التكنولوجيا المتطورة تدعم حملة ترامب لترحيل ملايين المهاجرين

منذ ٢ شهور ٤٢

يبدو أن مهمة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لملاحقة ملايين المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم لن تكون صعبة، إذ تركن إلى ترسانة تكنولوجية ضخمة لتحقيق هدفها دون عناء كبير، معتمدة في ذلك على قواعد البيانات المليئة بالمعلومات الشخصية، مثل بصمات الأصابع والوجوه، وتقنيات اختراق الهواتف المغلقة، ورسائل البريد الإلكتروني، والبصمات المالية، وغيرها من أدوات التتبع.

يمكن لإدارة ترامب الاستفادة من مخزون الأدوات التي بناها الديمقراطيون والجمهوريون على مدار سنوات، والتي لا مثيل لها تقريباً في العالم الغربي، وفقاً لتحليل أجرته صحيفة نيويورك تايمز، حيث تُظهر مراجعة ما يقرب من 15 ألف عقد أن وكالتي إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، وخدمات المواطنة والهجرة، أنفقتا 7.8 مليارات دولار على تقنيات الهجرة من 263 شركة منذ عام 2020.

وتضمّنت العقود، التي جرى البدء في معظمها في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، تدابير لأدوات يمكنها إثبات العلاقات الأسرية بسرعة من خلال اختبار الحمض النووي، وجمع البيانات المتعلقة بالتغييرات في العناوين، ومتابعة السيارات باستخدام أجهزة قراءة لوحات الترخيص، وتحليل البيانات من الهواتف.

كانت العقود، التي تراوحت في الحجم، لتقنيات عادية، مثل خدمات الهاتف، بالإضافة إلى أدوات متقدمة من شركات كبيرة وصغيرة. وتلقت شركة بالانتير للتكنولوجيا (Palantir) التي شارك في تأسيسها الملياردير بيتر ثيل، وهي شركة برمجيات أميركية متخصصة في تحليلات البيانات الضخمة، يقع مقرها الرئيسي في دنفر بولاية كولورادو، أكثر من مليار دولار على مدى السنوات الأربع الماضية. كذلك كانت شركة فينتيل، وهي شركة تقدم بيانات الموقع، قد أبرمت سبعة عقود مع وكالة الهجرة والجمارك، بقيمة إجمالية لا تقل عن 330 ألف دولار بين عامي 2018 و2022.

واستخدمت إدارة بايدن العديد من هذه التقنيات لإنفاذ قوانين الهجرة، بما في ذلك التحقيقات في الاتجار بالمخدرات، وتهريب البشر، ونشاط العصابات العابرة للحدود. لكن ترامب قال إن أجندته الخاصة بالهجرة مختلفة بشكل لافت للنظر عن أجندة سلفه. وأعلن في يوم تنصيبه، يوم الاثنين الماضي، عن سلسلة من الإجراءات التنفيذية لإغلاق الحدود وطرد المهاجرين وطالبي اللجوء.

ومن المؤكد تقريباً أن المنتجات التقنية ستظهر في هذه الخطط. وناقش توماس هومان، الذي اختاره ترامب ليشغل "قيصر الحدود" في إدارته، الأدوات المتاحة في اجتماع مع شركات التكنولوجيا. وقال مدير وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك سابقاً، جون توريس: "من المؤكد أنهم سيستخدمون جميع الأدوات المتاحة لهم، بما في ذلك التكنولوجيا الجديدة المتاحة".

ورفض متحدث باسم البيت الأبيض التعليق، وفق تقرير نيويورك تايمز. وقالت وكالة الهجرة والجمارك، في بيان، إنها "تستخدم أشكالاً مختلفة من التكنولوجيا والمعلومات لتحقيق مهمتها، مع حماية الخصوصية والحقوق المدنية والحريات، وفقاً للقوانين المعمول بها".

وقال إريك هايسن، كبير مسؤولي المعلومات في وزارة الأمن الداخلي في عهد بايدن، إن وكالة الهجرة والجمارك ووكالات الهجرة الأخرى لديها مسؤوليات هائلة. وأوضح أن العديد من الأدوات صُممت للتحقيقات بشأن تجار المخدرات وغيرهم من المجرمين، وليس تعقب المهاجرين، في حين يمكن استخدام تكنولوجيا أخرى، مثل أجهزة قراءة لوحات الترخيص لتسهيل حركة المرور عند المعابر الحدودية. وأضاف هايسن أن الحكومة الفيدرالية لديها سياسات داخلية طويلة الأمد، للحد من كيفية استخدام أدوات المراقبة، ولكن يمكن رفع هذه القيود من قبل إدارة جديدة. وقال: "هذه أشياء يمكن أن تتغير".

شركة إسرائيلية لتحديد المواقع وأخرى لتتبع البيانات

يعود تاريخ تكنولوجيا الهجرة إلى إنشاء وزارة الأمن الداخلي، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. ومن المتوقع أن تنمو أدوات تتبع المهاجرين أكثر في عهد ترامب. كما يستثمر القادة في أوروبا وأماكن أخرى في هذه التقنيات، مع تبني البعض سياسات هجرة أكثر تقييداً. وتتسابق العديد من الشركات لتلبية الطلب، وتقدم معدات لتحصين الحدود، وخدمات لتتبع المهاجرين بمجرد دخولهم إلى بلد ما.

