حذّرت وزارة الأمن الداخلي الأميركية جامعة هارفارد من فقدان حقّها في قبول طلاب أجانب، وذلك على خلفية التحرّكات الطالبية المتضامنة مع الفلسطينيين الذين يتعرّضون لإبادة ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف العام. ويأتي هذا في إطار الإجراءات الذي تتّخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتضييق على الجامعات الأميركية، ولا سيّما تلك التي شهدت احتجاجات مندّدة بالحرب الإسرائلية على غزة ومتضامنة مع القضية الفلسطينية.
وذكرت شبكة "سي أن أن" الإخبارية، أمس الأربعاء، أنّ وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم بعثت برسالة إلى إدارة جامعة هارفارد طالبتها من خلالها بالإبلاغ عن "الأنشطة غير القانونية التي يقوم بها الطلاب الأجانب" قبل 30 إبريل/ نيسان الجاري. وحثّت نويم الجامعة، المرموقة على مستوى الولايات المتحدة الأميركية كما على الصعيد العالمي، على الامتثال للطلب المقدّم من وزارتها. وتعليقاً على رسالة وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، قال أحد المتحدّثين باسم جامعة هارفرد إنّها لن تتخلّى عن حقوقها الدستورية، لكنّها سوف تلتزمو بالقانون.
“No government—regardless of which party is in power—should dictate what private universities can teach, whom they can admit and hire, and which areas of study and inquiry they can pursue.” - President Alan Garber https://t.co/6cQQpcJVTd
— Harvard University (@Harvard) April 14, 2025في سياق متصل، أصدر رئيس جامعة هارفارد آلان غاربر بياناً، يوم الاثتين الماضي، شدّد فيه على أنّ جامعته "لن تتنازل عن استقلاليتها ولن تتخلّى عن حقوقها الدستورية"، في ردّ على تغييرات طلبتها إدارة ترامب، بما في ذلك ما يتعلّق بشروط قبول الطلاب. وأوضح غاربر أنّ لا يمكن لجامعة هارفارد ولا لأيّ جامعة خاصة أخرى أن تسمح للحكومة الفدرالية بالاستيلاء عليها، في إشارة إلى محاولة ترامب وإدارته التحكّم بالجامعات الأميركية. وتابع، في بيانه نفسه، أنّ "لا يجوز لأيّ حكومة، بغضّ النظر عن الحزب الحاكم، أن تُملي على الجامعات الخاصة ما تُدرّسه، ولا من تقبل انتسابه وتوظفه، ولا (تحديد) مجالات الدراسة والبحث التي تجوز لها متابعتها".
وردّاً على موقف جامعة هارفارد الرسمي، جمّدت الحكومة الفيدرالية تمويلاً مخصّصاً لها تصل قيمته إلى مليارات الدولارات، فيما هدّدها ترامب بفقدان إعفائها الضريبي وبالتالي فرض ضرائب عليها بوصفها كياناً سياسياً، "في حال استمرّت في نشر الأمراض السياسية والأيديولوجية والإرهابية"، بحسب ما صرّح، أوّل من أمس الثلاثاء.
وفي الإطار نفسه، أكد ترامب أنّ جامعة هارفارد "لا ينبغي أن تتلقّى تمويلاً فيدرالياً بعد الآن". وادّعى، في تدوينة نشرها على منصة "تروث سوشال"، أنّ "هارفارد ضلّت طريقها، ولم يعد في الإمكان تصنيفها مكاناً جيداً للتعلّم، ولا ينبغي أن تكون على قائمة أفضل جامعات العالم". أضاف ترامب أنّ الجامعة تحوّلت إلى مكان "يلتقي فيه اليساريون المتطرّفون"، وأنّ ذلك يجعلها "في صورة سيئة".
وكانت إدارة ترامب قد هدّدت بتجميد التمويل الفيدرالي لجامعات عدّة في الولايات المتحدة الأميركية، من بينها جامعة هارفارد، بسبب الاحتجاجات التي شهدتها تضامناً مع الفلسطينيين وكذلك بسبب برامج التنوّع والمساواة والدمج. وأعلنت الإدارة أنّها فتحت تحقيقاً في أكثر من 8.7 مليارات دولار من المنح المقدّمة لجامعة هارفارد من قبل منظمات مختلفة "لضمان استخدامها بما يتوافق مع قوانين الحقوق المدنية". كذلك قرّرت تجميد 2.2 مليار دولار من التمويل و60 مليون دولار من رسوم العقود الخاصة بهذه الجامعة.
تجدر الإشارة إلى أنّ كلية العلوم الاجتماعية في جامعة هارفارد أجبرت، في أواخر مارس/ آذار الماضي، اثنَين من قيادات مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لها على ترك منصبَيهما فيه، وذلك في سياق تغييرات تعمد إليها جامعات النخبة في الولايات المتحدة الأميركية استجابة لضغوط إدارة ترامب وتهديداتها بوقف التمويل الفيدرالي وكذلك لضغوط مؤسسات داعمة لإسرائيل. ويواجه مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد انتقادات حادة بسبب مناهجه الخاصة بقضية فلسطين وتاريخ المنطقة، وسط رغبة إدارة ترامب في إجراء تعديلات شاملة على مناهج الدراسة المتعلقة بفلسطين وإسرائيل في الجامعات الأميركية.
بدورها، رضخت جامعة كولومبيا الأميركية، في وقت سابق من شهر مارس، للقيود التي فرضتها إدارة ترامب شرطاً لإعادة التفاوض على التمويل الفيدرالي. فوضعت قسم دراسات الشرق الأوسط تحت الوصاية، ووافقت على حظر وضع الأقنعة، وعلى منح 36 ضابط شرطة في الحرم الجامعي صلاحيات جديدة لاعتقال الطلاب.
وكانت احتجاجات داعمة لفلسطين قد عمّت الجامعات الأميركية، ابتداءً من إبريل/ نيسان 2024، فانطلقت من جامعة كولومبيا وتمدّدت إلى أكثر من 50 جامعة في البلاد، علمأً أنّ الشرطة احتجزت في خلالها أكثر من 3100 شخص، معظمهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
(العربي الجديد، الأناضول، أسوشييتد برس)
