سورية: مخلفات الحرب تحول حياة المدنيين إلى جحيم

منذ ١٢ ساعات ١٤

في حادثة مأساوية جديدة، أصيب ثلاثة أطفال أشقاء بجروح بليغة جراء انفجار ذخائر غير منفجرة من مخلفات الحرب في منزل العائلة بمدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، صباح الثلاثاء. وأدى الانفجار إلى دمار جزئي في المنزل، ما استدعى تدخل فرق الدفاع المدني لإسعاف المصابين ونقلهم إلى مستشفى حماة الوطني لتلقي العلاج اللازم.

وتأتي هذه الحادثة في سياق تصاعد حالات الإصابات والوفيات الناجمة عن انفجارات مخلفات الحرب والألغام الأرضية التي خلفها نظام الأسد وحلفاؤه في المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة، هذه المخلفات تشكل تهديدًا مستمرًا لحياة المدنيين، خاصة في المناطق التي بدأ سكانها بالعودة إلى قراهم وبلداتهم بعد سنوات من النزوح.

وقال مسؤول برنامج إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري، رائد حسون، لـ"العربي الجديد"، إن فرقهم استجابت لحادثة انفجار مخلفات الحرب داخل أحد منازل المدنيين في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، أثناء قيام الأطفال باللعب في ساحة المنزل، وهم محمد الأزرق وعبد الحميد الأزرق وعزام الأزرق. وتتراوح أعمارهم ما بين أربع وعشر سنوات. وأدى الانفجار إلى إصابتهم بجروح خطيرة وتهشمات في الأقدام نتيجة الانفجار القريب جداً منهم.

أضاف حسون أن الدفاع المدني السوري يتعامل مع هذه المخلفات عبر عمليات المسح التقني من خلال أجهزة تعطي إشارات وتكشف عن وجود ألغام في المنطقة، إضافة إلى جمع المعلومات من الأهالي والمجالس المحلية في المدن والبلدات التي كانت تتعرض للقصف خلال فترات سيطرة النظام السابق. وأشار إلى أن غالبية المناطق التي تكون فيها مخلفات حرب هي الأراضي الزراعية بالقرب من الطرقات، وبالقرب من منازل المدنيين والمرافق العامة، خصوصاً المدارس. وتقوم فرق الدفاع المدني بإتلافها بطرق تضمن سلامة المدنيين بعدم تحريكها من مكانها.

وقال حسون إن الدفاع المدني وثق مقتل أكثر من 96 مدنياً بينهم 23 طفلاً وتسع نساء، وإصابة 133 مدنياً بينهم 48 طفلاً بجروح بينها بليغة، بسبب انفجار مخلفات الحرب والألغام في مختلف المناطق السورية في الفترة الممتدة بين 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 حتى 15 مارس/آذار الحالي 2025.

ووفقاً لتقارير محلية، فإن مخلفات الحرب لا تقتصر على الألغام الأرضية فحسب، بل تشمل أيضاً قذائف الهاون غير المنفجرة والقنابل العنقودية التي زُرعت عشوائياً في المناطق السكنية والحقول الزراعية. وتشكل هذه المخلفات خطراً دائماً على السكان، خصوصاً الأطفال الذين غالباً ما يقعون ضحايا لها.

وقالت فضيلة بكاية، وهي أم لثلاثة أطفال تقيم في قرية مجاورة لخان شيخون: "أخاف على أطفالي عندما يلعبون خارج المنزل. نعيش فوق قنابل موقوتة، ولا نعرف متى تنفجر. الحادثة اليوم هي كابوس لكل أم في هذه المنطقة. نعيش في خوف دائم، ولا نعرف إلى متى سيستمر هذا الوضع". أضافت: "عانينا بما يكفي من الحرب، والآن نعاني مخلفاتها، أطفالنا يستحقون حياة آمنة، لكن كيف يمكن أن نشعر بالأمان ونحن نعيش في مناطق مليئة بالألغام والمخلفات الحربية؟".

أما أحمد مسيطح وهو مزارع من ريف إدلب، فقال: "ندفع ثمن حرب فرضها علينا نظام الأسد المجرم. نعيش في مناطق مليئة بالألغام والمخلفات الحربية. كل يوم نسمع عن إصابات أو وفيات بسبب انفجارات المخلفات الحربية. الحقول التي نزرعها أصبحت مقابر لنا. نحاول إعادة بناء حياتنا، لكن هذه المخلفات تقتلنا ببطء".

تابع: "الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) يقوم بعمل جبار في إزالة هذه المخلفات، لكنهم بحاجة إلى المزيد من الدعم. نعيش حالة من اليأس، ولا نعرف من يستمع إلى صرخاتنا. نريد أن نعيش بسلام لكن كيف يمكن ذلك ونحن محاطون بالموت من كل جانب؟".

من جهته، قال الناشط الحقوقي علي عبد الكريم، لـ"العربي الجديد"، إن الحادثة التي وقعت هي جرس إنذار جديد للعالم بأن الحرب في سورية لم تنته بعد. المدنيون، خاصة الأطفال، ما زالوا يعانون آثارها المدمرة. مخلفات الحرب هي قاتل صامت يهدد حياة الآلاف كل يوم". أضف: "نطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لمساعدة المدنيين في سورية. نحتاج إلى عمليات إزالة ألغام مكثفة، ودعم مادي وفني، وتوفير الدعم الطبي والنفسي للناجين. لا يمكن أن نستمر في مشاهدة أطفالنا يموتون بسبب حرب لم يختاروها".

وتعمل فرق الدفاع المدني السوري بشكل متواصل في مناطق ريف إدلب وحماة لإزالة المخلفات الحربية وتوعية السكان حول كيفية التعامل معها. مع ذلك، فإن نقص المعدات والتمويل يعيق جهودهم، ما يجعل عملية التطهير بطيئة وخطيرة.

قراءة المقال بالكامل