في انتظار المسارح السورية: هل تملك وزارة الثقافة خطة؟

منذ ٤ ساعات ١٤

بعد تشكيل الحكومة الانتقالية السورية الجديدة في نهاية مارس/ آذار الماضي، عُيِّن الإعلامي السوري محمد ياسين صالح وزيراً للثقافة، في خطوة تفاءل بها الفنانون والعاملون في الوسطين الفني والثقافي، آملين أن تحمل الوزارة الجديدة مشروعاً حقيقياً لتطوير المسارح والدراما في سورية.
يأتي على رأس المطالب الأساسية تجديد المسارح في المحافظات السورية، وعلى وجه الخصوص في دمشق، حيث يوجد مسرحا "الحمراء" و"القباني" اللذان يعانيان من الإهمال، فضلاً عن إطلاق عروض مسرحية جديدة، وتفعيل دور المراكز الثقافية وتجديد بنيتها، والعمل على تطوير دار الأوبرا في دمشق، بل وإنشاء دور أوبرا في مدن سورية أخرى. كما يأمل كثيرون في استضافة عروض موسيقية مختلفة عما قُدّم في زمن النظام السابق، واستقبال فنانين عرب وعالميين. ومن أبرز المنتظَرين النجمة السورية أصالة نصري، التي غابت عن سورية منذ سنوات طويلة بسبب موقفها المعارض لنظام بشار الأسد.
لكن حتى الساعة لم تكشف الوزارة عن أي خطة فعلية للنهوض بالمسارح في البلاد، ولا تلوح في الأفق بوادر بشأن إمكانية تحققه في المستقبل القريب. فبعد ستة أشهر على سقوط النظام ثم تشكيل الحكومة السورية الجديدة، ما زالت الحياة الثقافية في سورية تراوح مكانها، بل تبدو اليوم فاقدة لأي رؤية واضحة من وزارة الثقافة للعام المقبل. المسارح شبه متوقفة عن العروض، والمراكز الثقافية خاملة، ودار الأوبرا خالية من النشاطات. وقد كان مقرراً إقامة عرض للسيمفونية الوطنية السورية، لكنه أُلغي عقب التطورات الأمنية في السويداء وجرمانا وأشرفية صحنايا.
في ظل هذا الجمود، تقتصر الحياة الثقافية في دمشق على بعض الفعاليات الفردية داخل غاليريات خاصة، تسعى أصلاً إلى تعزيز الدور الثقافي رغم كل التحديات، إلى جانب عروض داخل المعهد العالي للفنون المسرحية، لا تعلم بها إلا الدائرة الضيقة المحيطة بالمعهد، في غياب أي تحرك حكومي أو حتى مؤشرات أولية لبدء العمل على تجديد البنى التحتية الثقافية أو تطويرها.
هذا المشهد يثير مخاوف عدة مرتبطة بتكرار النمط الذي كان سائداً في السنوات السابقة، حيث اتسمت الحياة الثقافية بالرتابة والتكرار، خاضعة لمحسوبيات ضيّقة، وكان من المعتاد تدوير الأسماء ذاتها على مدار العام في الحفلات الموسيقية والمسرحية والسينمائية والغنائية، وسط إهمال ملحوظ للثقافة، وتضييق على منح التراخيص للمنشآت والجمعيات الخاصة ذات الطابع الثقافي.
الوزير صالح نشر عبر منصاته الرسمية صوراً لنشاطاته، من استقبال وزراء عرب إلى زياراته لمسرحي دمشق القوميَّين والمكتبة الوطنية، مع وعود بإحياء هذه المرافق. غير أن الواقع المعيشي والسياسي في سورية، الذي يفيض بالحساسيات الطائفية والانقسامات، يجعل من الثقافة اليوم حاجةً ملحّة، لأنها القادرة على توحيد الناس وجمعهم حول قيم مشتركة، من خلال الموسيقى والسينما والمسرح، خاصة عندما تحمل هذه الفنون رسائل إنسانية راقية.

السوريون، ومعهم الوسطان الفني والأدبي، ما زالوا يعلّقون آمالاً كبيرة على إحياء الثقافة في بلادهم. فسورية، بما تمتلكه من تراث متنوع وضارب في جذور التاريخ، قادرة على أن تكون منصّة للقاء والتعارف بين أبناء البلد الواحد، بعد سنوات من العزلة والانقسام. ومن المهم اليوم إبراز التراث العربي والكردي والآشوري والسرياني، وتقديم وجه مشرق للمحافظات السورية، خصوصاً تلك التي تعاني من التوترات.

قراءة المقال بالكامل