طبقت الصين قرارها بفرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 15% على سلع زراعية أميركية مختارة بعناية، رداً على مضاعفة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
تعد الرسوم التي جرى الإعلان عنها، الأسبوع الماضي، بعيدة المدى، وتؤثر على السلع الأميركية من لحوم البقر والدواجن إلى الحبوب. وإلى جانب الرسوم الجمركية، قالت بكين أيضاً إنها ستعلق تماماً واردات فول الصويا من ثلاثة كيانات أميركية، وأوقفت أيضاً شراء جذوع الأشجار الأميركية.
جاء تحرك بكين بعد أن ضاعفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية الشاملة على جميع الصادرات الصينية. وتستهدف تدابير الصين السلع التي يمكن للبلد الآسيوي الحصول عليها من دول أخرى، مما يحمي الاقتصاد المحلي من ردود الفعل السلبية.
وأشار المسؤولون الصينيون إلى ثقتهم في قدرتهم على التعامل مع التوترات التجارية مع إدارة ترامب. وفي الأسبوع الماضي، قال وزير المالية لان فو آن على هامش جلسة تشريعية سنوية في بكين، إن الحكومة المركزية لديها أدوات سياسة مالية واسعة، ومساحة للرد على التحديات المحلية والخارجية المحتملة.
وحذرت الصين سابقاً، عبر صحيفة "غلوبال تايمز" المملوكة للدولة، من أن المنتجات الزراعية ستقع في مرمى نيرانها عند ردها على سياسات ترامب. ويأتي الانتقام الصيني في وقت حساس، إذ يستعد العديد من المزارعين الأميركيين لبدء موسم الزراعة الجديد خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وتُعد الصين أكبر مستورد لفول الصويا عالمياً، حيث يُستخدم في إنتاج زيت الطهي والأعلاف لتغذية قطيعها الكبير من الخنازير.
ومنذ آخر حرب تجارية مع الولايات المتحدة، سعى أكبر اقتصاد في آسيا إلى تنويع مصادر إمداداته. وكانت الأسواق الزراعية في مرمى نيران الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة خلال ولاية ترامب الأولى (2017 ـ 2021)، ما أدى إلى تراجع مبيعات فول الصويا الأميركية بنحو 80% على مدى عامين. ومنذ ذلك الحين، اتخذت الصين خطوات لتعزيز وارداتها من دول أخرى مثل البرازيل.
وتعد الصين أكبر سوق للمنتجات الزراعية الأميركية، إذ تمثل 17% من إجمالي الصادرات الزراعية الأميركية في عام 2023، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأميركية. وفي العام الماضي، استوردت الصين ما يقرب من 20 مليار دولار من فول الصويا والذرة والقطن ومنتجات زراعية أميركية أخرى ستخضع للرسوم الجمركية الجديدة، بحسب بيانات وزارة الزراعة الأميركية. وتمثل هذه المنتجات حوالي 80% من إجمالي الصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين.
وتجددت الحرب التجارية بين الولايات المتحد والصين في الأسابيع الأولى من عودة ترامب إلى البيت الأبيض وتصاعدت بسرعة، وشملت الصين وكذلك شركاء الولايات المتحدة التجاريين. وفي أوائل فبراير/شباط الماضي، فرض ترامب رسوماً إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية رداً على ما قال إنه فشل الصين في وقف تدفقات مخدر "الفنتانيل" إلى الولايات المتحدة.
وردت الصين بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على واردات الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، فضلاً عن رسوم جمركية بنسبة 10% على المعدات الزراعية والنفط الخام، وفرض قيود على صادرات المعادن المستخدمة في تصنيع المنتجات عالية التقنية، وتحقيق في مكافحة الاحتكار مع غوغل، وإدراج شركتين أميركيتين أخريين في القائمة السوداء.
لكن ترامب عاد وفرض رسوماً إضافية أخرى بنسبة 10%، الأسبوع الماضي، لترد الصين باستهداف السلع الزراعية الأميركية، كما وضعت 15 شركة أميركية، بما في ذلك "Leidos" المتخصصة في الدفاع والطيران وتكنولوجيا المعلومات العاملة في تصميم وهندسة وإنتاج وصيانة المعدات العسكرية المجنزرة، على قائمة تمنعها من استيراد السلع التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، ومنعت 10 شركات أخرى من التجارة مع الصين أو الاستثمار فيها.
وتنذر الولاية الثانية لترامب بحرب تجارية شرسة مع الصين، إذ شهدت ولايته الأولى رفع الرسوم الجمركية بنسبة 19% في المتوسط، وفقاً لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث، بينما الآن، بعد أقل من شهرين من ولايته الجديدة، زاد هذا الرقم بأكثر من الضعف، مضيفاً رسوماً جمركية بنسبة 20% على جميع الواردات من الصين. وتطاول هذه الرسوم منتجات مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والألعاب، التي استبعدها ترامب من الرسوم الجمركية الإضافية في ولايته الأولى من أجل حماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار.
