شهدت أسواق الأسهم الأميركية تراجعات حادة في مستهل تعاملات يوم الاثنين، حيث استمرت ضغوط البيع التي أثرت على وول ستريت الأسبوع الماضي، في الوقت الذي يستعد فيه المستثمرون لسلسلة من التقارير الاقتصادية المهمة خلال الأسبوع. وضاعف من مخاوف المستثمرين عدم استبعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخول اقتصاد بلاده في ركود بسبب المواجهات التجارية العنيفة مع اقتصادات كبرى.
وفي اللحظات الأولى من جلسة التداول الرسمية في أول أيام الأسبوع، انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 439 نقطة، أي ما يعادل نحو 1%. كما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، الأكثر تعبيراً عن قطاعات الأسهم الأميركية المختلفة، بنسبة 1.5%، بينما فقد مؤشر ناسداك المركب 2.2% من قيمته. وعانى مؤشر ناسداك، الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا، من تراجع كبير نتيجة لانخفاض أسهم مجموعة "العظماء السبعة" من عمالقة شركات التكنولوجيا، إذ هبط سهم تسلا بنسبة 8%، وانخفض سهم ألفابت، الشركة الأم لمحرك البحث الشهير غوغل، بنسبة 4%، كما تراجع سهم ميتا، الشركة المالكة موقعَ التواصل الاجتماعي فيسبوك، بنسبة 3%، وخسر سهم إنفيديا، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، 3% من قيمته.
وخلال الأسبوع الماضي، سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تراجعًا بنسبة 3.1%، في أسوأ أداء أسبوعي له منذ شهر سبتمبر/أيلول، حيث تسارعت موجات بيع الأسهم الأميركية مع تنامي المواجهات التجارية بين الولايات المتحدة وأكبر شركائها التجاريين، كما فقد مؤشر داو جونز 2.4%، بينما انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 3.5%.
وتزامنت هذه التراجعات مع التطورات السياسية في واشنطن، حيث دارت مفاوضات مكثفة بشأن التعرفات الجمركية المتبادلة على مدار الأسبوع. وفي مقابلة بثت يوم الأحد، علق الرئيس دونالد ترامب خلال حديثه مع شبكة فوكس نيوز على احتمال حدوث ركود اقتصادي قائلاً إن الاقتصاد يمر "بفترة انتقالية، لأن ما نفعله هو شيئ كبير". ولم تفلح كلمات وزير التجارة هوارد لوتنيك لشبكة إن بي سي نيوز، التي استبعد فيها صراحة دخول الاقتصاد الأكبر في العالم في ركود، في تهدئة مخاوف المستثمرين.
والأسبوع الماضي، رفع خبراء الاقتصاد في بنك جيه بي مورغان تشيس، أكبر البنوك الأميركية، توقعاتهم لاحتمال حدوث ركود اقتصادي هذا العام إلى 40%، بعد أن كانت 30% في بداية العام. وكتب فريق يقوده بروس كاسمان: "نرى خطرًا كبيرًا بأن تقع الولايات المتحدة في ركود هذا العام بسبب السياسات الأميركية المتطرفة". أما فريق الاقتصاديين في بنك الاستثمار العملاق غولدمان ساكس، بقيادة يان هاتزيوس، فقد أعلن يوم الجمعة عن رفع توقعاته لاحتمال الركود خلال الـ12 شهرًا القادمة إلى 20%، بعد أن كانت 15%. وأشار البنك إلى أن هذه التوقعات قد ترتفع أكثر إذا استمرت إدارة ترامب في الالتزام بسياساتها "حتى في مواجهة بيانات اقتصادية أسوأ بكثير". كما أبقى البنك على توقعاته بشأن خفض سعر الفائدة مرتين هذا العام من دون تغيير.
من جانبهم، قام الاقتصاديون في بنك مورغان ستانلي، بقيادة مايكل جابين، الأسبوع الماضي بخفض توقعاتهم لنمو الاقتصاد، بينما رفعوا توقعاتهم للتضخم، وهو مزيج غير مرحب به. ويتوقع البنك الآن أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 1.5% في عام 2025 و1.2% في عام 2026، وهي تقديرات أقل من السابق. كما يتوقع البنك أن يرتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل لبنك الاحتياط الفيدرالي للتضخم، بنسبة 2.5% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول.
وفي الاتجاه نفسه، صرحت لوري كالفاسينا، رئيسة استراتيجيات الأسهم الأميركية في RBC Capital Markets، في مقابلة مع شبكة سي إن بي سي الاقتصادية يوم الاثنين، بأن المخاطر المرتبطة بالسيناريوهات السلبية للأسواق قد ارتفعت. وأضافت: "كنا نتوقع أن تنهي السوق العام عند 6,600 نقطة، مع تسجيل تراجع يتراوح بين 5% و10% خلال العام قبل أن تستعيد الأسهم الأميركية عافيتها. لكنني أعتقد الآن أن المخاطر تتزايد، وقد نشهد تراجعًا أكبر يتراوح بين 14% و20%".
ومن المتوقع أن تستمر التقلبات السياسية هذا الأسبوع بالتزامن مع صدور بيانات اقتصادية مهمة قد تؤثر على أسواق الأسهم الأميركية والعالمية. ومن بين التقارير المنتظرة، سيصدر يوم الاثنين مسح بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك حول توقعات المستهلكين، فيما ستصدر جامعة ميشيغن تقريرًا عن معنويات المستهلكين يوم الجمعة. أما على صعيد التضخم، فسيُنشر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر فبراير/شباط يوم الأربعاء، يليه تقرير مؤشر أسعار المنتجين يوم الخميس، ما قد يؤثر على توجهات الأسواق خلال الفترة المقبلة.
