أحيا فلسطينيو الداخل اليوم الجمعة، ذكرى يوم الأرض التاسعة والأربعين، والتي تحل بعد غد الأحد، في الثلاثين من مارس/آذار. وقررت "لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48"، تقديم موعد المسيرة المركزية التي استضافتها مدينة عرابة البطوف إلى اليوم، بدلاً من الأحد، كون الذكرى تحل هذا العام عشية عيد الفطر. وسبق المسيرة زيارات لعائلات وأضرحة شهداء يوم الأرض، كما من المنتظر تنظيم فعاليات محلية في عدة بلدات.
وتعود أحداث يوم الأرض إلى عام 1967، عندما هبّ فلسطينيو الداخل في وجه سياسات مصادرة الأراضي والاقتلاع والتهويد التي اتبعتها المؤسسة الإسرائيلية، ما أسفر عن ستة شهداء في سخنين، وعرابة، ودير حنا، وكفركنا، والطيبة، هم خير ياسين (23 عاماً)، من عرابة البطوف، ورجا أبو ريا (23 عاماً)، وخضر خلايلة (27 عاماً)، وخديجة شواهنة (23 عاماً)، من سخنين، ومحسن طه (15 عاماً)، من كفركنا، ورأفت علي زهيري (19 عاماً)، من نور شمس.
وجرت المسيرة اليوم وسط إجراءات مشددة من الشرطة الإسرائيلية، في عهد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والتي هددت المسؤولين عن تنظيم المسيرة باقتحامها واستخدام القوة لتفريقها في حال رُفع العلم الفلسطيني. وانتشر عناصر من شرطة حرس الحدود في مدينة عرابة قبل انطلاق المسيرة، فيما رافقها بعضهم عن كثب في مشهد استفزازي غير مألوف في الأعوام الأخيرة، إذ عادة ما تحرص الشرطة، خاصة منذ الانتفاضة الثانية في عام 2000، على الانتشار على مشارف البلدات التي تستضيف المسيرة القُطرية، لكن ليس داخلها، تفادياً للاحتكاك مع المشاركين وتدهور الأمور إلى اشتباكات وهبة جماهيرية.
وفتّشت الشرطة قبل ذلك حافلات قادمة إلى المسيرة، وصادرت لافتات والعلم الفلسطيني، في خطوة قمعية. واعتبر رئيس لجنة المتابعة محمد بركة في كلمته، أن "شعب يوم الأرض انتصر للأرض وانتصر ليوم الأرض، وأصرّ على أن تكون شعاراته مرفوعة وعالية في هذا اليوم"، رغم كل الظروف الأمنية والمناخ المشحون، كما حملت عناوين واضحة، في "وقوف الجماهير العربية (في الداخل) إلى جانب شعبنا في غزة ضد الإبادة والتهجير، ومع أهلنا في الضفة الغربية والداخل في مواجهة القتل والهدم اليومي والجريمة"، مؤكداً أن هذه المناسبة الوطنية تؤكد "وحدة أبناء شعبنا في كل أماكن وجودهم، حول قضاياه المصيرية ومستقبله المشترك".
ووصف بركة مشهد عناصر الشرطة بأنه استثنائي وغير مسبوق، ويهدف إلى الترهيب، ولم يحدث مثله منذ عشرين عاماً، وذلك "لإرضاء شخص مهووس مصاب بعنصرية عميقة، اسمه بن غفير". وفي بيان لها، أشارت لجنة المتابعة إلى أن ذكرى يوم الأرض في هذا العام، تحمل رسائل ضد حرب الإبادة في غزة، والتمييز العنصري، والجريمة المنظّمة المدعومة من السلطات الإسرائيلية في الداخل. وجاء في البيان: "إن الذكرى الـ49 ليوم الأرض الخالد، تحل علينا مع استمرار واستفحال حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني في وطنه، في محاولة بائسة للقضاء على قضيته الوطنية، بدعم دولي مفضوح، وفي ظل استفحال سياسات التمييز العنصري والبطش والملاحقات السياسية، وضمن هذا استخدام الجريمة المستفحلة في مجتمعنا أداة ضرب غليظة، بدعمها لعصابات الإجرام وانتشار السلاح، طالما أن ضحاياه من العرب".
وأضاف البيان: "هذه الذكرى الثانية ليوم الأرض التي تحل علينا في ظل حرب الإبادة في قطاع غزة، وأيضاً في الضفة الغربية المحتلة التي يستفحل فيها العدوان والاقتلاع، ونسخ الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، إلى الضفة الغربية، من قتل وتشريد وتدمير. وفي ظل استفحال التواطؤ الدولي... وهنا نؤكد مجدداً، أن شعبنا الفلسطيني مرّت عليه الكوارث العديدة، وأولها كارثة نكبة العام 1948 المستمرة، لكنه لن يرضخ، ولن ينهزم أمام كل هذه المخططات، ويصر على حقه المشروع في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس، والعودة".
ولفت بيان المتابعة إلى أنه "منذ شن حرب الإبادة (في غزة)، اشتدت أكثر الملاحقات السياسية (في الداخل)، والتحقيقات الترهيبية، والاعتقالات، والمحاكمات، وفرض الأحكام الجائرة، في سعي لإسكاتنا، وألا نقوم بالدور الكفاحي الطبيعي بالأدوات القانونية المتاحة، من مظاهرات وحرية تعبير، وازداد تضييق الخناق علينا. وبموازاة هذا، تستفحل سياسات التمييز العنصري في توزيع الميزانيات والموارد، ويستمر تضييق الخناق على بلداتنا العربية، ورفض توسيع مناطق نفوذها، بأجزاء مما سلب منها على مر السنين الماضية، كي لا يكون مكاناً للبناء، والتطور. وقضية الأرض تبرز منذ سنوات في بلدات النقب التي تواجه مخططات الاقتلاع، وتم تنفيذ أجزاء منها، ويجري الإسراع لتنفيذ المزيد".
من جانبه، أصدر التجمّع الوطنيّ الديمقراطي، بياناً عشية الذكرى الـ49 ليوم الأرض، الذي يأتي "في ظل هجمة غير مسبوقة على شعبنا الفلسطيني، تتجلى في حرب الإبادة الوحشية في غزة، وتصعيد الاستيطان والقتل والتهجير في الضفة الغربية، واستفحال سياسات القمع والتمييز العنصري والجريمة المنظمة في الداخل الفلسطيني"، وفق ما جاء في البيان.
وشدّد التجمع على أنّ "هذه السياسات لا تستهدف فقط أرضنا وحقوقنا، بل تسعى لضرب وعينا الوطني، وتفكيك مجتمعنا، وتشويه هويتنا الجماعية، في محاولة لإضعاف إرادتنا وصمودنا". وأضاف: "إن يوم الأرض لم يكن مجرد محطة تاريخية، بل هو تأكيد أن نضالنا من أجل البقاء والصمود والحريّة مستمر، وأن شعبنا يرفض الخضوع لكل محاولات القمع والترعيب والاقتلاع. في هذه الذكرى، نؤكد أن الردّ على الجرائم التي تُرتكب بحقنا يكون بمزيد من الصمود، والوحدة، والتشبث، بحقوقنا الوطنية والمدنية، وبتصعيد النضال الشعبي ضد الاحتلال والاستعمار والعنصرية".
