هجوم على الرئيس الأيرلندي هيغينز بعد ذكره غزة في ذكرى الهولوكوست

منذ ٢ شهور ٥٦

تعرّض الرئيس الأيرلندي مايكل دي هيغينز لهجوم من جهات مناصرة للاحتلال الإسرائيلي، بعدما ألقى أمس الأحد كلمة خلال فعالية تذكارية للهولوكوست في دبلن، تحدث خلالها عن "هذا الفصل المظلم في التاريخ الأوروبي"، فضلاً عن تسليط الضوء على المعاناة الحالية في غزة. وقال هيغينز: "من المأمول أن يرحب أولئك في إسرائيل الذين ينعون أحباءهم، وأولئك الذين كانوا ينتظرون إطلاق سراح الرهائن (المحتجزين الإسرائيليين في غزة)، أو الآلاف الذين يبحثون عن أقاربهم بين الأنقاض في غزة، بوقف إطلاق النار الذي طال انتظاره، والذي جرى دفع ثمنه باهظاً للغاية".

وقال هيغينز: "إن الحزن الذي أصاب الأسر نتيجة للأعمال المروعة التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والرد عليها، أمر لا يمكن تصوره، فقدان أرواح المدنيين، وأغلبهم من النساء والأطفال، ونزوحهم، وفقدان منازلهم، والمؤسسات الضرورية للحياة ذاتها. فكيف يمكن للعالم أن يستمر في النظر إلى الأطباق الفارغة التي يملؤها الجوعى؟". وواجه هيغينز انتقادات من بعض زعماء الجالية اليهودية في أيرلندا، الذين اعترضوا قبل الحدث على خطابه الرئيسي يوم الأحد بسبب التعليقات السابقة التي أدلى بها حول غزة، بما في ذلك التصريحات التي أدلى بها في النصب التذكارية الستة السابقة. وبدأ الرئيس الأيرلندي خطابه في إحياء ذكرى يوم الهولوكوست، ويصادف هذا العام مرور 80 عاماً على نهاية الحرب العالمية الثانية، بالترحيب باثنين من الناجين المتبقين من الهولوكوست في أيرلندا، تومي رايخنتال وسوزي دايموند، اللتين التقط معهما الصور قبل إلقاء كلمته. كما ذكّر تجربته المؤثرة في زيارة نصب تذكاري لمعسكر الاعتقال أوشفيتز بيركيناو في بولندا عام 2020.

وأعرب الرئيس الأيرلندي عن أمله في أن تولد من أهوال الهولوكوست دروس تنطبق على الفترة الحالية من "الاستبداد السياسي المتصاعد والاستقطاب والعنف"، مضيفاً: "إن مثل هذه الأجواء تهدد الديمقراطية وتعزز العنصرية والانقسام والاستبعاد". وتابع: "بدلاً من بذل جهد متضافر لبناء عقل حرب، فإن ما تحتاجه البشرية الآن هو بناء عقل سلام"، معتبراً أنه "سيكون عملاً صعباً، لكن يجب أن نتعاون لتصور السلام وتحقيقه". ثم انتقل إلى أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2025 والحرب العسكرية الإسرائيلية التي تلت ذلك.

وعند ذكر غزة على وجه التحديد، وقف العديد من أفراد الجمهور المناصرين لإسرائيل احتجاجاً، وأدار بعضهم ظهورهم للمنصة، وغادر آخرون. وبينما واصل هيغينز إلقاء خطابه، جرى إخراج ليور تيبت، وهي إسرائيلية تعيش في أيرلندا منذ سبع سنوات، من الغرفة، حسبما ذكرت صحيفة "آيريش تايمز". وقال هيغينز إنه يأمل أن يتطور وقف إطلاق النار إلى اتفاق أوسع بين الجانبين، وأن "يجلب السلام والأمن الحقيقيين لإسرائيل وفلسطين والمنطقة ككل، وهو السلام الذي سيعالج الأسباب الجذرية للصراع، وكذلك عواقبه، ويرتكز على احترام حقوق الإنسان".

