صعود الذكاء الاصطناعي لا يخدش إرث ميازاكي

منذ ١ شهر ٣٦

قد يتولى الذكاء الاصطناعي وظائف فناني الرسوم المتحركة اليابانيين، لكن لا شيء يمكن أن يحلّ محلّ موهبة هاياو ميازاكي، العقل الإبداعي لاستوديو غيبلي الياباني، على ما قال نجله غورو لوكالة فرانس برس.

بعد إصدار النسخة المحدثة من "تشات جي بي تي"، شهدت الصفحات الإلكترونية سيلاً من الصور والميمات التي أُنشئت بأسلوب استوديو الرسوم المتحركة الشهير، المعروف بتنفيذه أفلاماً شهيرة بينها "ماي نيبر توتورو" و"بوركو روسو" و"برنسس مونونوكي". ويُبدي غورو ميازاكي اعتقاده بأن الذكاء الاصطناعي قد "يحلّ محلّ" صنّاع المحتوى يوماً ما، قائلاً إنه "لن يكون مفاجئاً إذا أنتج فيلم (رسوم متحركة) بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي خلال عامين"، كما فتحت هذه الموجة من الصور واسعة الانتشار التي أنشئت بواسطة البرنامج التابع لشركة أوبن إيه آي نقاشاً حول حدوث انتهاك محتمل لحقوق الملكية الفكرية، واستخدام المحتوى لتطوير هذا البرنامج. لكن خلال مقابلة أُجريت في نهاية مارس/آذار في مقرّ استوديو غيبلي غرب طوكيو، تساءل غورو ميازاكي عمّا إذا كان الجمهور سيكون مستعداً لمشاهدة فيلم رسوم متحركة يُصنع بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، ويقرّ المخرج البالغ 58 عاماً، مع ذلك، بأن التقنيات الجديدة توفر "إمكانات كبيرة لظهور مواهب غير متوقعة".

تواجه اليابان نقصاً في رسامي الرسوم المتحركة المؤهلين، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ معظمهم يعتاشون من وظائف منخفضة الأجر لسنوات قبل أن يتعلموا أساسيات المهنة.
بالنسبة لابن ميازاكي، فإن "الجيل زد" (وهم الأشخاص المولودون بين نهاية تسعينيات القرن العشرين وبداية العقد الثاني من القرن الحالي)، الذي يتمتع بقدر كبير من الوعي بالتقنيات الرقمية، قد يرفض أيضاً العمل اليدوي تدريجياً، ويضيف "في هذه الأيام، أصبح العالم مليئاً بالفرص لمشاهدة أي شيء، في أي وقت، وفي أي مكان"، ما يجعل من الصعب على الأجيال الشابة تصور كسب العيش من الرسم.

أسس والد غورو استوديو غيبلي مع إيساو تاكاهاتا عام 1985، بعد عام من إخراج فيلم الرسوم المتحركة "ناوسيكا أميرة وادي الرياح" الذي تدور أحداثه ما بعد نهاية العالم. بعد وفاة تاكاهاتا عام 2018، واصل ميازاكي الذي يبلغ حالياً 84 عاماً صناعة أفلام الرسوم المتحركة مع المنتج توشيو سوزوكي البالغ 76 عاماً. ويقول ميازاكي، رداً على سؤال عن مستقبل استوديو غيبلي: "إذا لم يعد هذان الشخصان قادرَين على الحركة أو التحرك، فماذا سيحدث؟ ليس من الممكن استبدالهما". وعلى الرغم من سنّه، فاز ميازاكي بجائزة أوسكار الثانية في مسيرته العام الماضي عن فيلم The Boy and the Heron، الذي من المرجح أن يكون آخر أفلامه الروائية الطويلة.

عادة ما تستهدف الرسوم المتحركة الأطفال، لكنّ تاكاهاتا وهاياو اللذين ينتميان إلى "الجيل الذي شهد الحرب"، أضافا عناصر أكثر قتامة تناسب البالغين، بحسب غورو ميازاكي. ويصف غورو ميازاكي "رائحة الموت" التي تعبق بها هذه الأفلام، قائلاً "ليس هناك حلاوة فحسب، بل مرارة أيضاً وأشياء أخرى متشابكة على نحو جميل في العمل"، و"وهو ما يعطي هذا العمل عمقه"، أما بالنسبة للشباب الذين نشأوا في زمن السلم، فـ"من المستحيل أن يخلقوا شيئاً يحمل القدر نفسه من المعنى والنهج والموقف مثل جيل والدي"، كما يقول غورو ميازاكي.

ومع انتشار الصور المولَّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي على غرار صور استوديو غيبلي عبر الإنترنت، ظهر مقطع فيديو يعود لعام 2016 لهاياو ميازاكي رأى فيه البعض إشارة إلى نفوره من التكنولوجيا، وقال المؤسس المشارك لاستوديو غيبلي في فيلم وثائقي على قناة التلفزيون العامة اليابانية (NHK): "أعتقد بصدق أن هذا الأمر يشكل إهانة للحياة نفسها"، وكان يتفاعل مع رسوم متحركة أنشئت بمساعدة الذكاء الاصطناعي لمخلوق يشبه الزومبي، وصفه بأنه "مقيت للغاية".

انضم ابن هاياو ميازاكي إلى استوديو غيبلي عام 1998، وأخرج فيلمَين للرسوم المتحركة، كما أشرف على تطوير متحف غيبلي في منطقة كيتشيجوجي في طوكيو ومتنزه غيبلي الذي افتُتح في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في منطقة آيتشي (وسط اليابان). أحب غورو ميازاكي الرسم منذ الطفولة، ويقول إنه تعلم الكثير من مشاهدة أعمال والده وتاكاهاتا، على الرغم من أنه "لم يعتقد أنه يمكن أن يصبح رساماً" للأعمال الكرتونية بما يضاهي موهبتهما، ويقول المخرج: "والدتي، التي كانت تعمل رسامة للرسوم المتحركة، حثتني أيضاً على عدم متابعة هذه المهنة لأنها صعبة وتتطلب الكثير من الجهد"، مضيفاً أن والده نادراً ما كان يتواجد في المنزل، ويضيف: "لكنني كنت أرغب دائماً في القيام بشيء إبداعي... وأعتقد أن كوني مخرجاً يناسبني".

(فرانس برس)

قراءة المقال بالكامل