تفاخر عضو الكنيست الإسرائيلي تسفي سوكوت، من حزب "الصهيونية الدينية"، باقتحامه المسجد الأقصى اليوم الخميس، وأدائه ما وصفه بـ"السجود الملحمي" (الانبطاح الكامل على الأرض) وطقوساً دينية أخرى، من دون أن يُعتقَل كما حدث في اقتحام سابق، مشيراً إلى أن "الوضع القائم" في الحرم القدسي قد تغيّر، ولم يعد أحد يبالي بذلك، فيما اعتبر أحد الحاخامات هذا الاقتحام "يقظة بعد ألفي عام من السبات"، في إشارة إلى تطلع الجماعات اليهودية إلى السيطرة على المسجد.
ورغم أن السجود اليهودي داخل المسجد الأقصى يُعدّ مخالفاً للقواعد المتعارف عليها، لكن إنفاذ هذه القواعد قد تراجع في العامين الأخيرين، وأصبح المستوطنون يؤدون طقوسهم في باحات المسجد من دون عوائق، على الرغم من الحظر الرسمي. ويبدو أن المستوطنين وممثليهم في الكنيست لم يعودوا يكترثون بردات الفعل العربية والإسلامية، في ظل تجاهل حكومة الاحتلال التي تكتفي، في أفضل الأحوال، بتصريحات شكلية من قبيل أن "الوضع القائم لم يتغير".
وقال سوكوت في بيان أصدره: "لقد حظينا اليوم بفرصة الصعود إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى) بامتنان كبير لله على المعجزات في العام الماضي: في الشمال، في الجنوب، في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، بفضل تفاني جنودنا. أنا هنا أيضاً لأصلي من أجل عودة المختطفين (الإسرائيليين المحتجزين في غزة) إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن. نحن نصلي من أجلهم في هذا المكان المقدس، ومن أجل نجاح جنود الجيش الإسرائيلي في جميع الجبهات".
وتابع سوكوت متذكراً اقتحامه السابق للأقصى: "قبل 14 عاماً، سجدت لثانية واحدة، فأمسكني رجال الشرطة واعتقلوني، وقدّموا لائحة اتهام ضدي. أما اليوم، فأعود إلى هنا، لا يمكن وصف هذا الشعور، مع دموع في العينين. اليهود يسجدون ويصلون ويقيمون طقوساً جماعية هنا، ولا نسمح للعرب بالاقتراب على الإطلاق".
وأثنى الحاخام شمشون ألبويم، رئيس ما يُسمى بـ"إدارة جبل الهيكل"، على خطوة سوكوت، معتبراً صعوده إلى الأقصى دعوة مفتوحة لبقية اليهود لاقتحام المسجد. وكتب في بيان: "صعود عضو كنيست إلى جبل الهيكل هو توجيه مباشر للجمهور. الناس يرون عضو كنيست يصعد إلى جبل الهيكل فيقولون: هذا ممكن، فلنصعد إذاً. لقد كنا في سبات لمدة ألفي عام، وهذه اليقظة تتجاوز كل التوقعات".
وقبل حوالي أسبوعين، قاد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير مجموعة من المستوطنين في اقتحام المسجد الأقصى، وذلك بعد 13 يوماً من إغلاق الموقع أمام الاقتحامات اليهودية خلال شهر رمضان وعيد الفطر. وكانت هذه المرة الخامسة التي يقتحم فيها بن غفير المسجد الأقصى منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والثامنة منذ توليه منصبه وزيراً في نهاية عام 2022، غير آبه بالانتقادات العربية والإسلامية والدولية، علماً أن اقتحامات الوزراء تتم بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى لو أصدر لاحقاً بياناً يؤكد فيه الحفاظ على "الوضع القائم".
وانتقد عضو الكنيست موشيه غافني، من حزب "يهدوت هتوراة"، الاقتحام في حينه، محذراً من أنه قد يسبّب تحريض المسلمين والعالم ضد الإسرائيليين. وأوضح عبر حسابه على منصة "إكس" أن "هذا انتهاك لقدسية المكان (وفقاً للمعتقد اليهودي الذي يرى أن الظروف لم تتهيأ بعد لقيام الهيكل)، وللوضع الراهن الذي عارضه جميع كبار الحاخامات ورؤساء الحاخامية عبر الأجيال. زيارتك (مخاطباً بن غفير) تنطوي على تحريم شديد، ولا تثبت السيادة، بل على العكس، تشكل تدنيساً للمقدسات وتسبب تحريضاً غير ضروري في العالم الإسلامي، وليس فقط فيه".
كما أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، في ذلك الوقت، بأشدّ العبارات، اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال، واعتبرته "تصعيداً خطيراً واستفزازاً مرفوضاً"، وانتهاكاً لحرمة المسجد الأقصى، وللوضع التاريخي والقانوني القائم فيه.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، عقد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مناقشات عاجلة مع عدد محدود من الوزراء ورؤساء المؤسسة الأمنية، لبحث تغيير محتمل في الوضع القائم في المسجد الأقصى، وذلك بناءً على تحذيرات من الأجهزة الأمنية من أن الخطوات التي يقودها بن غفير في الموقع قد تؤدي إلى تصعيد كبير خلال الأعياد.
وحذّر المسؤولون الأمنيون من أن انتهاك الوضع القائم قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في العمليات ضد أهداف إسرائيلية، تُوجَّه من قبل إيران، وحركة "حماس"، و"حزب الله". وقال أحد المسؤولين الأمنيين حينها: "قد نكون بصدد حدث مختلف تماماً عمّا شهدناه حتى الآن".
