دعا زير الخارجية السوري أسعد الشيباني دول الاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات المفروضة على سورية، والمساهمة الفعّالة في جهود إعادة اعمارها، مشيراً إلى تحديات كبيرة تواجه بلاده من النظام البائد والمليشيات على الحدود، وكذلك التوغلات الإسرائيلية، وقال الشيباني في كلمة خلال مشاركته في مؤتمر بروكسل التاسع للمانحين حول سورية، اليوم الاثنين، إنّ "الشعب السوري احتفل بالخلاص من نظام الأسد، لكن المعاناة ما تزال مستمرة بسبب هذا النظام".
وفيما اعتبر أن الاجتماع في بروكسل "واجب أخلاقي تجاه المحنة في سورية، وفرصة حقيقية لتعزيز الجهود الدولية للتخفيف من معاناة السوريين"، قال إنّ مؤتمر المانحين اليوم "فيه تمثيل سوري حقيقي"؛ إذ تشهد سورية تحولات سياسية حقيقية، وأضاف أن "السوريين لن يتسامحوا مع أي مساس بسيادة سورية ووحدتها"، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على تعزيز المصالحة والحوار الوطني وحماية حقوق جميع مواطنيها.
وفي تعليقه على الأحداث الأخيرة في الساحل السوري، قال الشيباني إن نظام بشار الأسد "استغل ورقة الأقليات وأساء استخدامها، ولن نسمح باستخدام هذه الورقة مرة أخرى، فنحن نؤمن بالمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين"، ولفت إلى "وجود تهديدات لأمن سورية من النظام البائد والمليشيات على الحدود وكذلك التوغلات الإسرائيلية".
وإذْ ثمن وزير الخارجية السوري الخطوات الإيجابية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تعليق بعض العقوبات، اعتبر أنّ هذه الإجراءات "لم تصل إلى مستوى طموحات الشعب السوري"، مؤكداً أن استمرار العقوبات "يعني أنّ الشعب السوري هو المعاقَب، ولا بدّ من رفعها لأنها تمنع نهضة سورية".
وقال الشيباني إنّ عملية إعادة إعمار سورية "ليست مسؤولية وطنية فحسب، بل مسؤولية المجتمع الدولي برمته"، مجدداً التزام الحكومة السورية بالعمل مع الشركاء في العمل الإنساني لوصول المساعدات إلى مستحقيها، كما حثّ جميع الدول المانحة على المساهمة الفعّالة في جهود إعادة الإعمار في سورية، ودعم مشاريع التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن عودة النازحين إلى بلدهم تتطلب جهداً دولياً ومساهمة في تنشيط الاقتصاد السوري.
مؤتمر بروكسل.. نقطة جديدة في مسار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي
في غضون ذلك، اعتبر الدبلوماسي حسين صباغ، وهو سفير سابق لسورية في بلجيكا، أن مشاركة سورية في مؤتمر بروكسل التاسع تمثل نقطة جديدة في مسار العلاقات بين سورية والاتحاد الأوروبي، وانخراطاً كاملاً مع الحكومة السورية، وأكد صباغ خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك استبقت بدء أعمال المؤتمر، وأعلنت عن تعهد بلادها بتقديم مساعدة لسورية بقيمة 300 مليون يورو، وخلال مناقشات المؤتمر سيُعلَنُ عن تعهدات بقية الدول المانحة، ويضيف "بالرجوع إلى السنوات الماضية بلغت قيمة التعهدات لسورية بين 6-8 مليارات يورو في كل عام، قُدمت من خلال منظمات الأمم المتحدة أساساً، ومن خلال مشاريع مباشرة في المناطق المحرّرة، كما وجه قسم من تلك المساعدات لدعم استقرار اللاجئين في دول الجوار".
وأشار صباغ إلى أن "مؤتمر بروكسل ينقسم عادة إلى يومين، اليوم الأول يسمى بيوم الحوار، تشارك فيه المنظمات غير الحكومية ويتضمن جلسات عدّة بمواضيع مختلفة كالمساعدات الإنسانية والعدالة والمساءلة وغير ذلك، كما تضمن في العام الماضي عنصراً سياسياً لأول مرة، أما اليوم الثاني فهو اليوم الوزاري الذي تجتمع فيه الدول، إذ يُرفع تقرير الجلسات التي جرت خلال اليوم الأول، أما ما حصل خلال العام الحالي فقد جرى تقديم موعد المؤتمر مقارنة بالعام بالماضي، كما عُقد القسم الوزاري في اليوم الأول، فيما لم يحدد موعد يوم الحوار إلى الآن، وإذا لم يجرِ تحديده فإنّه من المنتظر أن يعقد يوم للحوار بين منظمات المجتمع المدني في دمشق للمرة الأولى، بمشاركة أطراف دولية وإشراف حكومي، وهذا سيعكس تشجيع الحكومة لعمل منظمات المجتمع المدني".
وكان وزير الخارجية السوري قد وصل إلى بروكسل الاثنين لحضور مؤتمر المانحين التاسع، وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها الحكومة السورية في مؤتمر بروكسل، بعد أن كان الاتحاد الأوروبي يرفض دعوة النظام السابق إليه، ليقتصر الحضور سابقاً على مؤسسات المعارضة وبعض منظمات المجتمع المدني.
وينظم الاتحاد الأوروبي منذ عام 2017 مؤتمراً سنوياً للمانحين في بروكسل لدعم سورية، إذ تلتزم دول الاتحاد بتقديم المنح والقروض لسورية والمجتمعات المضيفة للاجئين السوريين في المنطقة، ويحمل مؤتمر هذا العام عنوان "الوقوف إلى جانب سورية: تلبية احتياجات انتقال ناجح"، وكانت ألمانيا تعهدت في وقت سابق اليوم، بتقديم مساعدة جديدة لسورية بقيمة 300 مليون يورو، وذلك قبيل مؤتمر المانحين في بروكسل، وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك: "في سبيل هذه المهمة الهائلة، ستوفر ألمانيا للأمم المتحدة ومجموعة من المنظمات 300 مليون يورو إضافية، في إطار هذه العملية السلمية ومن أجل الشعب السوري وشعوب المنطقة".
ودعت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إلى مواصلة رفع العقوبات المفروضة على سورية منذ عهد النظام السابق، لكن من المتوقع أن تكون التعهدات المقدمة في اجتماع بروكسل هذا العام أقل من الأعوام السابقة، بسبب خفض الولايات المتحدة للمساعدات الإنسانية والتنموية.
