توطين الصناعة الصينية في عُمان يفتح أبواب التشغيل

منذ ٦ ساعات ١٣

مع تضاعف حجم الاستثمارات الصينية في عُمان يتصاعد نفوذ الشركات الصينية في السلطنة، ما يوفر الآلاف من فرص العمل للعمانيين، ويدعم تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.
ومن أبرز الاستثمارات الصينية في السلطنة ما أعلنته شركة "جيتور" الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية في 26 فبراير/شباط الماضي، بشأن ضخ استثمارات ستوفر عشرة آلاف فرصة عمل من خلال "توطين" قطاع صناعة السيارات، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء العمانية.

وأوضحت الشركة الصينية، في بيان، أن الدراسات الأولية تشير إلى أن حجم استثماراتها المتوقع في سلطنة عُمان يبلغ نحو 6.9 مليارات ريال عُماني (18 مليار دولار)، ما يتماشى مع القطاعات ذات الأولوية في الاستراتيجية الصناعية العُمانية 2040، التي تركز على الصناعات كثيفة رأس المال، والصناعات المعتمدة على المعرفة، مثل أشباه الموصلات، والمركبات، والبطاريات.

ويرتكز مشروع "جيتور"، المزمع تنفيذه خلال عامين من الإعلان الرسمي، على إدخال تقنيات متقدمة لشحن واستبدال البطاريات، وهي تقنيات تُستخدم حالياً في الصين فقط، وفقاً لما أوردته تقرير نشرته صحيفة عمان ديلي.

و"جيتور" يمثل نموذجاً لسلسلة من الاستثمارات الصينية الكبيرة في السلطنة، والتي توسعت في سوق الجملة والتجزئة، حتى أصبح "السوق الصيني" أحد أبرز مراكز التسوق في العاصمة مسقط، حسبما رصد "العربي الجديد" ميدانياً.

فرص غير مباشرة

في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الفرص الوظيفية المباشرة التي توفرها المصانع الصينية في عمان قد تكون محدودة، ولا تتجاوز نسبتها 10% في وظائف مثل السائقين أو الحراس أو المحاسبين، غير أن فرص العمل غير المباشرة هي الأكثر أهمية، خاصة في البيئة الاستثمارية العمانية والمناطق الصناعية فيها.
فالتوقعات تشير إلى أن الاستثمارات الصينية ستُحقق فوائد كبيرة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالسلطنة، مثل مزوّدي الطعام والخدمات الأخرى، بالإضافة إلى فرص التسويق، وهذه الفوائد غير المباشرة يراها الطوقي مهمة للاقتصاد العماني بشكل عام، حتى لو لم تكن مرتبطة مباشرة بالدخل أو الفائدة المالية.
ويوضح الطوقي أن الفوائد غير المباشرة للاستثمارات الصينية هي الكبرى والأعمق تأثيراً، لأنها هي التي تسهم في تحقيق الاستدامة للاقتصاد، عبر خلق فرص عمل غير مباشرة ودعم المؤسسات المحلية.

قطاعات التوظيف في عُمان

وفي السياق، يشير عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان بيار الخوري، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاستثمارات الصينية في سلطنة عُمان، والتي تأتي في إطار مبادرة الحزام والطريق، تشكل محوراً رئيسياً لتعزيز التعاون الاقتصادي والبنية التحتية بين البلدين، لافتاً إلى أنها تتركز في قطاعات حيوية مثل الطاقة والصناعات البترولية، والبنية التحتية كالموانئ والطرق، والطاقة المتجددة، والمناطق الصناعية، والخدمات اللوجستية.

وهذه المشاريع لا تُسهم فقط في تنويع الاقتصاد العُماني، بل تفتح أيضاً آفاقاً جديدة للشباب العُماني من خلال توفير آلاف الوظائف المباشرة في مجالات الهندسة والتقنية والإدارة، بحسب الخوري، الذي يلفت أيضاً إلى فائدة أخرى تتمثّل في فرص نقل المعرفة والتكنولوجيا من خلال برامج تدريبية مشتركة بين المؤسسات التعليمية العُمانية ونظيرتها الصينية.

وهذه البرامج تُعزز المهارات المحلية وتُؤهل الكوادر الشابة لقيادة قطاعات المستقبل، مما يعزز من قدراتهم التنافسية في سوق العمل، كما تُساهم في تنويع الاقتصاد العُماني وتقليل الاعتماد على النفط، خاصة مع تطوير المناطق النائية مثل منطقة الدقم، التي تُصبح نقطة وصل استراتيجية بين الصين وأسواق أفريقيا وأوروبا، مما يعزز عائدات النقل والتخزين ويرفع من مكانة عُمان كمركز تجاري إقليمي، حسبما يرى الخوري.

تعظم الفوائد والتحديات

ولتعظيم الفوائد، يشير الخوري إلى أن الحكومة العُمانية تعمل على توطين الوظائف عبر تشريعات تلزم الشركات الأجنبية بتوظيف نسبة من الكوادر المحلية، كما تدعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمكين الشركات الناشئة من الاستفادة من الفرص الجديدة، وتوجه المناهج التعليمية نحو مهارات سوق العمل، مثل اللغات والتقنيات المتقدمة، لضمان توافق الخريجين مع متطلبات سوق العمل المتغيرة.
ومع ذلك، يلفت الخوري إلى أن هذه الاستثمارات لا تخلو من تحديات، أبرزها: الاعتماد المحتمل على العمالة الأجنبية إذا لم تُفعل سياسات توطين صارمة.
ويخلص الخوري إلى أن الاستثمارات الصينية تمثل دافعاً مهمّاً للاقتصاد العُماني إذا أُحسنت حكومة السلطنة إدارتها، فهي توازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية وحماية المصالح المحلية، ما يضمن تحقيق تنمية مستدامة تمنح الشباب فرصاً حقيقية وتعزز مكانة عمان الاقتصادية على المدى الطويل.

قراءة المقال بالكامل