رحلت المعمرة الصينية «دو هوتشن» عن عمر يناهز 103 أعوام، في منزلها المتواضع بمقاطعة قويتشو جنوب غرب الصين، تاركة خلفها قصة وفاء استثنائية امتدت لأكثر من ثمانية عقود، إذ قضت حياتها تنتظر عودة زوجها «هوانغ جونفو» الذي غادر للعمل في الخارج بعد زواجهما عام 1940 ولم يعد أبدًا تاركًا إياها مع ابنهما الوحيد وذكريات رسائل انقطعت آخرها عام 1952.
تزوجت «دو هوتشن» التي كانت تكبر زوجها بثلاث سنوات، من هوانغ جونفو في عام 1940، وبعد أشهر قليلة من زواجهما، انضم هوانغ إلى جيش الكومينتانغ وغادر للمشاركة في معارك عبر البلاد، في عام 1943، تمكنت «دو» من الانضمام إليه لفترة وجيزة أثناء خدمته العسكرية، لكنها عادت إلى مسقط رأسها حاملة بابنهما، هوانغ فاشانغ، الذي وُلد في يناير 1944، حتى عاد «هوانغ» لفترة قصيرة لحضور جنازة والدته، لكنه غادر مرة أخرى للانضمام إلى الجيش، ومنذ ذلك الحين لم تره دو مجددًا، وفق ما نقلته صحيفة «South china morning post».
ظلت «دو هوتشن» متمسكة بأمل عودة زوجها، رافضة عروض الزواج الأخرى، متمسكة بوعده الأخير في رسالته المؤرخة 15 يناير 1952، حيث كتب لها: «سأعود يومًا ما، اجعلي تعليم فاشانغ أولوية مهما كانت الظروف صعبة» حتى عملت «دو» بجد في الزراعة وصناعة الأحذية القشية لتأمين حياة كريمة لابنها، الذي أصبح لاحقا مدرسا في المدرسة الإعدادية قبل وفاته في 2022.
وفقًا لعائلتها، توفيت «دو هوتشن» وهي تمسك بغطاء وسادة قديم استخدمته يوم زفافها عام 1940، كأنها تحتفظ بآخر ذكرى ملموسة من زوجها، ولم يُحدد سبب الوفاة في بيان العائلة، لكنهم أشاروا إلى أنها رحلت «بسلام» كما لو أنها شعرت أخيرا بلقاء زوجها في عالم آخر «كانت دائمًا متفائلة، تقول إنه سيأتي يومًا ما، واستمرت في الانتظار حتى آخر لحظة» وفق ما قالته حفيدتها هوانغ ليينغ.
أثارت قصة «دو هوتشن» إعجاب وتأثر الكثيرين في الصين وخارجها، حيث رأى البعض فيها رمزا للوفاء والصبر في عصر تتغير فيه القيم بسرعة، وعاشت دو حياة بسيطة في قريتها الريفية، محاطة بالجبال والهواء النقي، بعيدًا عن صخب المدن، لكنها لم تتخلَ عن بيتها القديم الذي شهد بداية حياتها الزوجية وكان شاهدًا على سنوات انتظارها الطويلة.