الفيدرالي الأميركي يُثبت أسعار الفائدة وسط غموض اقتصادي متزايد

منذ ٣ ساعات ٨

قرر بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي اليوم الأربعاء إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، مشيراً إلى تزايد المخاوف بشأن الغموض الاقتصادي، في ظل سياسة التعرفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، وتأثيراتها المحتملة في تباطؤ الاقتصاد الأميركي.

وجاء قرار البنك المركزي الأكبر في العالم بعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية الذي استمر لمدة يومين، حيث أبقى أسعار الفائدة عند مستواها الحالي، الذي يراوح بين 5.25% و5.50%، وهي المستويات التي ظلت ثابتة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما تطابق مع توقعات الأسواق قبل إعلان القرار. وبالتزامن مع الإعلان، أصدر مسؤولو البنك الفيدرالي تحديثات لتوقعاتهم بشأن أسعار الفائدة والوضع الاقتصادي للعام الحالي وحتى عام 2027، بالإضافة إلى تعديلات على وتيرة تقليص مشتريات البنك من السندات (برنامج التشديد الكمي).

وأشار بيان اللجنة إلى ارتفاع مستوى الغموض الذي يحيط بالوضع الاقتصادي الحالي، موضحًا أن "حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية قد ازدادت"، ومؤكدًا أن اللجنة تراقب من كثب المخاطر التي قد تؤثر بهدفيها الرئيسيين، وهما تحقيق التوظيف الكامل واستقرار الأسعار. كذلك أظهرت توقعات أعضاء اللجنة المستقبلية للفائدة توجهًا أكثر تشددًا، مقارنة بتوقعات ديسمبر الماضي. ففي الاجتماع السابق، كان هناك عضو واحد فقط يتوقع عدم حدوث تغيير في الفائدة خلال عام 2025، بينما الآن ارتفع العدد إلى أربعة أعضاء يتبنون هذا الرأي.

وتشير التوقعات الحالية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي هذا العام إلى معدل أقل من 2%، حيث توقع كين وونغ من شركة "إيست سبرينغ إنفستمنتس" لإدارة الاستثمارات أن تؤدي سياسات ترامب التجارية إلى تراجع النمو إلى مستوى دون 2% مقارنة بتقديرات السوق البالغة 2.2%. كذلك عدّل البنك الفيدرالي توقعاته للنمو والتضخم، متوقعًا نمو الناتج المحلي الحقيقي بمعدل 1.7% فقط خلال العام الجاري، مقابل 2.1% في توقعاته السابقة في ديسمبر. وفي السياق نفسه، عُدِّلًت توقعات التضخم لتصل إلى 2.8%، بزيادة قدرها 0.3% عن التقديرات السابقة.

وقرر البنك أيضًا تقليص وتيرة برنامج "التشديد الكمي"، ليخفض قيمة السندات التي يسمح بانتهاء استحقاقها دون إعادة شرائها شهريًا من 25 مليار دولار إلى 5 مليارات دولار فقط بالنسبة إلى سندات الخزانة، مع إبقاء الحد الأقصى عند 35 مليار دولار شهريًا للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري دون تغيير. ويدعم هذا الإجراء إبطاء سرعة انخفاض أسعار الفائدة.

وتأتي هذه التطورات بعد بداية مضطربة للفترة الثانية من رئاسة ترامب، حيث تسبب قراره بفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم ومنتجات أخرى من شركاء تجاريين عالميين للولايات المتحدة، في حالة من القلق في أسواق المال، وسط مخاوف من جولة جديدة أشد قوة من الرسوم المقرر الكشف عنها في 2 إبريل/نيسان القادم. وبسبب هذه المخاوف، شهدت أسواق الأسهم الأميركية حالة من التقلب والتصحيح، مع تراجع كبير في ثقة المستثمرين بشأن مستقبل الاقتصاد في ظل تقليص السياسات التحفيزية الحكومية، والتحول نحو نموذج اقتصادي أكثر اعتمادًا على القطاع الخاص.

وعلى الجانب الآخر، عارض الرئيس التنفيذي لـ"بنك أوف أميركا"، براين موينيهان، الآراء السلبية المنتشرة أخيرًا في وول ستريت، وأشار إلى أن البيانات السلبية الأخيرة لا تعكس بالضرورة حالة الاقتصاد الفعلية، حيث قلل من أهمية الحديث عن ركود محتمل. لكن المؤشرات لا تزال مقلقة، إذ ارتفع معدل البطالة الشامل في فبراير/شباط الماضي إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، كذلك سجلت وول ستريت تراجعًا كبيرًا، مدفوعةً بالمخاوف من الركود.

وبينما يحاول مجلس الاحتياط الفيدرالي الموازنة بين أهدافه المتعلقة بتحقيق التوظيف الكامل والسيطرة على التضخم، يتوقع محللون استمرار حالة التذبذب في الأسواق الأميركية، على الأقل حتى إبريل المقبل، مع احتمالية استمرار ضعف أداء الأسهم الأميركية مقارنة بالأسواق الأخرى، مثل الصين التي بدأت تشهد تحسنًا ملحوظًا.

قراءة المقال بالكامل