تستمر معاناة المزارعين السوريين في الوصول إلى أراضيهم التي كانت سابقاً ضمن مناطق سيطرة نظام بشار الأسد بسبب مخلفات الحرب والألغام، لاسيما أن مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) دعت الأهالي إلى تجنب القرى والمناطق التي كانت ضمن خطوط التماس مع النظام في شمال غرب سورية، وتجنب المنازل المدمرة والطرق غير المستخدمة، والثكنات والمقرات العسكرية السابقة. كما حثت الأهالي على الحذر من الأجسام الغريبة وعدم لمسها أو تحريكها، والإبلاغ عنها فوراً، في ظل استمرار فرقها الهندسية يومياً في إجراء عمليات المسح التقني للأراضي الملوثة بمخلفات الحرب لتجنيب المدنيين خطرها عبر إتلاف الذخائر.
مالك حمادي، من سكان قرية كفر بطيخ، قال لـ"العربي الجديد": "كنت مهجراً منذ خمس سنوات بعيداً عن بيتي وقريتي، ولكن بفضل جهود الثوار، تمكنّا من العودة بعد تحرير المنطقة بالكامل وطرد النظام منها. هذه فرحة عظيمة للسوريين المهجرين، من درعا وحمص ودير الزور وحماة وخان شيخون".
وعند سؤاله عن أبرز المشكلات التي واجهتهم، قال: "عدنا نحن الفلاحين إلى أراضينا ووجدناها مليئة بمخلفات الحرب، من قذائف هاون ودبابات وصواريخ وغيرها. طلبنا المساعدة من فرق الهندسة والدفاع المدني، وقد ساعدونا في تفكيك الألغام ونقلها للتخلص منها. الوضع خطير للغاية، وما زلنا بحاجة إلى دعم إضافي لتنظيف الأرض بالكامل".
أضاف حمادي: "في قريتنا الألغام منتشرة بشكل كبير، وكأنها مزروعة مثل البطاطا، حيث نجد ألغاماً كل بضعة أمتار. ويخشى الكثير من الأهالي العودة إلى أراضيهم أو حتى الاقتراب منها، خوفاً من الانفجارات التي قد تؤدي إلى بتر أطراف أو الوفاة".
حسين حمادي، من أبناء القرية، قال لـ"العربي الجديد": "لم أتمكن من العودة إلى منزلي بسبب الدمار الكامل. أنا الآن أعيش في قرية مجاورة. تبلغ نسبة الأراضي الملغمة في قريتنا نحو 60%، خاصة على طول الساتر المحيط بالقرية. الأشجار دُمرت بالكامل، ولم أجد شجرة واحدة من بين مئات أشجار المحلب والزيتون التي كانت مزروعة شرق القرية". مشيرا إلى وجود القنابل والألغام المنتشرة بين أغصان الزيتون في أرضه قائلا: "طلبنا المساعدة من فرق الهندسة، التي تمكنت من إزالة جزء منها، لكن الأرض ما زالت بحاجة إلى فحص كامل لتصبح آمنة".
وكانت "الخوذ البيضاء"، قد أشارت إلى أنّ النظام السابق والمليشيات الموالية له عمدوا إلى زرع الألغام في مناطق حيوية، بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين، في جريمة طويلة الأمد تمثل وجهاً آخر من ممارساتهم الوحشية.
