيرة، نظراً إلى الحجوزات المسبقة المرتبطة باستئجار صالة الأفراح وإعداد المأكولات والمشروبات وغيرها من التفاصيل ذات الصلة بالمناسبة".
ويوضح تشين أنه رغم كل ما حدث له في ليلة زفافه، لم يقطع علاقته بأصدقائه المتنمرين، ويقول: "كان الأمر يجري في إطار الدعابة، وفي مناسبات سابقة كنت أحد المشاركين في مقالب مماثلة، لذا ليس من المنطق أن أرفض ما أسمح به لنفسي. وهذا ينسحب على جميع الشباب، وبالتالي يصبح الرفض أو العصيان أمراً يُخالف السائد والمتعارف عليه في مجتمعنا الصيني".

وتعلّق الباحثة الاجتماعية في معهد غوانغدونغ، تانغ لي، بالقول لـ"العربي الجديد": "لا يجب التسامح مع مثل هذه الأفعال، بغضّ النظر عما إذا كان العريس أو العروس قد وافقا مسبقاً عليها. في السنوات الماضية، كانت هناك مراعاة لقدسية المناسبة وحشمة المجتمع، لكن الأجيال الجديدة حوّلت هذا التقليد إلى سلوك مبتذل يعكس الميل إلى اللهو والمرح، وبات يُنظر إلى حفلات الزفاف باعتبارها فرصة للتنفيس، حتى لو كان ذلك على حساب إحراج العروسين". تتابع: "من المؤسف أن هؤلاء الشباب استخدموا التنمر وقوداً لمزاحهم المنحرف، انطلاقاً من إدراكهم لضرورة انصياع العروسين لأوامرهم، لأن أي شيء بخلاف ذلك في يوم الزفاف قد يعطل روح ما يفترض أن يكون يوماً بهيجاً".
يشار إلى أن العديد من مؤسسات المجتمع المدني في الصين أطلقت حملات متكررة خلال السنوات الأخيرة لمحاربة هذه "العادات الشريرة في حفلات الزفاف"، ودعت إلى مراسم زفاف متحضرة، واقترحت طرقاً لتجنب المشاركة في طقوس التنمر أو الوقوع ضحية لها، من بينها الردع اللطيف، وصولاً إلى اللجوء القانوني. كذلك أوصت ضحايا التنمر في حفلات الزفاف بالسعي للحصول على مساعدة نفسية من أجل التعافي من الندوب والآثار التي يخلفها هذا السلوك.

قراءة المقال بالكامل