صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة عدوانها بحقّ أهالي مخيم جنين، شمالي الضفة الغربية، ضمن محاولات الاحتلال تهجير سكّانه بعد إخلائه بالكامل وإصدار من يسمى "الحاكم العسكري الإسرائيلي"، أمس الأربعاء، قراراً يقضي بهدم نحو 93 بنايةً في مختلف مناطق المخيم. وتقع تلك البنايات في حارات الفالوجة والحواشين والألوب ومنطقة مسجد عبد الله عزام وجورة الذهب وحارة السمران.
وقالت شروق رحال التي تملك منزلًا مخطرًا في حارة الفالوجة، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الاحتلال نشرت خرائط وضعت عليها علامات بلون أحمر على المنازل المخطرة تمهيدًا لهدمها"، مضيفة أنها علمت عن الإخطار بهدم منزلها من الخرائط الإسرائيلية التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تبلغ رسميًا بذلك عبر ورقة أو قرار محكمة. وتابعت: "منذ نحو شهرين، لم أستطع الوصول إلى منزلي في المخيّم، بعد أن نزحت رفقة طفلي الاثنين إلى منزل أقاربنا، ثم إلى منزل للإيجار لم نستطع سداد دينه، والآن نحاول الوصول إلى المنزل من دون جدوى".
وأوضحت رحال أنها منذ نزوحها، لم تستطع الوصول إلى منزلها الذي خرجت منه وتركت فيه مقتنيات وحاجات شخصية لها ولأطفالها، ما يعني أن عملية هدم المنزل من دون السماح لهم بالذهاب إليه وحمل ما يحتاجونه سيؤدي إلى زيادة صعوبة ظروف حياتهم. وأضافت: "خرجت من المنزل من دون حمل شهادتي الجامعية، وبلا تأمين صحي، وبلا ملابس للأطفال".
وكانت اللجنة الشعبية في مخيّم جنين قد نشرت، أمس، بيانًا دعت فيه أصحاب المنازل المخطرة لإرسال صورة صاحب المنزل، وبطاقته الشخصية، وموقع منزله، تمهيدًا لإجراء تنسيق مع الارتباط الإسرائيلي عبر الارتباط المدني الفلسطيني، كي يُسمح لأصحاب المنازل بالذهاب إليها واستخراج ممتلكاتهم منها. وقالت رحال: "ذهبنا للتسجيل، وحتى اللحظة لم يُسمح لنا بالذهاب إلى المنازل، والمنطقة خطرة بسبب انتشار قوات الاحتلال، ولأن عشرات المنازل على وشك السقوط".
وبحسب رحال، فإنها وكثيراً من العائلات لا يعرفون بشكل مؤكد إن كانت منازلهم ما زالت قائمة أو هُدمت، أو حُرقت، لأن لا أحد يستطيع الوصول إلى أحياء مخيم جنين، ما جعلهم يعيشون في حالة من الخوف والقلق. وبخصوص تلقيهم أي دعم خلال فترة نزوحهم منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، ردت رحال: "لم نتلق سوى طرد غذائي واحد طوال الفترة الماضية من جمعية خيرية من دون أي تعويض مالي".
وتنتظر بلدية جنين، خلال الساعات القادمة، ردًا من المحكمة العليا الإسرائيلية بعد أن قدموا التماسًا للحيلولة دون تنفيذ قرار الهدم، وفق رئيس بلدية جنين محمد جرار، الذي أوضح في حديث مع "العربي الجديد" أن سلطات الاحتلال لم تحدد عدد المنازل المهددة بالهدم، إلا أن الخريطة التي نُشرت تشير إلى قرابة 93 مبنى، تضم حوالي 400 وحدة سكنية، يواجه سكانها خطر الإخلاء القسري في حال رفض الالتماس.
ولم تقدم سلطات الاحتلال أي مبرر صريح لعمليات الهدم، غير أن المؤشرات تدل على أن الأمر يحمل أبعادًا سياسية واضحة، بحسب جرار الذي اعتبر أن الاحتلال يُوظَّف العمل العسكري لخدمة مخطط مبرمج للقضاء على قضية اللاجئين بعيدًا عن أي اعتبارات أمنية أو عسكرية. وقال جرار: "بلغ عدد النازحين نحو 21 ألف شخص، بينهم 15 ألفًا من مخيم جنين، وستة آلاف من الأحياء المجاورة، يعيشون في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة". وفي ما يخص حجم الأضرار، أوضح جرار أنه تم الانتهاء من إعداد تقرير يوثق الخسائر التي لحقت بمدينة جنين، ومن المقرر الإعلان عن نتائجه خلال مؤتمر صحافي الأسبوع المقبل، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أرقام وخسائر "خيالية" وفق تعبيره.
ونشرت اللجنة الإعلامية في مخيم جنين بيانًا قالت فيه إن الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ59 على التوالي، وسط عمليات تجريف منازل وإحراقها، وتحويل أخرى إلى ثكنات عسكرية. وأشار البيان إلى أن قوات الاحتلال أحرقت الليلة الماضية عددًا من المنازل في محيط ديوان السعدي داخل المخيم، وتستمر في إغلاق الشارع المؤدي الى مستشفى جنين الحكومي بالسواتر الترابية.
كما جرفت آليات الاحتلال، وفق البيان، 100% من شوارع مخيم جنين وقرابة 80% من شوارع مدينة جنين، فيما هُجّر سكان 3200 منزل من المخيم، وشهد اقتصاد مدينة جنين تراجعًا كبيرًا وازدادت نسبة الفقر بين سكانها. كما أدى عدوان الاحتلال على جنين ومخيمها إلى استشهاد 36 فلسطينياً.
