أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يقيّد حصول أبناء غير الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة على الجنسية، في خطوة تتعارض مع الدستور الأميركي الذي ينصّ على منح الجنسية لمن يولد داخل الولايات المتحدة، وهو ما دفع اتحاد الحريات المدنية الأميركية ومحامي الحقوق المدنية و22 ولاية يقودها الديمقراطيون إلى رفع أربع دعاوى قضائية تطعن في الأمر التنفيذي لترامب.
في ما يلي أسئلة وأجوبة حول مقدرة ترامب على تنفيذ أمره التنفيذي، وما هي حجة الجمهوريين، والخطوات التالية، ولماذا يمكن لأبناء المهاجرين غير الشرعيين وأي شخص يولد حالياً في الولايات المتحدة الحصول على الجنسية، وما مدى إمكانية تدخل المحكمة العليا لحسم الصراع.
-
ما هو التعديل الرابع عشر الذي يعطي حق الولاية بالجنسية؟
ينص التعديل الرابع عشر من الدستور الأميركي، في فقرته الأولى، على أنّ "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها. ولا يجوز لأي ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة. كما لا يجوز لأي ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة، أو الحرية، أو الملكية، دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين".
-
كيف اعتمد التعديل الرابع عشر؟
اعتمد التعديل الرابع عشر عقب الحرب الأهلية الأميركية باعتباره واحداً من تعديلات إعادة الدمج والإعمار، ويعد أحد أكثر التعديلات أهمية، فهو يعالج حقوق المواطنة والحماية المتساوية بموجب الدستور. ألغى هذا التعديل قرار المحكمة العليا في قضية دريد سكوت ضد ساندفورد عام 1857، التي قضت بأن الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية لا يمكن أن يكونوا مواطنين للولايات المتحدة. ببساطة هذا التعديل منح أبناء الأميركيين الأفارقة الذين استعبدهم الرجل الأبيض آنذاك، حق المواطنة.
-
ما هو الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب؟
أمر ترامب التنفيذي، الصادر من أجل "حماية معنى وقيمة المواطنة الأميركية"، بحسب ما جاء في القرار، يدفع الحكومة الفيدرالية لرفض الوثائق الفيدرالية التي تعترف بمواطنة الأطفال المولودين في الولايات المتحدة بعد 18 فبراير/ شباط 2025، إذا كانت الأم غير موثقة أو موجودة هنا بإذن مؤقت، وإذا لم يكن الأب مواطناً أميركياً أو مقيماً دائماً قانونياً في وقت ولادة الطفل.
-
هل يوقف الأمر التنفيذي التعديل الرابع عشر؟
الأوامر التنفيذية محدودة، ولا يملك الرئيس أي سلطة فوق الدستور الأميركي، وبالتالي بمجرد رفع قضايا ضد هذا الأمر يتم وقفه. وتؤيد سوابق المحكمة العليا القضائية التي استمرت 120 عاما تطبيقه على الأطفال المولودين في الولايات المتحدة من المهاجرين، إذ وافق المصدقون على التعديل الرابع عشر على أنه سيطبق على أطفال غير المواطنين.
-
من الذي رفع قضايا ضد الأمر التنفيذي للرئيس؟
رفعت 22 ولاية أميركية، واتحاد الحريات المدنية الأميركية ومنظمات حقوقية، دعاوى قضائية لوقف هذا الأمر التنفيذي، متهمين ترامب بالسعي إلى إلغاء "مبدأ دستوري راسخ وطويل الأمد" بمرسوم تنفيذي، وقالوا إن محاولة الرئيس دونالد ترامب منع المولودين بالولايات المتحدة من الحصول على الجنسية هي محاولة غير قانونية لحرمان مئات الآلاف من الأطفال المولودين في أميركا من جنسيتهم بناء على نسبهم. وقالت الدعاوى القضائية إنه "ليست للرئيس سلطة إعادة كتابة أو إبطال تعديل دستوري أو قانون أُقِرّ بشكل صحيح. ولا يجوز له بموجب أي مصدر آخر للقانون تقييد من يحصل على الجنسية الأميركية عند الولادة".
-
ما هو الإجراء الذي يمكن اتباعه لتعديل الدستور الأميركي؟
تعديل الدستور الأميركي في غاية الصعوبة، بل إنه يكاد يكون حالياً في حكم المستحيل في ظل حالة الانقسام داخل البلاد، خاصة في ظل الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين. يستلزم تعديل النص موافقة أغلبية مجلس النواب، وموافقة 75% من مجلس الشيوخ، ثم موافقة 75% من الولايات، وهو أمر غير ممكن حدوثه حالياً سواء في مجلس الشيوخ أو حتى الولايات. ويسيطر الجمهوريون على مجلس النواب بفارق أربعة مقاعد فقط، وعلى مجلس الشيوخ بـ53%، كما يسيطرون على 27 ولاية. حتى في حال اتفاق الجمهوريين كلهم في مجلسي النواب والشيوخ، والولايات على القرار، لا يزالون بحاجة لإقناع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ والولايات.
-
على ماذا يستند ترامب وأنصاره؟
النص الدستوري لا يمكن نقضه أو إلغاؤه أو تعديله إلا بتعديل دستوري. يجادل ترامب والجمهوريون بأنهم يطالبون بعدم منح الجنسية لمواليد المهاجرين غير الشرعيين، ويقولون إن النص الدستوري لا ينص على أن هذا الحق بلا استثناء، وبالتالي فإنّ حجتهم أنّ روح النص لا تشمل من يقيم والداه بطريقة غير شرعية، وعليه سيكون هناك طريق طويل إلى المحكمة العليا التي ستحدد القرار النهائي. والمحكمة العليا الأميركية في تشكيلتها الحالية تميل إلى المحافظين الجمهوريين بستة أعضاء مقابل ثلاثة قضاة ليبراليين. وغالباً من يأخذ بروح النص هم الليبراليون، بينما يميل المحافظون إلى النص الحرفي، لكن هذه القضية تتناغم مع رغبة الجمهوريين في تقييد أوضاع المهاجرين داخل الولايات المتحدة، ولا أحد يعرف إلى أين سيتجه قرار المحكمة.
-
على منْ سينطبق القرار؟
بداية سيستغرق الأمر بضع سنوات، وحال تطبيقه، فلا يمكن تطبيقه نهائياً بأثر رجعي، وسينطبق فقط على مواليد المستقبل. لكن حتى هذه اللحظة قانونياً ودستورياً لا يمكن تنفيذ الأمر ومنع حق الجنسية للمواليد في أميركا، وطالما لم تتخذ المحكمة العليا قراراً، فإن أي مولود حالياً داخل أميركا لأبوين غير أميركيين أو مهاجرين غير شرعيين، سيحصل على الجنسية، حتى لو حاول الجمهوريون تعطيل الأمر.
