"منتدى هيمان".. استلهام تجربة مقيل المقالح

منذ ٢ ساعات ١٨

لشاعر اليمن الكبير عبد العزيز المقالح عشرون ديواناً شعرياً، وديوان مقيل واحد، ظلَّ مزاراً أسبوعيّاً للمثقّفين اليمنيّين الذين يجتمعون فيه كلّ يوم ثلاثاء للتداول في الشأن الثقافي وعرض إنتاجهم الأدبي. تحوّل هذا المقيل إلى منتدى ثقافي هو الأبرز في اليمن.

كان ديوان مقيل المقالح الوجهة الأبرز للمثقّفين والأدباء العرب الذين يزورون صنعاء، حيث يتوجهون إليه لزيارة شاعر اليمن، واللقاء مع الأدباء اليمنيين لتبادل النقاشات الثقافية وجديد الإصدارات.

نجح المقالح في تكريس تجربة الاستفادة من المقايل وساعاته التي تمتد طويلاً في المثاقفة بين الحاضرين والتقريب بين الأدباء ومدّ جسور التعارف بينهم، بعيداً عن النمط العام لـ"مقايل القات"؛ التي تُناقش موضوعاتٍ عامّة غير مُعدّة مسبقاً، تتفاوت بين الشأن السياسي العام والهموم الاقتصادية، في حديث غير منظّم وعموماً دون جدوى.

مع اندلاع الحرب اليمنية، كان القطاع الثقافي من أبرز القطاعات التي تضررت، حيث تسبّبت الحرب بإغلاق الكثير من المؤسّسات الثقافية، وتدمير البعض الآخر، كما تسببت بنزوح غالبية المثقفين اليمنيين إلى الأرياف، ناهيك عن نزوح آخرين إلى خارج البلاد. بطبيعة الحال، أثرت هذه الظروف على المشهد الثقافي العام في البلاد، فكان أن تحوّلت "مجالس القات" إلى تجمّعات بديلة لإقامة الأنشطة الثقافية والفنية.

هذا الواقع التعيس للقطاع الثقافي دفع الشاعر والناقد اليمني آدم الحسامي إلى استلهام تجربة ديوان مقيل المقالح وإعادة إنتاجها، حيث حوّل المقيل الأسبوعي في مجلس مؤسّسته "أرنيادا للتنمية الثقافية"، والذي يقام كلّ يوم جمعة، إلى منتدى ثقافي وفنيّ، فتحه لاستضافة الشعراء والفنانين والمثقّفين بهدف مناقشة قضايا ثقافيّة وفنيّة.

تحولت "مجالس القات" إلى تجمعات لإقامة الأنشطة الثقافية

مع مرور الوقت، صار شعراء وروائيون وفنانون وعازفون وصحافيون يمنيون من فئة الشباب يحرصون كل أسبوع على الحضور إلى ذلك المنتدى للمشاركة في الفعاليات الثقافية والفنية التي يتم الإعلان عنها باعتبارها نشاطاً ثقافياً في المنتدى، والذي قرر القائمون إطلاق اسم "هيمان" عليه، لما للكلمة من دلالة في الحضارة اليمنية القديمة، إضافة إلى كونها عنوان أغنية شهيرة في التراث الغنائي التعزي.

في حديثه مع "العربي الجديد"، يقول الشاعر والناقد آدم الحسامي: "إن الفنانين اليمنيين كثير منهم جليسو دوائر مغلقة، لذا حرص المنتدى على الانفتاح على مختلف الأنماط، ومع أريحية المقيل تزول الحواجز التي تكرّس بين الأجيال والأشكال الفنية تقليدية وحديثة. كذلك حرصنا على نشر أغان مسجلة بإمكانيات بسيطة ونشرها في صفحات المنتدى على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ساهم في التنويه بفناني المنتدى. وهناك مشاريع قادمة لخلق مساحات تتجاوز المقيل إلى مسارح المدينة ونطاق جماهيري أوسع".

ويتابع الحسامي: "لدينا رؤية في مؤسسة (أرنيادا) نسعى لتطبيقها، فقد بدأنا بمنتدى سينمائي سمّيناه (سينما الأربعاء). وخصصنا قاعة للعروض السينمائية الأسبوعية، حيث يُردف العرض بحلقة نقاشية حول الفيلم في مدينة أُقفلت فيها دور العرض السينمائي قبل عقدين لدواع متطرفة. ونسعى لنشر الفنون بكافة أنواعها، بدءاً من الغناء وانتهاء بالمسرح".

أما مسؤول "منتدى هيمان"، الصحافي وعازف العود أحمد البكاري، فقد سلط الضوء في حديثه مع "العربي الجديد" على دور المنتدى في تعريف اليمنيين إلى التراث الغنائي، ولا سيما أن جلساته عادة ما تبدأ بأداء أغنية يمنية "يؤديها فنان يمني، ثم تُقام فقرة قراءة في التاريخ الغنائي اليمني لكتاب يمنيّين مختصين في الغناء والنقد، أو لفنانين سواء عن الأغنية الصنعانية أو العدنية أو الحضرمية، وكذلك عن الموشح اليمني، أو عن أغنية معيّنة ذاع صيتها لقراءة قصيدتها أو تركيبتها اللحنية، وعند الانتهاء من القراءة يفتح باب النقاش والتعليق، وهذا ساهم بتزايد الإقبال على مقيل المنتدى".

قراءة المقال بالكامل