إجراءات قانونية ضد 53 شركة تستورد الموز في الجزائر

منذ ٣ ساعات ٩

اتخذت السلطات الجزائرية إجراءات قانونية وُصفت بأنها "ردعية" ضد 53 مستورداً لفاكهة الموز في البلاد، التي تشهد أزمة أسعار خيالية منذ مطلع شهر رمضان، وصلت إلى 800 دينار (6 دولارات)، بسبب "إخلالهم بالتزاماتهم تجاه الدولة"، كما تمت إدانة شخص بتهمة المضاربة بالبطاطس بالسجن 15 سنة.

وتأتي هذه الإجراءات عقب يوم واحد من حجز السلطات 800 ألف كيلوغرام من الموز، كانت معبأة في 34 حاوية بميناء مدينة عنابة شرقي البلاد، وقالت السلطات إنها كانت موجهة للمضاربة، وجرى على إثرها فتح تحقيق لمعرفة ملابسات القضية. وجرى لاحقاً إخراج الموز المحجوز من الميناء عبر شاحنات مقطورة، وتم تحويلها إلى شركة "أغروديف" العمومية لصناعة وتسويق المنتجات الغذائية، التي ستتولى عملية بيعها للمواطنين.

وأوضحت المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك (مستقلة) أن استيراد فاكهة الموز خاضع لرخصة مسبقة تُسلم من طرف السلطات العمومية، حيث إنه وفق دفتر الشروط، يتقدم المستوردون وتُمنح لهم الكميات التي يجب عليهم استيرادها. وأوضح رئيس المنظمة، مصطفى زبدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن خللاً وقع في سوق مادة الموز. وحسب وزارة التجارة، فإن هذا الأمر راجع إلى عدم التزام هؤلاء المستوردين بتعهداتهم، ومنها عدم استيراد الكميات التي التزموا بتوفيرها في السوق. وأضاف "بطبيعة الحال، هناك إجراءات عقابية، منها منع هؤلاء من ممارسة أي نشاط في استيراد السلع". وأضاف: "نحن نعتقد أن الإخلال بالالتزامات سوف يؤدي إلى نقص وتذبذب في السوق، وبالتالي المساس بالقدرة الشرائية للمستهلك".

وحمّل رئيس منظمة حماية المستهلك الجزائرية المسؤولية للمستوردين، باعتبار أنهم اتفقوا مع السلطات على توفير كميات معينة لكنهم أخلّوا، حسب قوله، بما التزموا به. وقال: "من رأى نفسه غير قادر على احترام دفتر الشروط، فما كان له أن يتقدم ويسحبه ويلتزم مع السلطات العمومية بهذا الأمر".

وجاءت عملية الحجز والإجراءات الحكومية ضد المستوردين بالتزامن مع أزمة موز حقيقية تشهدها الجزائر منذ مطلع شهر رمضان، حيث بلغت الأسعار مستويات وُصفت بـ"الخيالية"، وصلت إلى 6 دولارات (800 دينار)، ما دفع وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق إلى بدء إجراءات لـ"تضييق الخناق" على التجار، ولا سيما المستوردين، بفرض الفاتورة الفعلية للبيع.

وباشرت وزارة التجارة، عبر عدة ولايات، بالتعاون مع الدرك الوطني (قوة تابعة لوزارة الدفاع) والشرطة، مؤخراً، في حجز كميات موز معروضة للبيع في محلات التجزئة التي لا تقدم فواتير تُظهر تناسباً بين سعر الشراء المدون فيها والسعر الذي عُرضت السلعة للبيع بموجبه في المحلات.

وتعليقاً على الملف، أصدر اتحاد التجار بياناً برّأ فيه تجار الجملة والتجزئة من المسؤولية عن الزيادات في أسعار الموز، وألقى باللائمة على "بعض المستوردين" الذين يمارسون المضاربة بممارسات غير شفافة. واعتبر الاتحاد أن هذه الممارسات عرّضت التجار للمساءلة بسبب التجاوزات التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار من دون مبرر منطقي.

