هل تنتقم السعودية من تجاوزات أعضاء في أوبك؟

منذ ٦ ساعات ١١

حذرت تقارير اقتصادية غربية من أن صبر السعودية على خرق دول عديدة في منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك" لسقف الانتاج، خاصة العراق والإمارات وكازخستان، ما أدى لخفض أسعار النفط وتهديد مشاريعها ورؤية 2030، سينتج عنه توجيه الرياض "ضربة في مقتل" لأسواق النفط، وعدم التزامها بوضعها كرمانة الميزان للسوق النفطي العالمي.

وحذر المحلل المالي والاستثماري أليكس كيماني في تحليل لمواقع "أويل برايس" 14 إبريل/نيسان الجاري من أن الضربة السعودية لأسواق النفط في مقتل تقترب، وقد تفاجأ بها دول أوبك خاصة بسبب تجاوزات الدول الثلاث.

وأكد أن إعلان ثماني دول من تحالف (أوبك+) عن خطط لإنهاء تخفيضات الإنتاج الطوعية من خلال زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا في مايو/أيار المقبل، حسبما كشفت وكالة "رويترز" يوم 4 أبريل الجاري، سيدفع السعودية للتخلي عن دورها التقليدي منتجا موازنا للإنتاج والأسعار في أوبك، وأن هذه الخطوة السعودية المرجحة، "تستهدف توجيه رسالة قوية ضد الدول التي انتهكت اتفاقيات خفض الإنتاج مثل كازاخستان والإمارات والعراق" خصوصا.

ويشير تحليل "أويل برايس" إلى أن قيام هذه الدول الثلاث، التي أزعجت السعودية، بعدم التقيد بحصص الإنتاج، بما يعادل ثلاث زيادات شهرية دفعة واحدة، بجانب فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية على شركاء تجاريين، مما عمق الصدمة في أسواق النفط، سوف يعجل بالخطة السعودية القاتلة لأسواق النفط، ما يعني انهيار الأسواق على الجميع طالما أن دولاً تخرق اتفاق مجموعة "أوبك+".

تتحمل السعودية ما مقداره مليونا برميل يوميًا من أصل 2.8 مليون برميل يوميًا من تخفيضات إنتاج أوبك، ومن أصل 3.15 ملايين برميل يوميًا من إجمالي تخفيضات (أوبك+)

وكانت صحيفة "فايننشال تايمز" أكدت في سبتمبر/أيلول الماضي أن "السعودية مستعدة للتخلي عن هدفها غير الرسمي المتمثل في الحفاظ على سعر النفط عند 100 دولار للبرميل، واستعدادها لزيادة الإنتاج، ما يعكس قبولها بفترة طويلة من انخفاض الأسعار".

وتتحمل السعودية حاليًا ما مقداره مليونا برميل يوميًا من أصل 2.8 مليون برميل يوميًا من تخفيضات إنتاج أعضاء أوبك، ومن أصل 3.15 ملايين برميل يوميًا من إجمالي تخفيضات (أوبك+)، أي أن المملكة تساهم بأكثر من ضعف مساهمة مجموعة أوبك+ مجتمعة، ولا تقوم سوى السعودية والكويت بتخفيض الإنتاج بنسبة أرقام مزدوجة، فيما جزء كبير من انخفاض إنتاج أعضاء أوبك+ الآخرين لا يُعد طوعيًا، إنما هو ناتج من عدم قدرتهم على الوفاء بحصصهم الإنتاجية.

ويشير تقرير "أويل برايس" إلى أن ضخ مزيد من النفط في الأسواق يكلّف أكبر منتج في أوبك (السعودية) ثمنًا باهظًا، فبحسب صندوق النقد الدولي، تحتاج السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في مجلس التعاون الخليجي، إلى سعر يبلغ 96.20 دولارًا للبرميل لمعادلة ميزانيتها، وتنفيذ طموحات "رؤية 2030" التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان.

لكن الوضع تفاقم بسبب تحمل المملكة للجزء الأكبر من تخفيضات إنتاج "أوبك+" في السنوات الماضية، حيث تضخ السعودية حاليًا 8.9 ملايين برميل يوميًا، وهو أدنى مستوى منذ 2011، ما يعني أنها تبيع كميات أقل من النفط بأسعار أقل، مما يزيد من العجز في الإيرادات والموازنة العامة.

