تونس: مطالب بالإفراج عن نشطاء سجنوا بسبب نشاطهم الإنساني

منذ ١٣ ساعات ٨

لم تتمكن السجينة التونسية، ورئيسة جمعية تونس أرض اللجوء، شريفة الرياحي، الموقوفة منذ سنة، من إرضاع ابنتها البالغة حينها شهرين فقط، ولا من رؤية طفلها ذي الثلاث سنوات وفق تأكيد والدتها فريدة الرياحي، مضيفة في مؤتمر صحافي، اليوم الثلاثاء، أن ابنتها في السجن بسبب عملها الجمعياتي والإنساني.

 وأوقفت الرياحي، حالها حال عديد رؤساء الجمعيات والناشطين في المجتمع المدني، خاصة تلك التي تعنى بالهجرة وبالعمل الإنساني وبالحقوق والحريات بتهم تبييض الأموال. وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، قد اتهم عدة جمعيات بتلقي مبالغ خيالية من الخارج، مضيفاً أن عدداً من الجهات تضخ بدورها هذه الأموال لأغراض سياسية مفضوحة في خرق تام للقانون وفي تدخل سافر في الشؤون الداخلية لتونس، مطالباً خلال شهر فبراير باتخاذ نص يمنع تمويل الجمعيات من الخارج لأنهم في الظاهر جمعيات ولكنهم امتداد لقوى خارجية تريد العبث بالدولة التونسية.

وقال ناشطون وعائلات موقوفين وموقوفات خلال مؤتمر صحافي بتونس، إنه لا بد من إطلاق سراح جميع النشطاء، خاصة أن جل التحقيقات لم تسفر عن تبيض أموال، وأن عمل هذه الجمعيات كان في إطار القانون ويتم بالتنسيق مع مؤسسات الدولة الرسمية، وأن ذنب هؤلاء هو نشاطهم الجمعياتي والإنساني، مشيرين إلى أنه إستعداداً لإحياء اليوم العالمي لمناهضة العنصرية قي 21 مارس/آذار فإنه لا بد من إيقاف كل أشكال التمييز العنصري وإطلاق سراح الموقوفين.
وقالت الناشطة الحقوقية والمحامية، حياة الجزار، في كلمة لها، إن شريفة الرياحي أُودعت السجن منذ سنة، ورغم حفظ التهم بحق رئيسة "جمعية تونس أرض اللجوء"، إلا أنه وجهت لموكلتها تهمة ثانية وهي إيواء أجنبي، وهي جنحة بسيطة، وبالتالي فإن مواصلة الزج بها في السجن غير مبررة، مؤكدة أن العائلة توجهت إلى تدويل القضية وقدمت شكوى في الغرض.
وقالت الجزار في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "عدة تونسيات موقوفات في السجون التونسية بسبب نشاطهن المدني، وأغلب الإحالات تتعلق بتهم تبييض الأموال رغم أن هذه الأموال تمر عبر البنك المركزي"، موضحة أنه "بحسب القانون عدد 88 المنظم لعمل الجمعيات فإن كل الأعمال تتم بكل شفافية وفي إطار القانون والوضوح".
ولفتت إلى أنه "رغم ذلك أوقفت شريفة الرياحي وأيضاً رئيسة جمعية منامتي (لمناهضة التميز العنصري) سعدية مصباح وعدة ناشطات أخريات، وقد تزامن ذلك مع حملة على صفحات التواصل الاجتماعي لشيطنة العمل الجمعياتي، خاصة ذلك الذي يعنى بمجال الهجرة وبمهاجري جنوب الصحراء وبالتالي فإنهم لا يستبعدون أن يكون القرار سياسياً.

وبحسب عضو جمعية منامتي، زياد غوينة فإنه تم في 16 مايو 2024، شيطنة الجمعية باتهامات مالية رغم نشاطها الواضح، ومساهمتها في حل عدة إشكاليات تتعلق بالهجرة، والتحسيس والتوعية ضد خطاب الكراهية الذي يستهدفهم".
وقال زياد في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "بعد حملات شيطنة واسعة ضد عدة جمعيات تونسية وُجّهت تهم باطلة لرئيسة الجمعية تتعلق بتبييض أموال وتلقي تمويلات أجنبية، ووجهت لهم عدة اسئلة في علاقة بنشاط الجمعية، موضحاً أن "دورهم تحسيسي وأن سعدية ناشطة جمعياتية وليست مجرمة ومكانها ليس السجن". مضيفاً أن "تهديد وشيطنة المتضامنين والعاملين ضد التمييز العنصري غير مقبول لأن هذا هو الإجرام الحقيقي"، مؤكداً أنه" لا بد من إطلاق سراح سعدية مصباح ولن يكونوا كبش فداء".    
أما ليلى غريسة، شقيقة السجينة سلوى غريسة، المديرة التنفيذية لجمعية تفعيل الحق في الاختلاف، فتؤكد أن "شقيقتها أوقفت يوم 13 ديسمبر الماضي بتهمة تبييض أموال، ولكن لا وجود لأي إثبات إلى حد الآن رغم كل التدقيق"، مبينة أن "شقيقتها سجنت ظلماً وذنبها هو نشاطها الحقوقي والإنساني من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات".
وأضافت في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "شقيقتها حلمت منذ الثورة بالحريات وكانت تظن أن العيش المشترك ممكن مهما كانت الاختلافات في تونس، مبينة أن الجمعية نسقت مع عديد الجمعيات التي تعنى بالحقوق والمساواة للعمل المشترك وكوّنوا مرصداً يعنى بالدفاع عن الحقوق، ليتم إيقاف شقيقتها في 13 ديسمبر".

وقال عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إن "موجة التجريم ضد منظمات المجتمع المدني كانت بقرار سياسي وضمن مجلس وزاري في مايو 2024 خاصة بعد أن تورطت السلطة في خطاب عنصري ضد مهاجري جنوب الصحراء، وكأنها أصبحت تبحث عن أكباش فداء، فتوجهت مباشرة للمنظمات والجمعيات التي تعمل على ملف الهجرة وعلى الميدان، أي تلك الموجودة في الخط الأمامي بملف الهجرة"، مشيراً إلى أنهم "في الحقيقة شركاء الدولة التونسية في العمل الإنساني"، مبيناً أن "الدولة تريد ضرب المنظمات التي تقدم خدمات مباشرة بهدف جعل المهاجرين في وضعية هشاشة، استعداداً لترحيلهم".

وقال بن عمر في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الخيط المشترك بين جل الإيقافات أن هؤلاء يعملون ضمن عمل ميداني في الإيواء والإغاثة وجلهم معروفون بعدم اتخاذ أي مواقف سياسية، إذ تحركت الملفات مباشرة بعد انعقاد المجلس الوزاري وكأن الدولة تريد ضرب النشطاء لتبرير خطاب رئيس الجمهورية عن وجود مؤامرة ووفاق إجرامي"، مؤكداً أن "العائلات قدمت اليوم الحقيقة وأنه لا بد من محاكمة هؤلاء وهم في حالة سراح". وبين أن "الدولة اختارت نقل مهاجري جنوب الصحراء إلى غابات الزيتون في العامرة بصفاقس، وهي التي اختارت نقل الأزمة، مضيفاً أنها تعتمد مقاربة الإنكار والصمت".

قراءة المقال بالكامل