في الولايات المتحدة، يشمل المستفيدون صناع أجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي، وأدوات الطب الشرعي الرقمية، وسماسرة البيانات. وفازت شركة بالانتير وشركات أخرى بعقود مع إدارة الهجرة والجمارك لتخزين وتحليل البيانات. وتوفر "تومسون رويترز" و"ليكسيس نيكسيس" وشركات التصنيف الائتماني إمكانية الوصول إلى قواعد بيانات المعلومات الشخصية التي يمكن أن تساعد وكلاء الحكومة في العثور على منازل وأماكن عمل وروابط اجتماعية للمواطنين وغير المواطنين على حد سواء.

وفقاً للسجلات الحكومية، كان لشركة "كلير فيو ايه آي" الأميركية للذكاء الاصطناعي، التي تتيح التعرف على الوجه، عقود بقيمة 9 ملايين دولار تقريباً. وباعت شركة سيليبريت (Cellebrite)، وهي شركة إسرائيلية لاختراق الهواتف، تقنيات بقيمة 54 مليون دولار للوكالة. كذلك استخدم مكتب التحقيقات الفيدرالي أدوات الشركة الإسرائيلية في عام 2016 لفتح قفل هاتف "آيفون" الخاص بمطلق نار جماعي في سان برناردينو، في ولاية كاليفورنيا، للمساعدة في التحقيق.

وقد اهتم المستثمرون كثيراً بتزايد الاهتمام الحكومي على تقنيات المراقبة. وقد تضاعف سعر سهم شركة "جيو غروب"، وهي شركة خاصة لتشغيل السجون تبيع تكنولوجيا المراقبة إلى إدارة الهجرة والجمارك، منذ فوز ترامب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كما تضاعفت أسهم "سيليبريت" تقريباً في الأشهر الستة الماضية، وارتفعت أسهم "بالانتير" بنحو 80%.

وقال الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة سيليبريت، توم هوجان، إن الشركة فخورة بالمساعدة في "الحفاظ على وطننا وحدودنا آمنة بتكنولوجيتنا". وقالت شركة تومسون رويترز، في بيان، إن تكنولوجيتها تستخدمها الوكالات لدعم التحقيقات في استغلال الأطفال، والاتجار بالبشر، وتهريب المخدرات، ونشاط العصابات العابرة للحدود الوطنية، بينما لم تستجب "ليكسيس نيكسيس" و"كليرفيو" و"بالانتير" لطلبات التعليق، وفق الصحيفة الأميركية.

وفي مكالمة مع المستثمرين في نوفمبر/تشرين الثاني، قال واين كالابريس، الرئيس التنفيذي للعمليات في "جيو غروب"، إن الشركة تتوقع أن "تتخذ إدارة ترامب نهجاً أكثر توسعاً لمراقبة الملايين من الأفراد" الذين كانوا يخضعون لإجراءات الهجرة، ولكن لم يجر احتجازهم.

وأضاف: "لقد أكدنا لدائرة الهجرة والجمارك قدرتنا على التوسّع بسرعة". وفي بيان لها قالت "جيو"، ومقرها مدينة بوكا راتون، في ولاية فلوريدا، إنها تتطلع إلى دعم إدارة ترامب "بينما تتحرك بسرعة لتحقيق خططها وأهدافها المعلنة لتأمين حدود البلاد وإنفاذ قوانين الهجرة الخاصة بها".

تحديد دقيق لأماكن المهاجرين تمهيداً لاحتجازهم وترحيلهم

وقال الخبراء إن إحدى التقنيات التي يمكن استخدامها على الفور في عمليات الترحيل الجماعي يمكنها تحديد الموقع الدقيق للمهاجرين. ويرتدي حوالي 180 ألف مهاجر غير موثق سوار كاحل مزوداً بجهاز تتبع GPS، أو يستخدمون تطبيقاً يسمى "سمارت لينك" يتطلب منهم تسجيل أماكن وجودهم مرة واحدة على الأقل يومياً.

وتُستخدم هذه التكنولوجيا، التي صنعتها شركة تابعة لمجموعة "جيو"، في برنامج يسمى بدائل الاحتجاز، الذي بدأ العمل به في عام 2004، وتوسّع خلال إدارة بايدن لمراقبة الأشخاص رقمياً، بدلاً من احتجازهم في مراكز الاحتجاز.

وقالت المديرة القانونية لمجموعة Just Futures Law، وهي مجموعة تعارض برامج المراقبة الحكومية، سيجال زوتا، إن إدارة ترامب من المرجح أن تحتاج إلى الاعتماد على أدوات المراقبة الرقمية، لأنه سيكون من المستحيل احتجاز أعداد كبيرة من الأفراد بدون وضع قانوني.

وتتمتّع إدارة ترامب أيضاً بإمكانية الوصول إلى قواعد البيانات الخاصة التي تحتوي على بيانات بيومترية وعناوين وسجلات جنائية. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة جورج تاون عام 2022، يمكن الحصول على سجلات فواتير المرافق لنحو 75% من الأميركيين ورخص القيادة لثلث الأميركيين.

قراءة المقال بالكامل