وذكر مصدر رسمي على صلة بملف الموز في الجزائر لـ"العربي الجديد"، فضّل عدم كشف هويته، أن مصالح وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق باشرت إجراءات رقابية على ثلاثة مستويات ستؤدي، بحسبه، إلى إعادة الاستقرار إلى سوق الموز خلال الأيام المقبلة. ووفق المصدر، فإن العديد من المستوردين يمارسون نوعاً من الابتزاز ضد تجار الجملة، من خلال فرض تدوين أسعار في الفاتورة أقل من سعر البيع الحقيقي، وفي حال الرفض يُحرم التاجر من الحصول على الكميات التي طلبها من هذه الفاكهة.

وورد في بيان لوزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات، أنه تبعاً للتذبذبات التي عرفها السوق مؤخراً في مادة الموز، تم عقد اجتماع للجنة متعددة القطاعات المكلفة بمنح الحصص الخاصة باستيرادها، مشيراً إلى أن نتائج عمل هذه اللجنة قد أسفرت عن تحديد قائمة تضم 53 مستورداً، قاموا بشكل واضح وصريح، بالإخلال بالتزاماتهم تجاه الدولة في ما يتعلق باستيراد هذه المادة.

وأضاف البيان: "هذا السلوك أدى إلى اختلالات في تموين السوق الوطني، ما تسبب في المساس المباشر بالقدرة الشرائية للمواطن واستقرار وتوازن السوق الوطنية". وخلصت وزارة التجارة الخارجية الجزائرية إلى أنه "تنفيذاً لتعليمات السلطات العليا للبلاد، تقرر اتخاذ جملة من الإجراءات القانونية ضد المستوردين المعنيين، بما في ذلك المنع الفوري والنهائي من ممارسة أي نشاط استيراد مستقبلاً".

ولاحقاً، نشرت الوزارة ذاتها قائمة بأسماء الشركات الـ53 التي يمتلكها مستوردو فاكهة الموز المعنية بالإجراءات العقابية، التي قد تصل إلى المنع الدائم من النشاط في مجال الاستيراد. واشتعلت المنصات الاجتماعية مباشرة بعد نشر البيان وقائمة المستوردين "المعاقبين"، إذ جرى تداول أسماء الشركات على نطاق واسع، خصوصاً على منصة فيسبوك التي تُعدّ الأكثر انتشاراً في الجزائر.

الموز ليس وحده... المضاربات تطاول البطاطس

وفي سياق متصل، أدانت محكمة خميس الخشنة بولاية بومرداس الساحلية شرقي العاصمة، الثلاثاء، شخصاً بالسجن النافذ 15 سنة في قضية مضاربة بالبطاطس، عقب حجز السلطات 150 طناً من هذه المادة، التي تشهد هي الأخرى ارتفاعاً كبيراً في الأسعار. وأفاد بيان لنيابة الجمهورية بمحكمة بومرداس أن أفراد فصيلة البحث والتحري للدرك الوطني، بالتنسيق مع مصالح مديرية التجارة في الولاية، تمكنوا يوم 16 مارس/آذار من ضبط 150 طناً من مادة البطاطس مخزنة بقصد المضاربة غير المشروعة.

وأضاف البيان أن التحقيق الابتدائي في القضية أسفر عن توقيف المدعو "ب.ع"، الذي أُحيل على محكمة الجنح وفق إجراءات المثول الفوري، حيث صدر بحقه حكم بالسجن 15 سنة نافذة، مع غرامة مالية قدرها 5 ملايين دينار جزائري (ما يقارب 38 ألف دولار). ومنذ أيام، تشهد أسعار البطاطس ارتفاعاً كبيراً، حيث وصل السعر في بعض الأحياء بالعاصمة إلى 150 ديناراً (1.13 دولار) للكيلوغرام.

قراءة المقال بالكامل