أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأنّ مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) دخل مرحلة جديدة من الانتظار والترقب. يأتي ذلك بعد أن أوقف في اجتماع لجنة السوق المفتوحة بالمجلس، أمس الأربعاء، تخفيض أسعار الفائدة، في الوقت الذي يحاول فيه تحديد إمكانية حدوث تخفيض أكبر، وسط اتجاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشن حروب تجارية، ومدى ذلك التخفيض ضمن جهوده للتعامل مع أسعار فائدة بلغت أعلى مستوى لها خلال عقدين من الزمن.
وأشارت الصحيفة الأميركية، في تقرير لها، إلى أنّ ما تمخض عنه اجتماع المركزي الأميركي بالإبقاء على سعر الفائدة القياسي على الأموال الفيدرالية عند نطاقه الحالي حول 4.3% جاء في أعقاب ثلاثة تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة بدءاً من سبتمبر/ أيلول، عندما كان السعر عند حوالي 5.3%.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول، قوله في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع، إنه بوجود أسعار فائدة أقل تقييداً عما كانت عليه قبل تخفيضات العام الماضي "لا نحتاج إلى التسرع في تعديل موقفنا السياسي". وذلك في إشارة إلى أن أسعار الفائدة أصبحت أكثر مرونة، وهو ما يعني أنه أصبح من الأسهل والأرخص الاقتراض بسبب انخفاض أسعار الفائدة، وبالتالي أصبحت الظروف المالية أكثر مرونة، مما يشجع الأفراد والشركات على الاقتراض.
ولفتت الصحيفة إلى أن باول أشار إلى أنه لا يزال متفائلاً بأنّ التضخم سيستمر في التباطؤ في الأشهر المقبلة، لكنه قال إن مسؤولي "الاحتياط الفيدرالي" يريدون أن يروا أن توقعاتهم باستمرار تهدئة ضغوط الأسعار تتحقق قبل خفض أسعار الفائدة. وقال: "يبدو أننا مستعدون لمزيد من التقدم" فيما يتعلق بالتضخم، إلا أن الاستعداد للتقدم شيء، والحصول عليه شيء آخر.
مرونة مجلس الاحتياط الفيدرالي
وفي التوقعات التي صدرت في اجتماع الشهر الماضي، أشار معظم المسؤولين إلى أنهم يتوقعون أن يخفض مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة هذا العام، لكنهم كانوا أقل يقيناً بشأن عدد المرات التي قد يخفض فيها البنك المركزي أسعار الفائدة. وتوقع معظمهم خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، انخفاضاً من أربعة تخفيضات في التوقعات التي صدرت في سبتمبر الماضي، على افتراض استمرار التقدم في خفض التضخم.
ونسبت الصحيفة لريتشارد كلاريدا، الذي شغل منصب نائب باول من عام 2018 حتى عام 2022، أن اجتماع ديسمبر/ كانون الأول الماضي كان يهدف لإعطاء البنك المركزي المرونة اللازمة لعدم اتخاذ خطوات كبيرة، أو إجراء تغييرات جذرية في السياسة النقدية هذا العام.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أنّ مسؤولي مجلس الاحتياط الفيدرالي يواجهون سؤالين كبيرين في الأسابيع والأشهر المقبلة؛ أولهما هو هل يتباطأ نمو الأسعار بصورة تؤدي للوصول إلى هدف البنك المركزي للتضخم والبالغ 2% في العام المقبل أو الذي يليه كما توقع المسؤولون؟ والثاني هو أنه إلى أي مدى تعمل أسعار الفائدة والظروف المالية الأوسع نطاقاً على تقييد النشاط الاقتصادي؟ فقد ذكرت محاضر الاجتماع السابق لمجلس الاحتياط الفيدرالي، والتي صدرت في وقت سابق من هذا الشهر، أن أغلبية المسؤولين كانوا يعتبرون سياستهم في ذلك الوقت "مقيدة بصورة ذات تأثير واضح".
ونقلت الصحيفة عن كلاريدا، الذي يشغل الآن منصب كبير المستشارين في شركة بيمكو العملاقة للسندات، أن هناك سيناريوهين واقعيين لمجلس الاحتياط الفيدرالي هذا العام، بشرط أن يظل النشاط الاقتصادي قوياً. ففي السيناريو الأول، قد يخفض مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة بمجرد حلول الربيع (من مارس/ آذار إلى يونيو/ حزيران) لأن التضخم يستمر في التحرك نحو هدفه البالغ 2%. وفي السيناريو الثاني، لا يغير مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة على الإطلاق لأن التضخم يبدو أكثر ثباتاً مما كان متوقعاً.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قد يبقي مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة إلى أجل غير مسمى إذا لم يكن هناك تقدم بشأن التضخم، أو إذا أصبحت توقعات التضخم ضبابية بشكل خاص. كما نقلت عن سيث كاربنتر، كبير خبراء الاقتصاد العالمي في "مورغان ستانلي"، أن زيادات الرسوم الجمركية قد تدفع مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى وقف تخفيضات أسعار الفائدة، والبقاء على موقفه حتى يتباطأ الاقتصاد بشكل ملموس.
وأضاف أنه يعتقد أن مجلس الاحتياط الفيدرالي لن يرفع أسعار الفائدة إذا أدت الرسوم الجمركية إلى ارتفاع الأسعار لأن الرسوم الجمركية من المرجح أيضاً أن تضغط على التصنيع المحلي من خلال رفع تكاليف المدخلات. وقال كاربنتر إن البدء في رفع أسعار الفائدة بسبب ارتفاع التضخم سيكون التصرف الخاطئ إذا كنت ستتعرض لضربة في النمو، وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن مجلس الاحتياط الفيدرالي من غير المحتمل أن يتجاهل تأثيرات التضخم الناجمة عن زيادة التعريفات الجمركية، كما فعل في عام 2019، ويعود ذلك إلى أن التضخم أصبح الآن مشكلة أكبر مما كان عليه في ذلك الوقت.
