مع استمرار التراجع في ثقة المستثمرين بسبب الرسوم الجمركية الكبيرة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وانتقاده رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، أغلقت معظم بورصات الخليج على انخفاض اليوم الاثنين، علماً أن ترامب انتقد باول الأسبوع الماضي، ما أثار تكهنات حول احتمالية إقالته وتساؤلات حول استقلالية البنك المركزي والاستقرار المالي للولايات المتحدة، علماً أن مصداقية مجلس الاحتياطي واعتباره أقوى البنوك المركزية في العالم تعتمد بصورة كبيرة على استقلاليته وقدرته تاريخياً على اتخاذ خطوات غير خاضعة للنفوذ السياسي.
وفي حركة بورصات الخليج اليوم، تراجع المؤشر القياسي السعودي 0.7% مع انخفاض سهم شركة النفط العملاقة أرامكو 1% ودار الأركان للتطوير العقاري 5.5%. وأعلنت أرامكو اليوم الاثنين توقيع اتفاقية تطوير مشترك مع بي.واي.دي الصينية الرائدة في تصنيع المركبات الكهربائية من أجل "بحث الفرص المثلى للتعاون بشكل وثيق في تقنيات المركبات التي تعمل بمصادر الطاقة الجديدة".
وفيما ارتفع المؤشر الرئيسي في دبي 0.2% مدعوماً بصعود سهم إعمار العقارية 0.8%، هبط المؤشر في أبوظبي 0.1%. وانخفضت أسعار النفط، وهي محفز للأسواق المالية بمنطقة الخليج، بأكثر من 2% اليوم الاثنين بعد مؤشرات على تقدم في المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، مع استمرار قلق المستثمرين من أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية إلى رياح اقتصادية معاكسة تقلص الطلب على الوقود.
وتراجع المؤشر في قطر 0.3% مع هبوط سهم بنك قطر الوطني 0.9%. وأنهى المؤشر الرئيسي بالبحرين التعاملات على انخفاض 0.4% عند 1895 نقطة. وأغلق المؤشر الرئيسي في عُمان على تراجع 0.3% إلى 4293 نقطة. وهبط المؤشر الرئيسي في الكويت 0.1% إلى 8423 نقطة.
إصدار المزيد من السندات في الخليج
على صعيد متصل، قالت مصادر إن مؤسسات خليجية، منها صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي تبلغ أصوله المدارة 925 مليار دولار، تعمل على إصدار مجموعة من السندات، إذ تغامر بخوض أسواق الدين رغم الاضطرابات في الآونة الأخيرة بسبب سياسات الرئيس ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية.
وتعصف تقلبات بالأسواق منذ أن أعلن ترامب فرض رسوم جمركية كاسحة في الثاني من أبريل/ نيسان، حتى بعد أن تراجع عن معظمها، في حين يجد المستثمرون صعوبة في تحديد اتجاه سياساته. وقال مصدران إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يسعى لجمع ما بين 1.5 مليار وملياري دولار من خلال إصدار صكوك في الأسابيع المقبلة. وجمع الصندوق بالفعل 11 مليار دولار هذا العام. (الدولار = 3.7517 ريال).
ويأتي هذا المسعى في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على المملكة لجمع ديون أو خفض الإنفاق بعد انخفاض أسعار النفط، ما يهدد بخسارة عشرات المليارات من الدولارات. وقالت زينة رزق، الرئيسة المشاركة لإدارة أصول الدخل الثابت لدى أموال كابيتال بارتنرز، لرويترز: "في الشرق الأوسط، مصدر القلق الرئيسي هو أسعار النفط، لكن العوامل الأساسية للشركات والحكومات قوية للغاية وتتزايد احتياطياتها وكل شيء يسير على ما يرام".
وذكر المصدران أن شركة موانئ أبوظبي تتطلع إلى جمع ملياري دولار في الأسابيع المقبلة. وفي الوقت نفسه، قال أحد المصدرين إن شركة مصدر للطاقة المتجددة تهدف إلى جمع مليار دولار من سندات خضراء، وهو ما أكده مصدر ثالث. غير أن المصدرين أضافا أن الخطط لم تستكمل بعد. وأحجم صندوق الاستثمارات العامة عن التعليق، بينما لم يتسن الحصول على تعليق بعد من موانئ أبوظبي ومصدر.
واتجهت الشركات المملوكة للدولة في السعودية والإمارات لأسواق الدين في السنوات القليلة الماضية لتمويل فورة في صفقات الاستحواذ في الخارج تأتي في إطار خطط حكومية تستهدف ريادة الشركات الوطنية وتنويع موارد الاقتصادات. غير أن الاضطرابات بسوق السندات في الآونة الأخيرة ترفع تكاليف الاقتراض على المصدرين.
وقالت رزق إنها ليست قلقة ما دامت الأسواق تحافظ على استقرارها نسبيا كما كان الحال الأسبوع الماضي. وأضافت: "هناك إقبال"، مضيفة أن إصدار بنك المشرق في دبي صكوكا بقيمة 500 مليون دولار الأسبوع الماضي كان مؤشرا جيدا. وذكرت المصادر أن البنك السعودي الفرنسي يستهدف أيضا جمع تمويل من خلال إصدار سندات بعائد أعلى من السندات القياسية هذا الأسبوع. وكان البنك الأهلي السعودي قد جمع 750 مليون دولار من سندات دولارية أصدرها في تايوان في مارس/آذار.
وتلعب البنوك في السعودية دورا محوريا في تمويل مشروعات عملاقة مثل نيوم والقدية ومشروع البحر الأحمر، والتي تتطلب مجتمعة تمويلا بمئات المليارات من الدولارات. وتتوقع فيتش نمو ائتمان القطاع المصرفي السعودي بنسبة تتراوح بين 12% و14% في 2025، مع استمرار نمو الإقراض في تجاوز الودائع، مما يزيد من اتساع فجوة الودائع التي كان من المتوقع أن تبلغ 0.3 تريليون ريال (79.96 مليار دولار) في 2024.
(رويترز)
