تشكيك بقدرة الولايات المتحدة على عرقلة صادرات النفط الروسي

منذ ١ شهر ٤٤

بعد فرض إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، في الأيام الأخيرة من حكمها، عقوبات جديدة تستهدف صادرات النفط الروسي شاملة الشركتين الرائدتين غازبروم نفط وسورغوت نفط غاز وأكثر من 180 ناقلة، تواجه موسكو تحديات جديدة لمواصلة تصدير نفطها الذي يدر عوائد حيوية بالعملة الأجنبية على الخزانة الروسية، خاصة أن مجموع الإنتاج اليومي للشركتين يزيد عن مليون برميل يومياً، وتأتيان بذلك في المرتبة الثالثة والرابعة في قائمة كبريات شركات النفط الروسية.

ومع ذلك، كان لافتاً أن أكبر شركتي نفط بروسيا، روس نفط (حكومية) ولوك أويل (خاصة) المستحوذتين مجتمعتين على نحو 60% من إجمالي إنتاج النفط ومكثفات الغاز في روسيا، غابتا عن قائمة العقوبات، في مؤشر لسعي واشنطن للجمع بين تشديد الخناق على الاقتصاد الروسي وتجنب ارتفاع دراماتيكي لأسعار النفط العالمية، نظراً لارتباط أسعار الوقود في السوق الداخلية الأميركية بها.

ويستبعد الخبير بالمعهد المالي التابع للحكومة الروسية، إيغور يوشكوف، أن تهوي العقوبات الأميركية الجديدة بصادرات النفط الروسي، مقراً في الوقت نفسه بأن وضع آليات للالتفاف عليها قد يستغرق بعض الوقت ويقلل هامش ربح شركات النفط الروسية.

ويقول يوشكوف في حديث لـ"العربي الجديد": "لن تهوي العقوبات الأميركية الجديدة بالصادرات الروسية، ولكنها ستقلل من ربحية شركتي "سورغوت نفط غاز" و"غازبروم نفط" الخاضعتين لها. ستبحث هاتان الشركتان عن شركات وسيطة غير خاضعة للعقوبات لبيع النفط للصين والهند وغيرهما من الدول، على أن يجري تعديل اسم الجهة المالكة للنفط قبل شحنه، أي إقامة سلسلة إمدادات تحول دون الاحتكاك المباشر بين الشركات الصينية والهندية من جانب، والشركتين الروسيتين من جانب آخر".

ويلفت إلى أن الشركتين الخاضعتين للعقوبات يمكنهما تبادل الأسواق مع شركات روسية أخرى لم تفرض عليها العقوبات، من جهة توجيه إنتاجهما إلى السوق الداخلية مقابل زيادة صادرات الشركات الأخرى، ما يعني أن مجموع الصادرات الروسية من النفط لن يتراجع.

ومع ذلك، يقر بأن إعادة ضبط الأمور قد تتطلب بعض الوقت، مضيفاً: "قد تسجل الصادرات الروسية بعض التراجع خلال الفترة الانتقالية التي سيجري ضخ الفوائض خلالها في المستودعات أو تحويلها إلى منتجات النفط بواسطة المصافي أو خفض الإنتاج في أسوأ الأحوال". ويذكّر بأن خفض روسيا إنتاجها من النفط بمقدار مليون برميل يومياً على خلفية توديعها السوق الأميركية وتخوف المشترين من شراء النفط الروسي في ربيع عام 2022، دفع بأسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل.

ويتوقع أن تستثمر الصين والهند الوضع الراهن لطلب مزيد من الخصومات على النفط الروسي، قائلاً: "الوقت الحالي موات للمشترين حتى يطلبوا من روسيا خصومات إضافية، ما يعني أن فصالاً سيبدأ، وقد ترتفع التخفيضات على النفط الروسي بين 10 و13 دولاراً على كل برميل كما كان الوضع عليه في الفترة الأخيرة، إلى نحو 20 دولاراً".

وفي وقت زاد فيه فرض العقوبات الجديدة قبيل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، من التكهنات بأن إدارة بايدن تسعى لمنع خليفتها من العدول عن سياساتها الرامية إلى استنزاف روسيا ودعم أوكرانيا، أوضح الخبير الدولي في مجال العقوبات، جورج فولوشين، أن الإدارة الجديدة لن تكون مقيدة بالمراسيم الرئاسية السابقة التي يمكنها إلغاؤها أو تطبيقها بالصورة التي تراها.

ونقلت صحيفة "إر بي كا" الروسية عن فولوشين قوله إن سياسات تحديد سقف أسعار النفط الروسي بـ60 دولاراً لم تؤت أكلها، مضيفاً أن "الحكومات الغربية أدركت في لحظة ما أن إجراءات جذرية تقطع شركات وناقلات بعينها عن سوق النفط، ستكون أكثر فاعلية". ورأى أن "هجوم العقوبات المكثف على سفن أسطول الظل إجراء فعال إلى حد كبير" من جهة خلق مشكلات مهمة لنقل موارد الطاقة لبعض الوقت.

ومنذ بدء الحرب الروسية المفتوحة في أوكرانيا، وما ترتب عليها من فرض قيود غربية على صادرات النفط روسي المنشأ، اشترت روسيا مئات من الناقلات كانت تقوم سابقاً بتصدير النفطين الإيراني والفنزويلي، فيما بات يعرف بـ"الأسطول الرمادي" أو "أسطول الظل" المكون من سفن من فئتي "أفراماكس" و"باناماكس" القادرة على تنفيذ نحو أربع رحلات سنوياً بين الموانئ الروسية على البحرين الأسود والبلطيق من جانب، ومجمعات استقبال النفط في الصين والهند اللتين أصبحتا أكبر مشتريين للنفط الروسي.

قراءة المقال بالكامل