مواجهات بين الأمن ومحتجين يطالبون برحيل حكومة الدبيبة في طرابلس

منذ ٣ ساعات ٩

انزلقت الاحتجاجات التي شهدها ميدان الشهداء، أكبر ساحات العاصمة طرابلس مساء الجمعة، للتنديد بالاشتباكات المسلحة التي شهدتها المدينة بداية الأسبوع الجاري، إلى أعمال شغب ومواجهات بين عدد من المحتجين وقوات الأمن، فيما نعت حكومة الوحدة الوطنية حارس أمن متأثراً بجراحه بعد إطلاق الرصاص عليه أمام مقر الحكومة. وقبل توجه المتظاهرين إلى مقر الحكومة بطريق السكة، وسط طرابلس، لمواصلة احتجاجاتهم رفع المشاركون شعارات ورددوا هتافات مختلطة ينادي أغلبها برحيل حكومة الوحدة الوطنية في ظل اتهامها بالمسؤولية عن الأحداث الدامية خلال الأيام الماضية، وأخرى تنادي برحيل كافة الأجسام السياسية وإجراء انتخابات عامة.

وأوضحت الحكومة، في بيان لها، أن الشرطي "أصيب برصاص مجهولين" أثناء تأمينه مقر الحكومة خلال تجمع المتظاهرين، معلنة أن الأجهزة الأمنية "أحبطت محاولة اقتحام نفذتها مجموعة مندسة ضمن المتظاهرين، استهدفت مبنى رئاسة الوزراء بإشعال النار باستخدام زجاجات حارقة وأدوات حديدية". وأكدت أنه تم التصدي "للمحاولة فوراً دون وقوع أضرار". وأوضحت الحكومة، في بيان نشرته منصة حكومتنا، أن مبنى رئاسة الوزراء "ليس مجرد منشأة إدارية، بل هو مركز القرار التنفيذي للدولة، ويحتوي على مستندات ووثائق سيادية تمس مصالح الشعب الليبي، واستهدافه يُعد تعديًا مباشرًا على مؤسسات الدولة ومقدّراتها".

وعرضت الحكومة خلال بيانها فيديو يظهر حجم الأضرار التي لحقت بمبنى رئاسة الوزراء، حيث تعرضت أسواره وواجهته للتكسير والعبث. وفي فيديو آخر يظهر أحد رجال الأمن وهو يصور أحد سيارات حراسات مقر رئاسة الوزراء وقد تعرضت للتكسير، فيما أعرب عن استنكاره انزلاق الاحتجاجات الى أعمال عنف. في غضون ذلك، تداولت منصات التواصل الاجتماعي عشرات الفيديوهات التي رصدت إطلاق النار على المحتجين من إحدى الجهات الجانبية للطريق المار بمبنى رئاسة الوزراء، وسط فرار المتظاهرين وتفرقهم. وفي مشاهد أخرى، ظهرت سيارات مسلحة لا تحمل شارات حكومية وهي تحاول دهس من تبقى من المتظاهرين الذين كانوا يرشقونها بالحجارة.

وفي ما يبدو تعاملاً من جانب قوات حراسة مقر رئاسة الوزراء مع متسللين حاولوا اختراق المظاهرة، أظهرت بعض الفيديوهات إطلاق أفراد الحراسة النار في اتجاه سيارة مسلحة لا تحمل شارة أمنية. ووسط إطلاق نيران كثيف ظهر في أحد المشاهد متظاهر وقد أصيب بطلق ناري، وقد قامت سيارة إسعاف بنقله على متنها، لكن وزارة الصحة بالحكومة نفت في بيان مقتضب وجود إصابات في أوساط المتظاهرين. في الأثناء، وصلت الاستقالات بين وزراء الحكومة إلى ست: نائب رئيس مجلس الوزراء رمضان أبو جناح، ووزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، ووزير الإسكان والإعمار أبوبكر الغازي، ووزير الاقتصاد محمد الحويج، ووزير الموارد المائية محمد قنيدي، ووزيرة الثقافة مبروكة توغي، بالإضافة لأربعة من وكلاء الوزارات.

