موسكو والدوحة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بعد زيارة أمير قطر

منذ ٢٠ ساعات ١٠

تفتح الزيارة التي أجراها أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى روسيا الباب على مصراعيه أمام تعزيز العلاقات بين موسكو والدوحة، وسط تنامٍ تدريجي للاستثمارات القطرية في روسيا عبر جهاز قطر للاستثمار. وفي وقت لم تركز فيه القمة الروسية القطرية على الملف الأوكراني الذي تؤدي فيه الدوحة دور الوساطة لإعادة لم شمل العائلات الروسية والأوكرانية، عبر إعادة أطفال روس وأوكرانيين إلى ذويهم، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في بداية القمة في قصر الكرملين الكبير، بتطور العلاقات الروسية القطرية، لافتاً إلى أن "قطر شريك رئيسي" في أكبر شركة نفط روسية "روس نفط" (حكومية)، وضُخّت استثمارات قطرية بقيمة نحو مليار دولار في روسيا عبر الصندوق الروسي للاستثمار المباشر، مقراً في الوقت نفسه بأن "الآفاق أكبر بكثير".

ومن بين الاتفاقات الموقعة بحضور بوتين وأمير قطر أمس الخميس، الاتفاقية بين الصندوق الروسي للاستثمار المباشر وجهاز قطر للاستثمار حول إنشاء منصة استثمارية مشتركة تركز على المشاريع في قطاع التكنولوجيا. وقال الصندوق الروسي للاستثمار المباشر في بيان: "يدشن الصندوق الروسي للاستثمار المباشر وجهاز قطر للاستثمار توسيع الشراكة، مع التركيز على الاستثمار في المشاريع في مجال التكنولوجيا والرعاية الصحية وإنتاج المعادن وغيرها من القطاعات موضع الاهتمام المشترك، مع إنشاء منصة استثمارية جديدة بقيمة ملياري دولار، بواقع مليار دولار يوفرها كل طرف".

وهذه ليست أول مرة يطلق فيها الصندوق منصة استثمارية مشتركة، إذ سبق لهما إنشاء منصة مماثلة بقيمة أربعة مليارات دولار في عام 2014، وهي تجري حالياً استثمارات في مختلف المشاريع في روسيا، بما في ذلك في مجالات الخدمات المالية والمصرفية، والذكاء الاصطناعي، وإنتاج المعادن، واللوجستيات، والنقل، وغيرها.

ويجزم رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط الأستاذ الزائر في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو مراد صادق زاده بأن الدفع بالعلاقات التجارية الاقتصادية هيمن على محادثات أمير قطر إلى موسكو، مستشهداً في ذلك بتشكيلة الوفد القطري الذي ضم عدداً من كبار رجال الأعمال ومسؤولين في الوزارات المعنية بشؤون الاقتصاد.
ويقول صادق زاده في حديث لـ"العربي الجديد": "روسيا شريك مهم للدوحة، ليس فقط من وجهة نظر الأمن الغذائي والبتروكيماويات، بل هناك أيضاً مجال للدفع بالمشاريع المشتركة في المجالات الواعدة، مثل الزراعة والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، ما سيعزز السيادة الرقمية لدولة قطر. وعلاوة على ذلك، قد تنوع قطر اقتصادها عبر الانضمام إلى مشروع ممر النقل الدولي الشمال - الجنوب الرابط بين آسيا وأوروبا، بينما يمكن للشركات الروسية اعتماد قطر محطة للتوسع التجاري - الاقتصادي في بلدان المحيط الهندي وحتى أفريقيا".

ويقر صادق زاده بأن الأرقام الحالية للتجارة البينية لا تعكس إمكانات البلدين، مضيفاً: "لم يتخط حجم التبادل التجاري في العام الماضي 100 مليون دولار، ما يفرض على البلدين الدفع بالعلاقات، خاصة أن روسيا تبحث عن شركاء بدلاء للدول الغربية، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمارات والشركات القطرية للتوسع في السوق الروسية، بما لا يقتصر على قطاع الطاقة".

من جهتها، أشادت صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، بنجاح دول الخليج في تنويع اقتصاداتها وإحداث نمو لقطاعاتها غير النفطية، مستشهدة في ذلك بتقديرات لخبراء المنتدى الاقتصادي العالمي. وتشير الصحيفة إلى أن مجلس التعاون الخليجي "يمر بمرحلة مهمة من التحول الاقتصادي تتمثل في الانتقال من الاعتماد تاريخياً على النفط إلى اقتصاد أكثر تنوعا وجاذبية للاستثمار".

وفي مقال، لفتت الصحيفة إلى أن دولة قطر أطلقت قبل استضافتها كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 برنامجاً منح سمات إقامة مدتها خمس سنوات بهدف جذب المستثمرين الأجانب. ونقلت الصحيفة عن سفير دولة قطر لدى روسيا الشيخ أحمد بن ناصر آل ثاني قوله: "هناك نحو 180 شركة روسية تعمل في السوق القطرية، بما فيها 14 شركة مسجلة في المناطق الاقتصادية الحرة، وست شركات مملوكة بالكامل، و105 شركات ذات رأس مال مشترك، و51 شركة مسجلة في مركز قطر للمال".

في المقابل، تقدر الاستثمارات القطرية في الاقتصاد الروسي حاليا بنحو 13 مليار دولار، كما أجرى جهاز قطر للاستثمار في نهاية عام 2016 أكبر صفقة خصخصة في تاريخ روسيا عبر الاستحواذ على 19.5% من أسهم "روس نفط" بقيمة تفوق عشرة مليارات يورو ضمن تحالف مع شركة غلينكور السويسرية لتجارة النفط. ومن بين أبرز الاستثمارات القطرية في روسيا، مشاركة جهاز قطر للاستثمار في إصدار أسهم إضافية لمصرف "في تي بي" الحكومي (ثاني أكبر مصرف في روسيا) بقيمة 500 مليون دولار في عام 2013، وكذلك استحواذه على حصة قدرها 25% في مطار "بولكوفو" في العاصمة الشمالية سانت بطرسبورغ.

يذكر أن  أمير قطر سبق أن أجرى مجموعة من الزيارات إلى روسيا خلال عقد مضى، بما في ذلك في يناير/كانون الثاني 2016، وفي مارس/آذار 2018، وكذلك لحضور نهائي المونديال في يوليو/تموز من العام نفسه. وفي منتصف العام الماضي، التقى أمير قطر الرئيس بوتين على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة الكازاخية أستانة.

قراءة المقال بالكامل