في الأسابيع التي سبقت إحياء الذكرى، دعا بعض الزعماء اليهود مؤسسة تعليم الهولوكوست في أيرلندا (HEI)، التي تنظم الاحتفال كل عام، إلى إلغاء دعوتهم لهيغينز لإلقاء الخطاب الرئيسي. ففي مقابلة سابقة مع "آيريش إندبندنت"، قالت السفيرة الإسرائيلية المنتهية ولايتها في أيرلندا، دانا إيرليتش، إنها تعتقد أن وجود هيغينز على المسرح "سيكون تشتيتاً غير ضروري للانتباه". واعتبرت إيرليتش أنه "انتقد إسرائيل بشكل خاطئ. لقد ساعد في نشر المعلومات المضللة والتحريض ضد إسرائيل"، على حد زعمها.

ورغم حديثه عن "آماله في السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين" والإفراج عن جميع الأسرى، فقد انتقد العديد من الإسرائيليين خطابه واتهموه بـ"اختطاف" حدث الهولوكوست لتسليط الضوء على قضية غزة. وانتقد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، جدعون ساعر، في منشور على منصة "إكس"، خطاب هيغينز ووصفه بأنه "استفزاز حقير رخيص". ودافع زعيم حزب "فاين جايل"، سيمون هاريس، أحد أهم أحزاب يمين الوسط في أيرلندا، عن خطاب الرئيس، قائلاً إنه تحدث بوضوح ضد أهوال الهولوكوست، وكان عنصراً أساسياً في تكريم شهداء غزة. وقال: "أعتقد أنه كان من المهم أن يحضر رئيس أيرلندا الحدث أمس. أعتقد أنها المرة السابعة التي يحضر فيها الحدث، وهذا حدث يجري تنظيمه دائماً بقدر كبير من الجدية والحساسية". وأضاف "أعتقد أن الرئيس كان واضحاً للغاية فيما يتصل بقضايا محددة تتعلق بالهولوكوست وإدانته المطلقة لهذا الرعب وقتل الشعب اليهودي، ولكنني أعتقد أيضاً أنه أشار بحق إلى الوضع في الشرق الأوسط".

وكان لافتاً حديث رئيس مؤسسة تعليم الهولوكوست في أيرلندا، توم أوداود، الذي كان أحد منظمي حدث إحياء الهولوكوست، عن الحرب خلال خطابه، وتحدث عن أهمية منع وقوع إبادة جماعية أخرى. ورفضت مؤسسة تعليم الهولوكوست الأيرلندية دعوات من جهات مناصرة لإسرائيل باستضافة عائلة طفلة كانت محتجزة سابقة في غزة وجرى إعادتها، للتحدث في هذا الحدث.

ووصف العديد من خبراء القانون الدولي وحقوق الإنسان ومؤسسات دولية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها إبادة جماعية، حيث أدت لاستشهاد أكثر من 47 ألف فلسطيني، وشردت ما يقرب من جميع السكان، فيما تستمر محكمة العدل الدولية في النظر بقضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية. وكان هيغينز منتقداً صريحاً للحرب الإسرائيلية على غزة، ودعا مراراً وتكراراً إلى وقف إطلاق النار لإنهاء إراقة الدماء، حيث اتهمه السياسيون الإسرائيليون بـ"معاداة السامية"، وهي التهمة التي رفضها خصوم هيغينز السياسيون في أيرلندا بشدة. وفي إظهار للتضامن مع شعب غزة، اعترفت أيرلندا مؤخراً بدولة فلسطين، وقالت إنها ستنضم إلى جنوب أفريقيا في متابعة قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

وردت إسرائيل بإغلاق سفارتها في دبلن، واتهم السياسيون ووسائل الإعلام الإسرائيلية الشعب الأيرلندي مراراً وتكراراً بمزاعم "معاداة السامية" بسبب دعمهم الشعب الفلسطيني. وأدانت الحكومة الأيرلندية أيضا حرب إسرائيل العدوانية على لبنان، حيث استهدفت قوات حفظ السلام الأيرلندية في جنوب لبنان أيضاً، وأصيبوا في قصف إسرائيلي.

قراءة المقال بالكامل