وليل الأربعاء الماضي، خرج المئات من سكان طرابلس في أحيائهم للتنديد بأعمال العنف التي شهدتها المدينة بين "اللواء 444 قتال" التابع لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية و"جهاز الردع" التابع للمجلس الرئاسي، وحملوا حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية تلك الأحداث. ومساء أمس الخميس، نشر المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بياناً مقتضباً أعلن فيه أنه سيوجه كلمة "خلال الأيام المقبلة" حول تفاصيل عملية أبو سليم، و"تأجيل شرح التفاصيل احترامًا لجهود التهدئة وتفاديًا لأي تشويش أو استغلال سياسي".

وبدأ التصعيد العسكري في طرابلس مساء الاثنين، بتحشيد جهاز دعم الاستقرار عرباته المسلحة ومقاتليه في منطقة أبو سليم، معقله الرئيسي، قابله تحشيد آخر من جانب قوات وزارتي الدفاع والداخلية بالحكومة. وفي تلك الأثناء، انعقد اجتماع بين قادة المجموعات المسلحة بغرض التهدئة ووقف التصعيد. وخلال الاجتماع، قُتل قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي إثر اشتباكات اندلعت بين حراسات القادة المجتمعين، وأعقب مقتله تنفيذ قوات وزارتي الدفاع والداخلية عملية عسكرية خاطفة سيطرت خلالها على كامل مقرات الجهاز في منطقة أبو سليم.

وكانت قوة دعم مديريات الأمن، التي تكفلت بتأمين مظاهرات اليوم، قد دعت في بيان لها صباح اليوم الجمعة المواطنين إلى التظاهر بعيداً عن مقرات فصيلي الاشتباكات، مشيرة إلى تلقيها معلومات تفيد بـ"احتمال تسلل عناصر مندسة" في صفوف المتظاهرين "لإثارة الفتنة وخلق توترات قد تتسبب في عودة الاحتراب وتقويض حالة التهدئة القائمة". من جانبها، شددت البعثة الأممية في ليبيا على حق المواطنين في الاحتجاج السلمي، وحذرت من "أي تصعيد في العنف". وذكرت، في بيان لها مساء اليوم الجمعة، جميع الأطراف بالتزاماتهم بحماية المدنيين. وقالت البعثة إن "استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين يُعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، وقد يرقى إلى جرائم يعاقب عليها القانون الدولي".

وفي أول تعليق لها أثناء الاحتجاجات، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية بيانا أكدت فيه أن حق التظاهر مكفول للمواطنين "ضمن الأطر القانونية واحترام مؤسسات الدولة"، مشيدة بدور وزارة الداخلية بحماية المتظاهرين وتأمين ظروف تظاهرهم. وبشأن مطالب المتظاهرين بإسقاطها، قالت الحكومة: "نجدد رؤيتنا بأن تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا يمر عبر إنهاء جميع الأجسام التي جثمت على السلطة منذ أكثر من عقد، وأسهمت في إطالة أمد الانقسام السياسي وتعطيل بناء الدولة"، في إشارة لضرورة إسقاط كل الأجسام السياسية في المشهد الليبي.

وأضافت الحكومة في بيانها: "إنهاء المجموعات المسلحة والانحياز الكامل إلى أجهزة الشرطة والأمن النظامية، هما مطلب شعبي واسع يشكّل حجر الأساس لبناء دولة القانون والمؤسسات". وحول استقالة عدد من وزرائها، قالت الحكومة إن "ما ينشر بشأن استقالة وزراء ووكلاء لا يعكس الحقيقة، وكافة الوزراء يواصلون عملهم بصفة طبيعية". وفي نفي ضمني لعدم قبولها استقالة الوزراء الذين أعلنوا عن استقالاتهم، أوضحت الحكومة بقولها: "أي قرارات رسمية تصدر حصرياً عبر القنوات المعتمدة، وليس من خلال منشورات غير موثوقة".

قراءة المقال بالكامل