تجار تونسيون في سجون ليبيا... فما هو السبب؟

منذ ٤ ساعات ١٥

 

يواجه تجار تونسيون أحكاماً بالسجن في ليبيا بسبب كسب القوت اليومي، بعد توقيف نحو 50 مواطناً تونسياً يعملون في التجارة البينية على المعبر الحدودي برأس جدير وإيداعهم السجن في انتظار إحالتهم إلى القضاء الليبي.
وأعلن رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير أن عشرات التونسيين يعملون في التجارة البينية أودعوا السجون الليبية خلال الفترة الماضية، من بينهم قصّر بتهم التهريب.

وتعيش التجارة البينية التونسية الليبية على وقع أزمات متواترة انتهت إلى غلق المعبر من الجانبين في أكثر من مناسبة، ما تسبب في قطع الشريان التجاري الرئيسي بين البلدين وإحالة آلاف العاملين في السوق السوداء على البطالة.
وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان إن نحو 50 تونسياً يعملون في التجارة البينية يقبعون في السجون الليبية ينتظرون الإحالة على القضاء.

وأكد عبد الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحركة التجارية على المعبر الرئيسي بين تونس وليبيا تشهد توتراً مستمراً وتضييقاً على عبور الأشخاص والسلع من الجانب الليبي منذ ما يزيد عن السنة، قبل أن يزداد التصعيد ضد التجارة ويتم توقيف عدد منهم، وقال: "هي لقمة عيش مغمسة بكثير من الصعوبات والمخاطر".
ويمثل معبر رأس جدير في مدينة بنقردان في محافظة مدنين، جنوب شرقي تونس، الشريان الحيوي للتجارة البينية بين تونس وجارتها الجنوبية، ويبعد المعبر نحو 30 كيلومتراً عن مركز المدينة، وقرابة 180 كيلومتراً عن العاصمة الليبية طرابلس.

وهناك معبران حدوديان بين تونس وليبيا، الأول رأس جدير والثاني معبر الذهيبة وازن في مدينة ذهيبة بمحافظة تطاوين.
واعتبر عبد الكبير أن هناك محاولات لإرباك الوضع التجاري بين البلدين على مستوى المعبر وتضييقاً مبالغاً فيه على التجار التونسيين، مشيراً إلى أنّ التجارة الحدودية توفر مكاسب للعاملين فيها من الطرفين.
وأكد في سياق متصل أن التجارة البينية لا ترتقي إلى مستوى الجريمة السالبة للحرية، لافتاً إلى أنّ من حق السلطات الليبية تطبيق القانون عبر مصادرة السلع وحجزها وإصدار محاضر مخالفة جمركية في حق التجار المتجاوزين دون سجنهم.
وعادة ما تكون لإغلاق معبر رأس جدير بين تونس وليبيا انعكاسات مباشرة آنية على حركة الأفراد والسلع بين البلدين، حيث تعبر يومياً مئات الشاحنات من الجانبين في إطار التجارة البينية المنظمة وتصدير السلع التونسية نحو جارتها الجنوبية.
كما تسيّر عبر المعبر ذاته حركة تجارية موازية تمثل مصدر دخل رئيسياً لآلاف الأسر في الجنوب التونسي، من تجارة البنزين والسلع الإلكترونية والغذائية التي يتم توريدها بطرق غير نظامية.
وشدد عبد الكبير على ضرورة تجاوز أزمات المعبر الحدودي بين تونس وليبيا عبر اتفاقيات تجارة واضحة البنود، مشيراً إلى أن المعبر يظل المتنفس الاقتصادي الرئيسي للمنطقة الغربية في ليبيا وجنوب تونس.
وتجار الحدود هم أشبه بعمال المياومة ممن يكسبون رزقهم من الرحلات اليومية لجلب السلع، سواء عن طريق العربات أو حتى راجلين من المناطق الليبية المتاخمة للمعبر. ويستفيد العاملون في التجارة البينية وتهريب المحروقات من قلة أسعار الوقود في البلد المجاور مقابل سعر مرتفع في تونس، ما أنتج إقبالاً كبيراً على الوقود الليبي.

وحسب عبد الكبير، لا تتعلق التهم الموجهة للتجار المسجونين في ليبيا بتهريب الوقود فقط بل أيضا بتهريب مواد غذائية وإلكترونية، وهي منتجات كان يسمح بتوريدها سابقا بكميات محدودة.
وتعتمد منطقة الحدود التونسية الليبية على التجارة غير الرسمية عبر الحدود، إذ تتسامح السلطات منذ أكثر من عقدين في عبور السلع المهربة بين البلدين بغاية تعزيز الاستقرار الاجتماعي في منطقة فقيرة.
غير أن الثورتين التونسية والليبية عامي 2010 و2011، عطلتا في مناسبات عديدة اقتصاد الحدود، كما أدى المشهد الأمني المتدهور في ليبيا، وتآكل سلاسل التوريد، والإجراءات الأمنية القاسية على الحدود التونسية إلى تفاقم محنة سكان الحدود.
وكانت دراسة سابقة للبنك الدولي قد قدرت كميات المحروقات المهربة عبر الحدود الليبية التونسية بنحو 495 مليون لتر، وهو ما يمثل أكثر من 17% من استهلاك المحروقات في البلاد.
وتتبع التجارة غير الرسمية، حسب دراسة لمركز كارنيغي للشرق الأوسط صدرت عام 2022، هيكلاً هرمياً يتكوّن من خمسة آلاف إلى ستة آلاف شخص يعملون مباشرة في التجارة البينية غير الرسمية.

قراءة المقال بالكامل