دلالات انخفاض واردات الصين من الأسلحة

منذ ١ أسبوع ١٦

انخفضت واردات الصين من الأسلحة بنحو الثلثين خلال السنوات الخمس الماضية مع استبدال مشتريات الأسلحة من الخارج بشكل متزايد بالتكنولوجيا المصنعة محلياً، وذلك وفقاً لتقرير صدر أمس الاثنين عن معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري). وأظهر التقرير أن هناك انخفاضاً بنسبة 64% في عمليات التصدير إلى الصين بين عامي 2020 و2024 مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وأن هذا التغيير جاء مدفوعاً بنمو صناعة الأسلحة المحلية في الصين، حيث حلت الأنظمة المصممة والمنتجة محلياً محل المعدات التي كانت تُشترى في السابق بشكل رئيسي من روسيا، وهو الاتجاه الذي من المرجح أن يستمر.

وبحسب ما جاء في التقرير، أصبحت أوكرانيا أكبر مستورد للأسلحة الرئيسية في العالم في الفترة 2020-2024، حيث زادت وارداتها بنحو 100% مقارنة بالفترة 2015-2019. كما نمت واردات الأسلحة الأوروبية بشكل عام بنسبة 155% بين 2020 و2024، حيث استجابت الدول للغزو الروسي لأوكرانيا وعدم اليقين بشأن مستقبل السياسة الخارجية الأميركية. وزادت الولايات المتحدة حصتها من صادرات الأسلحة العالمية إلى 43%، في حين انخفضت صادرات روسيا بنسبة 64%.

يوان تشو: القدرة المتزايدة للصين على تصميم وإنتاج أسلحتها الرئيسية يجعلها دولة مكتفية ذاتياً

كما حلت أربع دول في آسيا وأوقيانوسيا (تضم الدول الواقعة في جنوب المحيط الهادئ) في قائمة أكبر عشرة مستوردين للأسلحة على مستوى العالم في الفترة 2020-2024: الهند وباكستان واليابان وأستراليا. في المقابل، خرجت الصين من قائمة أكبر عشرة مستوردين للأسلحة لأول مرة منذ 1990-1994. وكان الموردون الرئيسيون للمنطقة في الفترة 2020-2024 هم الولايات المتحدة، التي شكلت 37% من واردات الأسلحة، وروسيا (17%) والصين (14%). ومع الانخفاض الحاد في واردات الصين من الأسلحة والانخفاض الملحوظ في واردات تايوان (-27%) وكوريا الجنوبية (-24%)، تقلصت واردات الأسلحة من دول شرق آسيا بنسبة 22% بين عامي 2015-2024. وكانت اليابان الدولة الوحيدة في شرق آسيا التي شهدت زيادة في وارداتها من الأسلحة (+93%).

ونقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست الصينية، عن سيمون ويزمان، الباحث في معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، قوله إن الأمر استغرق ثلاثين عاماً حتى تمكنت الصين من استبدال الأسلحة المتطورة المستوردة بتقنيات طُوّرت محلياً. وأشار إلى أنه في السنوات الخمس الماضية، كانت أكبر الأشياء التي ما زالوا يستوردونها من روسيا عبارة عن شيئين أساسيين، المروحيات والمحركات - من الصعب للغاية إنتاجها إذا لم تكن لديك خلفية في ذلك - وهذا هو المكان الذي حققت فيه الصين اختراقاً، حيث عملت بكين مع مرور الوقت على التخلص التدريجي من وارداتها من روسيا وأيضاً من التصميمات الأوروبية.

أسباب تراجع واردات الصين من الأسلحة

لين وي: الصين اعتمدت على تطوير الأسلحة المستوردة من الخارج بتقنيات محلية

وفي تعليقه على تراجع واردات الصين من الأسلحة، اعتبر الباحث في الشؤون العسكرية في معهد نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية يوان تشو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ذلك يعتبر دلالة على تطوير الصين قدراتها الذاتية في مجال التصنيع العسكري، موضحاً أن القدرة المتزايدة للصين على تصميم وإنتاج أسلحتها الرئيسية تجعلها دولة مكتفية ذاتياً. ولفت إلى أنه مع تحسن المستويات العلمية والتكنولوجية وتعزيز قدرات البحث والتطوير والتصنيع المستقلة، من الطبيعي أن تعمل بكين بشكل تدريجي على خفض استيراد الأسلحة والمعدات العسكرية، مشيراً إلى أن الأسلحة المصنوعة في الصين تتمتع بمستوى تكنولوجي عالٍ يجعلها تحظى بميزة تنافسية في الأسواق العالمية وتفضيل بعض البلدان المستوردة مقارنة بالخيارات الأخرى.

تقدم الهندسة العسكرية

من جهته، أرجع الأستاذ في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية لين وي، في حديث مع "العربي الجديد"، انخفاض واردات بكين من الأسلحة إلى عمليات التحديث في مجال الهندسة العسكرية. وأوضح، في هذا السياق، أن الصين اعتمدت على تطوير الأسلحة المستوردة من الخارج بتقنيات محلية ذات كفاءة تكنولوجية عالية، مثل صاروخ الدفاع الجوي الصيني "إتش كيو-9" الذي جرى تطويره محلياً، وهو مستوحى من صاروخ الدفاع الجوي الروسي "إس ــ 300"، وأيضاً حاملة الطائرات الصينية "لياونينغ"، هي أول حاملة طائرات تخدم في البحرية الصينية، كانت في الأصل معدة للخدمة في البحرية السوفييتية، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، توقفت أعمال البناء، واشترتها الصين في 1998 وأعادت بناءها ودخلت الخدمة في 2012.

ولفت لين وي إلى أن عقوداً من النمو الاقتصادي والتحديث العسكري المستمر أدت بطبيعة الحال إلى جعل الصين قوة كبيرة في تجارة الأسلحة العالمية. وأشار إلى أنه خلال القرن الماضي، كانت واردات الصين من الأسلحة التقليدية أكبر بعدة مرات من صادراتها، ولكن منذ تولي الرئيس شي جين بينغ مقاليد الحكم في 2013، تجاوزت صادرات بكين من الأسلحة مشترياتها الخارجية، وذلك ضمن استراتيجية عسكرية تهدف إلى رفع الكفاءة التكنولوجية وجودة الجيش الصيني على حساب الكم العددي الذي كان سائداً خلال العقود الماضية.

تاريخياً، تدفقت الأسلحة الروسية إلى الصين على نطاق واسع، حيث سيطرت موسكو على واردات بكين من الأسلحة لسنوات طويلة. لكن هذا الاتجاه بدأ يتغير منذ بداية الألفية الثانية، وقد عكس ذلك قدرات الصين المتزايدة في إنتاج الأسلحة المحلية. كما طرأ تغيير أيضاً على طبيعة واردات الصين من الأسلحة. ففي الماضي، كانت تشتري أنظمة أسلحة كاملة، ولكن الآن أصبحت الحكومة تميل بشكل متزايد إلى شراء أجزاء محددة للتجميع في أنظمة الأسلحة المصممة والمبنية محلياً.

قراءة المقال بالكامل