ملف انفجار مرفأ بيروت أمام تطورات مهمة وجلسات مفصلية

منذ ٤ أيام ١٥

شهد ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت تطوراً كبيراً، مع إبطال النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار قرار سلفه القاضي غسان عويدات بشأن تقييد عمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار ومنع التعامل معه، وذلك بعد نحو شهرٍ من استئنافه تحقيقاته في القضية، متحدياً كلّ العوائق والعراقيل والقرارات التي اتخذت بحقه.

وفي عام 2023، ادعى القاضي عويدات على البيطار بتهمة اغتصاب السلطة، ومنعه من السفر، ومنع جميع الأجهزة الأمنية من تنفيذ قراراته، كما أطلق سراح جميع الموقوفين بالقضية، وذلك على رداً على استئناف المحقق العدلي التحقيق في 23 يناير/ كانون الثاني 2023، رغم عشرات الدعاوى التي انهالت عليه، و"كفّت يده"، وقيامه بتوسيع دائرة المدعى عليهم، بمن فيهم عويدات، عدا عن قراره إخلاء سبيل خمسة موقوفين.

وأتت خطوة الحجار بعد اجتماعات عدة عُقِدت بينه وبين المحقق العدلي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ووزير العدل عادل نصّار، علماً أنّ مفاوضات كثيرة حصلت في الأشهر الماضية، في محاولة للوصول إلى حلّ بين الطرفين، خصوصاً مع رفض البيطار التنحّي، وتمسّك الحجار بالمسار الذي سلكه عويدات، وإصراره على تجزئة القضية وإحالة المدعى عليهم السياسيين إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

كذلك تأتي الخطوة في وقتٍ حسّاس جداً ومهمّ على صعيد التحقيقات التي يُسرّع القاضي البيطار وتيرتها، ويحرص على عقد جلسات متتالية لاستجواب المدعى عليهم، وقد شارف على الانتهاء من الاستماع إلى موظفين إداريين وأمنيين وعسكريين، واقترب إلى تحديد جلسات المدعى عليهم من كبار القادة الأمنيين وكذلك السياسيين، الذين لعبوا الدور الأكبر في عرقلة مسار العدالة، بفعل الدعاوى التي رفعوها، سواء ضد القاضي فادي صوان، الذي كان أول من كُلّف بالملف، عام 2020، قبل كفّ يده، ومن ثم خلفه البيطار.

ومن أبرز المدعى عليهم من السياسيين رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وزير المال السابق النائب علي حسن خليل (ينتمي إلى حركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري)، وزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر (ينتمي إلى حركة أمل)، وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس (ينتمي إلى تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية)، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، ومن القادة الأمنيين قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، والمدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

في الإطار، يقول عضو مكتب الادعاء في نقابة المحامين عن انفجار مرفأ بيروت يوسف لحود لـ"العربي الجديد" إنّ "النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات كان اتخذ قراراً بمنع التعاون بين قاضي التحقيق العدلي وبين الأجهزة التابعة للنيابة العامة التمييزية، بمن فيها موظفوها والضابطة الموجودة فيها، وبالتالي لم يكن بمقدور البيطار إرسال أي استنابة أو تبليغ عبر النيابة العامة التمييزية، أو عرض أي ورقة، سواء لناحية الدفوع لإبداء الرأي بها أو أي طلب آخر".

ويضيف لحود "عندما خلف القاضي الحجار عويدات، تقدّمنا بطلبٍ للرجوع عن قرار الأخير، واليوم قد يكون وجد التوقيت مناسباً للعودة عن قرار سلفه، خصوصاً مع استعادة القاضي البيطار جلساته، في تطوّر وتحوّل مهم بالقضية، وذلك مع عودة التعامل بين المرجعيتين اللتين هما أساس التحقيق العدلي، فالنيابة العامة تبدي الطلبات، ويبقى المرجع الأساسي قاضي التحقيق العدلي الذي يقرّر، واليوم باتت هناك سهولة لناحية إبداء الرأي بمذكرات تتعلق مثلاً بالدفوع الشكلية أو استنابة وغيرها".

ويعتبر لحود أنه "لا يوجد أي توقيت مشبوه أو مريب أو تُبنى عليه أمور سياسية في خطوة الحجار، بل التوقيت قانوني ويتعلّق بسير الدعوى العامة المتعلقة بتفجير مرفأ بيروت". ويشدد لحود كذلك على أن نقيب المحامين في بيروت فادي مصري ومكتب الادعاء بنقابة المحامين برئاسة النقيب السابق النائب ملحم خلف، سيتابعون القضية حتى خواتيمها، ونحن لن نستكين ليس فقط بصدور القرار الاتهامي، بل حتى صدور الحكم النهائي عن المجلس العدلي".

في السياق، أصدر مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت الخاص في انفجار مرفأ بيروت، أمس الثلاثاء، بياناً رحّب فيه بالقرار الصادر عن الحجار يوم الاثنين، باعتباره "خطوة إيجابية تُلاقي إعادة انطلاق التحقيق أمام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار". وأشار إلى أن هذا القرار يشكل "إعادة الأمور إلى نصابها، بعدما كان التحقيق قد تعرّض لعراقيل نتيجة قرارات النائب العام التمييزي السابق في يناير/ كانون الثاني 2023، ولا سيما قراره الذي قيّد عمل المحقق العدلي، ومنع التعامل معه خلافاً للقانون، وقد تقدّم المكتب سابقاً بطلب إلى النائب العام التمييزي الحالي للرجوع عن القرار المشكو منه، وهو ما تحقق اليوم".

وأضاف البيان "تلقى المكتب بارتياح وتقدير بالغين مواقف وزير العدل عادل نصّار، الذي أكّد أكثر من مرّة منذ تولّيه مهامه في الحكومة الجديدة أنّ قضية تفجير مرفأ بيروت تتصدّر أولوياته، إلى جانب التزامه الراسخ باستقلالية السلطة القضائية". وأكد المكتب "استمراره في متابعة القضية دون كلل، عبر حضور الجلسات وتحضير المذكرات، والمرافعة والمدافعة عن أكثر من 1400 متضرر وعائلة ضحية، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية أمام الجهات القضائية المختصة الجزائية والمدنية، وذلك تحت إشراف نقيب المحامين فادي مصري، ومواكبة النقيب السابق النائب ملحم خلف، وبجهود المحامين المتطوعين في مكتب الادعاء، نصرةً للحقيقة وتحقيقاً للعدالة في هذه القضية الوطنية الكبرى".

قراءة المقال بالكامل