وقالت الخبيرة في مجال النفط والغاز إيرينا سلاف، في تقرير كتبه في الثامن من سبتمبر الماضي، إنه يمكن للمملكة أن توقف أو تؤجل تنفيذ خطة رؤية 2030، وربما تتحول إلى رؤية 2040 أو حتى رؤية 2050 إذا لم تتجاوب أسواق النفط"، وأن تحمل بعض الألم في أسواق النفط لتلقين الدول المخالفة في أوبك درسا. وأوضحت أن "السعودية تمتلك خيارات تمويل بديلة لتجاوز فترة انخفاض الأسعار، مثل السحب من احتياطيات النقد الأجنبي أو إصدار ديون سيادية".

تهدف السعودية إلى الاستفادة من الرسوم الجمركية المنخفضة في الولايات المتحدة لتنمية التصنيع والاستثمار بكثافة في التعدين لتعزيز الإيرادات غير النفطية

وتهدف السعودية إلى الاستفادة من الرسوم الجمركية المنخفضة في الولايات المتحدة لتنمية التصنيع والاستثمار بكثافة في التعدين لتعزيز الإيرادات غير النفطية. ويقول خبراء إن السعودية يمكن أن تستفيد وتستغل الرسوم الجمركية المنخفضة التي فرضها ترامب على دول مجلس التعاون الخليجي لتتحول إلى مركز صناعي إقليمي، إذ إن الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون (السعودية، الإمارات، البحرين، قطر، الكويت، وعُمان)، ستدفع رسومًا جمركية بنسبة 10% فقط لأميركا.

وبحسب عادل همزية، الخبير الخليجي في مبادرة الشرق الأوسط بمركز "بلفر" التابع لجامعة هارفارد، لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني 10 أبريل الجاري: "سيؤدي ارتفاع الرسوم الجمركية في بعض الدول ونقصها في دول الخليج إلى أن نشهد تحولًا متزايدًا في الأعمال نحو منطقة الخليج، سواء من خلال تقارب سلاسل التوريد أو من خلال الشراكات الودية".

ووفق إلين والد، مؤسسة شركة "ترانزفرسال كونسالتينغ" للاستشارات في مجال الطاقة، لـ "ميدل إيست آي": "يجب على السعودية إرسال ممثليها التجاريين إلى إدارة ترامب الآن، وسؤالهم: "ما الذي كانت توفره لكم الصين؟ أخبرونا وسنصنعه في السعودية ونقدم لكم صفقة تجارية ممتازة"، إذ إن التصنيع جزء من رؤية 2030، ولدى المملكة ميزة كبيرة في هذا المجال، بحسب تقارير اقتصادية غربية، فعلى عكس أوروبا، تمتلك السعودية طاقة رخيصة بكثرة، ومساحات مفتوحة شاسعة، وتشريعات تنظيمية محدودة. كما تُسرّع السعودية تنفيذ خططها التعدينية البالغة 2.5 تريليون دولار لتنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على النفط، بالتزامن مع استثمارات في تقنيات لتحسين كفاءة إنتاج النفط وتقليل الانبعاثات الكربونية.

وبات التعدين الآن ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة لتقليص الاعتماد على النفط، وتسعى إلى استغلال احتياطياتها الضخمة من الفوسفات والذهب والنحاس. وكشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، خريف العام الماضي، أن تقديرات احتياطيات المملكة ارتفعت بنسبة تقارب 90% من 1.3 تريليون دولار قبل ثماني سنوات إلى 2.5 تريليون دولار حاليًا، وتهدف السعودية إلى زيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي من 17 مليار دولار إلى 75 مليار دولار بحلول عام 2035.

ووقعت المملكة العام الماضي تسع اتفاقيات استثمارية في قطاعي المعادن والتعدين بقيمة تجاوزت 35 مليار ريال (9.32 مليار دولار) لبناء سلاسل توريد محلية للمعادن الحيوية، وأُعلن عن هذه الاتفاقيات ضمن مبادرة المملكة العالمية لسلاسل التوريد بالتعاون مع شركة فيدانتا الهندية العملاقة للتعدين ومجموعة "زيجين" الصينية.

قراءة المقال بالكامل