كتبت- سهر عبد الرحيم:
كان دائمًا ما ينتقد سياسات الرئيس السابق جو بايدن، وفور وصوله إلى المكتب البيضاوي، وحتى قبل انتهاء مراسم حفل تنصيبه، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصدار سلسلة من القرارات والأوامر التنفيذية لإلغاء وتجميد قوانين اتخذتها إدارة سلفه، متعهدًا بإعادة "العصر الذهبي لأمريكا"، ما أثار ردود فعل دولية واسعة بعضها رافض والآخر منتقد تصريحاته بشأن قضايا عدة أهمها: شراء جرينلاند، إعادة تسمية خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"، تهجير الفلسطينيين إلى دول عربية مجاورة، وكان آخر تلك التصريحات المثيرة للجدل هو قرار تعليق المساعدات الأمريكية الخارجية، فهل تتحد الدول الرافضة لتلك القرارات لتشكل تكتلًا مضادًا للولايات المتحدة؟
"تعليق المساعدات والمعونات الأمريكية الخارجية حول العالم بشكل مؤقت لنحو 90 يومًا" لإعادة تقييم تلك البرامج وتناسقها مع السياسة الجديدة، لكن يُعفى منه مصر وإسرائيل بجانب إعفاءً للمساعدات الغذائية الطارئة العالمية، هذا ما أعلنه البيت الأبيض في قرار مفاجئ للجميع ومثيرًا للجدل، خاصة وأن الولايات المتحدة تعد أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، إذ أنفقت 68 مليار دولار في عام 2023 وفقًا لأرقام حكومية خارجية.
ترى إيرينا تسوكرمان، محامي الأمن القومي الأمريكي وعضو مجلس إدارة مركز واشنطن الخارجي لحرب المعلومات، أن قرار ترامب "تعليق المساعدات العالمية" كان مفاجئًا وشديد التأثير خاصة على البلدان التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الأمريكية التي تُنفق في مجالات حيوية مثل التعليم والصحة، مشيرة إلى أنه على المدى الطويل، يمكن أن يأتي التجميد الكامل للأجانب بنتائج عكسية من خلال "التشكيك في مصداقية الولايات المتحدة ومحو نفوذها في البلدان النامية وغيرها".
وتابعت خلال حديثها لـ"مصراوي"، كما يمكن أن يؤثر هذا القرار على برنامج مكافحة الإرهاب وإمدادات الأسلحة، برغم من أن تجميد المساعدات كان يركز في الأصل على المساعدة الإنسانية، فضلًا عن احتمالية أن يؤدي تقويض المساعدة الأمنية الأمريكية إلى زيادة زعزعة الاستقرار، بالإضافة إلى خلق حالة من الفوضى في مختلف المنظمات غير الربحية حول العالم والتي اضطرت إلى طرد أو تعليق بعض الموظفين الدائمين، الأمر الذي يمكنه أن يؤثر على صورة الولايات المتحدة وتعاونها بشكل خطير في بعض هذه البلدان.
أعلنت شركة جوجل في منشور على منصة "إكس"، الإثنين، أن خرائط جوجل ستغير اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا"، موضحة أن التغيير سيكون مرئيًا داخل الولايات المتحدة فقط، بينما سيظل الاسم "خليج المكسيك" مستخدمًا داخل المكسيك. أما بالنسبة للمستخدمين خارج البلدين، فسيظهر الاسمان معًا على الخرائط، ويأتي ذلك بعدما قالت وزارة الداخلية الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، إنها غيرت رسميًا اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا".
وردًا على ذلك، قالت الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، الأربعاء، إن حكومتها ستخاطب شركة جوجل بشأن هذا التغيير، كما علقت على تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على البضائع المكسيكية في الأول من فبراير، قائلة "لا نتوقع أن يحدث ذلك. ولكن إذا حدث ذلك، فلدينا خطتنا".
وفي هذا الشأن، قالت محامي الأمن القومي الأمريكي إيرينا تسوكرمان، إن بعض وسائل الإعلام الأمريكية ترفض الامتثال لاستخدام المصطلح الجديد وستواصل الإشارة إلى هذا المسطح المائي باسم "خليج المكسيك"، كما ترفض بعض الدول هذا التغيير بجانب المكسيك مثل المملكة المتحدة ودول أمريكا اللاتينية، متوقعة أن لا تستمر السياسة الأمريكية التي اتبعها الرئيس ترامب تجاه كندا بعد انتهاء ولايته إذ من الممكن أن تلغيها أي إدارة مستقبلية.
وفي المقابل، قد تحاول بعض الدول الصغيرة أو الحلفاء المقربين للولايات المتحدة إرضاء واشنطن من خلال اعتماد هذا الاسم، لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الإيماءة رمزية إلى حد كبير وعلى عكس التعريفات الجمركية أو تهديدات الغزو، ليس لها تأثير عملي كبير على البلدان المجاورة، حسبما ذكرته توسكرمان لـ"مصراوي".
جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبته في ضم جزيرة جرينلاند التي تتمتع بحكم ذاتي- إلا أن الدنمارك تحتفظ بكافة سلطاتها على الجزيرة فيما يتعلق بالشؤون الدولية والدفاع والسياسة الأمنية-، مشيرًا إلى أن سكان الجزيرة يرغبون في الانضمام إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي رفضته السلطات في الجزيرة، إذ قال رئيس الوزراء موتي إيجيديه إن استخدام أراضي الإقليم "شأن يخص جرينلاند"، رغم أنه أعرب عن استعداده للعمل بشكل أوثق مع واشنطن في مجالي الدفاع والتعدين.
كما أعربت دول أوروبية عدة عن رفضها تصريحات ترامب، أبرزها الدنمارك التي شددت على أن "جرينلاند تخص مواطنوها وهم فقط من يمكنهم تحديد مستقبلها، كما أنها ليست للبيع"، كما أعلنت الإثنين الماضي أنها ستنفق 14.6 مليار كرونة (نحو 2.05 مليار دولار) لتعزيز وجودها العسكري في القطب الشمالي.
وأكد المستشار الألماني أولاف شولتس، ضرورة الحفاظ على السلام العالمي واحترام سيادة الحدود وعدم تغييرها بالقوة، وفقًا لموقع "دويتشه فيلله" الألماني.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن الاتحاد الأوروبي لن يسمح باستهداف حدوده، في إشارة للجزيرة، فضلًا عن تأكيد روبرت بريجير رئيس اللجنة العسكرية الأوروبية، ضرورة وجود قوات أوروبية في الجزيرة لحمايتها، مشيرًا إلى الأهمية الاستراتيجية للجزيرة، وفقًا لصحيفة "فيلت أم زوتناج" الألمانية، ووسط الرفض الأوروبي؛ هل من الممكن أن تجتمع تلك الدول معًا في تكتل لمنع ترامب من ضم الجزيرة؟
