د. أمــل الجمل
دُعيت لمناقشة رواية «سادن المحرقة» - الجزء الثاني من رواية «قناع بلون السماء» ثلاثية المرايا - للروائي الفلسطيني الأسير باسم خندقجي. الحقيقة، لم تتوقف الدعوة عند كونها فرصة للتعرف على أسلوب روائي فلسطيني ماهر، يتجاوز أسوار السجن وقسوة السجان فيكتب بحرية عن تيمات مغايرة لهموم السجين. أعجبتني لغته وخياله ومهارته في التلاعب باللغة وتوظيفها في دلالات موحية، وإن كان لي بعض التحفظ عليها، يمكن التطرق إليها - جميعاً - في مقال تحليلي خاص بها.
لكن، تلك الدعوة الكريمة بمقر سفارة دولة فلسطين بالقاهرة - في إطار الدورة الثالثة من صالون فلسطين الثقافي تحت شعار «سلام لغزة» - منحتني إطلالة جميلة على الإبداع المنسوج بعقول فلسطينية، وفي مقدمتها افتتاح معرض رسوم فنية لأطفال من قطاع غزة، بعضهم فقدوا ذويهم، فعبر الأطفال عن وجعهم خلال حرب الإبادة الجماعية. الفكرة ذاتها التي تم تنفيذها تعتبر خطوة مهمة على طريق العلاج لهؤلاء الأطفال من صدمات تلك الحرب المروعة.
أيضاً، كان من بين الإشهارات والمناقشات - لـــ 9 إصدارات فكرية وبحثية - مطالعة قضايا إشكالية هامة تخص الأرض والحيازات وكيف استحوذ العدو الصهيوني على الأراضي الفلسطينية بالتزييف والتلاعب، والتي يطرحها كتاب «تطور وحيازة الأراضي الزراعية في فلسطين»، إذ يتطرق لحفاظ الفلسطينيين على أرضهم ما قبل النكبة، وتوثيق كافة المراحل التي عاصرها الفلاحون الفلسطينيون ما قبل النكبة واستماتتهم للحفاظ على أرضهم، وكيف عانت الأرض الفلسطينية من قرصنة الاستعمار البريطاني حتى استيلاء الاحتلال الإسرائيلي عليها خلال النكبة.
أثناء ذلك، استعانت المؤلفة الباحثة بالدلائل القانونية المادية بكيفية ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه ليشهد العالم صموده، وليشهد العالم بالقانون الدولي الألاعيب التي مورست للتحايل وسرقة الأرض الفلسطينية من أصحابها من خلال تحالف الاحتلال والانتداب بما يدحض الدعايا الصهيونية. كانت وراء هذا الجهد الخرافي - في مجلدين كبيرين - سيدة عظيمة رغم سنوات عمرها المديدة لكنها قامت بجهد وبحث وتنقيب وتدقيق لا يقدر عليه سوى الشباب. إنها د. هند البديري.
أعجبني، كذلك مناقشة كتاب «العلاقات السوفيتية الإسرائيلية في ميزان القضية الفلسطينية« للباحثة د. شيماء حمزة خطاب، وتقديم د. أشرف مؤنس. الكتاب كان مفاجأة لي عن دور الاتحاد السوفيتي في نشأة إسرائيل ودعمها، ثم اختلافهما لاحقاً وفق الموقع من سياسة القطبين.
