ترافقت الأحداث الأمنية المتتالية في سورية، بدءاً من هجمات فلول قوات النظام السابق وصولاً إلى عمليات قتل جماعي على أساس طائفي ارتكبتها فصائل تابعة للإدارة الجديدة، مع انتشار كمّ هائلٍ من الصور ومقاطع الفيديو والأخبار التي اختلط فيها الصحيح بالمضلّل على منصات التواصل الاجتماعي.
وشهدت منصة إكس، خصوصاً، نشر العديد من الأخبار الكاذبة وإعادة ترويج لمقاطع قديمة من أماكن مختلفة على أنّها صوّرت خلال الأيام الماضية في محافظات الساحل السوري.
وأعيد نشر أكثر من فيديو عبر منصة إكس لغارات جوية مع الادعاء أنّها هجمات يشنّها الطيران السوري ضد مناطق سكنية في الساحل السوري. لكن عمليات المراجعة والتدقيق كشفت أنّ هذه الادعاءات كاذبة.
ويظهر فيديو مصور من شرفة منزل غارة جوية، يتبعها صوت صراخ وهلع، مع الادعاء بأنه قصف من قبل الطيران السوري "لمنازل المدنيين في الساحل بالبراميل المتفجرة"، لكن منصة "في ميزان فرانس برس" لتقصي الحقائق بيّنت أن هذا المقطع يعود إلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، إذ أظهرت مراجعة المنصة أنّ الفيديو يوثّق في الحقيقة غارة إسرائيلية على منطقة البقاع، شرقي لبنان، وكان قد نشر لأول مرة في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
كما لفتت إلى أنّ فيديو آخر عن "دخول آليات وأرتال عسكرية للجيش التركي من معبر باب الهوى" إلى سورية لدعم الحملة الأمنية للحكومة في الساحل مضلّل بدوره، مبينة أنّه مقطع قديم يعود إلى عام 2019، ويظهر وصول قافلة عسكرية تركية إلى الحدود مع سورية، لتعزيز الوحدات الموجودة هناك، وفقاً لما نشره الإعلام التركي آنذاك.
بدوره، كشف موقع مسبار عن زيف مقطع فيديو متداول آخر يُزعم أنه لقصف قوات تابعة للحكومة السورية مقاتلين من فلول نظام الأسد بمسيّرة شاهين، وبيّن أن المقطع يوثق قصفاً للقوات الروسية في أوكرانيا في 11 فبراير/ شباط الماضي.
وبيّن "مسبار" أن عدداً من الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على أنّها توثّق انتهاكات ارتكبتها القوات التابعة للحكومة السورية ضد المدنيين في الساحل السوري مضللة وتعود إلى فترات سابقة. أظهرت إحدى هذه الصور مسلحين يدوسان على جثتين لمدنيين مقتولين مع الزعم بأنّها جرت مؤخراً، لكن التدقيق بيّن أنّها نشرت لأول مرة في مايو/ أيار 2016، وتوثّق هجوماً لمقاتلين إسلاميين على قرية الزارة التي يسكنها العلويون بالقرب من مدينة حماة غربي البلاد، وقتلهم عدداً من المدنيين من النساء والأطفال.
كذلك، كشف أن صورة أخرى تظهر طفلين مقتولين في الشارع، مع الزعم أنّها لطفلين علويين قتلا خلال عمليات القتل الطائفي في بانياس خلال الأيام الماضية، تعود في الحقيقة إلى عام 2013، وتوثق مجزرة ارتكبتها قوات موالية للنظام المخلوع بحق المدنيين.
الأمر نفسه تكرّر مع فيديو آخر زُعم إيجاده في "هاتف أحد فلول النظام البائد لإعدام مجموعة من المدنيين في وقت سابق"، قبل أن تكشف منصة تأكد لتقصي الحقائق عن أنّه منشور على الإنترنت منذ 11 عاماً، ويوثق مجزرة لقوات نظام الأسد ضد المدنيين في قرية البيضا في ريف طرطوس عام 2013.
بالإضافة إلى ذلك، انتشرت مزاعم كاذبة متعددة حول اغتيال شخصيات سياسية ودينية وناشطين، ومنها على سبيل المثال خبر عن قيام قوات الحكومة السورية بإعدام الكاهن المسيحي يوحنا يوسف بطرس في مدينة طرطوس، وهو ما نفته لاحقاً مطرانية طرطوس للروم الأرثوذكس، مشيرةً إلى عدم وجود كاهن بهذا الاسم لديها.
وكانت الأوضاع قد تفجّرت في محافظتي طرطوس واللاذقية في الساحل السوري بعد سلسلة هجمات منسقة قادها فلول نظام الأسد ضد دوريات وحواجز أمنية، ومستشفيات، ما أوقع قتلى وجرحى، الخميس الماضي. تزامن ذلك مع هجوم شنّته فصائل مسلحة، تخللتها انتهاكات ومجازر طائفية بحق العلويين. وقام المهاجمون بتوثيق عدد كبير من عمليات القتل من خلال مقاطع فيديو نشروها، عبر تطبيقات مثل "تليغرام" و"واتساب"، تظهر عمليات إعدام لمدنيين.
