28 مليون ناخب في العراق: لا مؤشرات إلى مشاركة واسعة بانتخابات النواب

منذ ٥ أيام ١٥

باشرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أولى إجراءاتها الخاصة بالانتخابات التشريعية المقبلة في البلاد، والمقرر إجراؤها قبل نهاية العام الحالي، إلا أن المؤشرات والقراءات الأولية لهذه الانتخابات تشير إلى تراجع غير مسبوق في نسبة المشاركة الشعبية فيها، من جراء تنامي الاستياء الشعبي.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مساء أمس الثلاثاء، أن عملية تحديث سجل الناخبين ستبدأ السبت المقبل، وتستمر لمدة شهر، مبينة أن التحديث سيشمل إضافة المواليد الجدد لعام 2007. وذكرت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب في بيان أن "اللجنة القانونية في البرلمان استضافت رئيس وأعضاء مجلس المفوضين والكادر المتقدم في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لمناقشة الاستعدادات الجارية للانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في نهاية العام الحالي".

وأضاف البيان أنه "خلال الاجتماع، تم طرح العديد من التساؤلات من قبل أعضاء اللجنة القانونية بشأن الجوانب الفنية واللوجستية لعمل المفوضية، ومدى جاهزيتها لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات، كما استعرضت المفوضية الإجراءات المتخذة لضمان نجاح العملية الانتخابية، أبرزها تحديث برامج أجهزة البصم والتعاقد مع الشركة الفاحصة، إضافة إلى معالجة مشكلة البصمات غير المقروءة والتي لا تتجاوز مليوني بصمة من أصل 19 مليون ناخب مسجل في انتخابات مجالس المحافظات السابقة".

وسبق ذلك، إعلان مفوضية الانتخابات تجاوز عدد العراقيين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة الـ28 مليون ناخب. وأظهرت إحصائية نشرتها المفوضية أن أعداد الناخبين شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تصدرت منطقة الرصافة في بغداد قائمة المناطق الأكثر مشاركة، تليها منطقة الكرخ، ثم محافظات نينوى، والأنبار، وذي قار.

ووفق نتائج التعداد السكاني في العراق للعام الماضي، فقد ناهز عدد السكان 46 مليون نسمة، وهذه الزيادة السكانية ستؤدي بالضرورة إلى أمرين، فإما أن تفضي إلى زيادة عدد المقاعد البرلمانية إلى 460 مقعداً بعد أن كانت 329، مع رفع أعداد الأصوات المؤهلة لمقعد مجلس النواب، وذلك استناداً إلى الدستور العراقي الذي يُحدد نائباً واحداً عن كل 100 ألف مواطن، أو رفع عدد الدوائر الانتخابية في المحافظات ذات الكثافة السكانية الأعلى بالبلاد، لاستيعاب أعداد الناخبين في مراكز الاقتراع.

في السياق، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمانية العراقي محمد عنوز إن "المفوضية باشرت أعمالها واستعداداتها لتنفيذ وإدارة الانتخابات التشريعية المقبلة، فيما بدأت الأحزاب أيضاً بالاستعداد الحزبي والسياسي للهدف ذاته"، مبيناً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "خريطة التحالفات هي التي ستحدد شكل المشاركة، لكن بطبيعة الحال، فإن نسب المشاركة لن ترتفع، بل ربما تنخفض أكثر من السابق بسبب الشعور الشعبي بالاستياء وعدم تمكن الحكومات من توفير مستلزمات الحياة الكريمة".

من جانبه، أكد القيادي في "ائتلاف النصر" عقيل الرديني أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد وفق التوقيتات الدستورية، مشيراً إلى أن "مفوضية الانتخابات أكملت استعداداتها الفنية واللوجستية لضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة، كما أن الأحزاب السياسية باتت جاهزة لخوض المنافسة الانتخابية المقبلة، وأن الأجواء مهيأة بالكامل لإجراء الاقتراع في الموعد المقرر، والذي من المتوقع أن يكون خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الحالي".

وسبق أن أكدت أطراف سياسية عراقية مختلفة لـ"العربي الجديد"، عدم وجود أي اتفاق سياسي لغاية الآن على مشروع تعديل قانون الانتخابات في العراق قبل الاستحقاق التشريعي المقرر في نهاية العام الحالي، في وقت حذّرت فيه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من تأخير موعد إجراء الاستحقاق بسبب التأخير في حسم شكل القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وفي الانتخابات التشريعية العراقية للدورة البرلمانية الخامسة، التي أجريت عام 2021، سجلت النتائج أدنى نسبة مشاركة منذ عام 2005، حيث بلغت 41%، إلا أن مراقبين ونشطاء اعتبروا أن هذه النسبة على الرغم من انخفاضها، إلا أنها تمثل وجهة نظر السلطات، والتي لا تنسجم مع الواقع، وأن الواقع يشير إلى أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 25% من مجموع المؤهلين للمشاركة في الانتخابات، وهذا في أحسن الأحوال.

من جهته، قال أحد أعضاء مجلس النواب، ويتبع لحزب "تقدم" الذي يقوده رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إن "تدني نسب المشاركة هو الملف الأكثر إثارة بالنسبة لزعماء الأحزاب، وأنهم يناقشون هذا الموضوع في كل جلساتهم، ويحاولون دائماً التغلب على هذه المشكلة من خلال الحملات الإعلامية التشجيعية، لكن يبدو أن المجتمع العراقي لا يستجيب كثيراً"، معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "البرلمان الجديد سيمضي في عمله وتتشكل الحكومة الجديدة، حتى لو شارك 10% من الناخبين".

وأكمل النائب أن "عودة التيار الصدري إلى الانتخابات قد ترفع معدل المشاركة فيها، لأن عودته ستدفع كل الأحزاب، وليس فقط الشيعية، بل حتى السنية، لخوض سباق الانتخابات بجدية عالية، لكن عدم مشاركة التيار في الانتخابات قد تؤدي إلى مشكلتين، الأولى تدني نسبة المشاركين من جهة، والتشكيك بنتائج الانتخابات مهما كان شكلها ووضعها من جهة أخرى، وقد ندخل في حالة تصادم سياسي بسبب التشكيك".

بدوره، وجد أستاذ الإعلام السياسي في جامعة بغداد علاء مصطفى أن "انتخابات مجالس المحافظات (أجريت في كانون الثاني/ يناير 2023)، كانت ظروفها جيدة، وشهدت فترتها استقراراً سياسياً ووضعاً اقتصادياً جيداً، بالإضافة إلى سباق البرامج الخدمية، ومع ذلك فقد شهدنا نسبة مشاركة متدنية، فكيف بالحال الآن؟"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب الحاكمة في العراق لم تعمل طيلة الفترات الماضية على مد الجسور مع المجتمع العراقي، وانشغلت في خلافاتها وتقاسمها السلطة والمناصب، بالتالي فإن من المتوقع تدنياً كبيراً في نسبة المشاركة".

وشهد العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003 خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في عام 2005 (قبلها أُجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقل من عام)، وآخرها في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وتمّ اعتماد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى. في المقابل، أجُريت الانتخابات الأخيرة في عام 2021 وفق الدوائر المتعددة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه الإطار التنسيقي. وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على قانون التعديل الثالث بشأن قانون الانتخابات في العراق الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.

قراءة المقال بالكامل