غزة.. العودة إلى جحيم الحرب وجريان شلال الدم

منذ ١٦ ساعات ١٤

الانقلاب على الهدنة للوصول إلى أهداف لم تتحقق بالمفاوضات

لم تغادر غزة حلبة النار بالكامل، حتى في خضم الـ60 يوماً التي استغرقتها الهدنة، إذ منذ إبرام اتفاق الهدنة في 19 يناير الماضي، ظلت أبواب الحرب مواربة، فسادت الخروقات، ولم تتوقف الغارات، وفرض الحصار الجائر مع هلال شهر رمضان، ما أسبغ على يوميات أهل غزة بؤساً غير مسبوق.
ساد ترقب ثقيل لما يمكن أن تؤول إليه الهدنة، وسرعان ما شبت نار الجحيم التي وعد بها نتنياهو، ولوح بها ترامب، بعد مماطلة متعمدة في ولوج مفاوضات المرحلة الثانية، وتغافل مقصود عما نصت عليه بنود الاتفاق، لعرقلة الهدنة وحماية ائتلاف نتنياهو الحاكم من الانهيار.
ومرة أخرى يقود كيان الاحتلال قطاع غزة إلى جحيم الحرب، لتحقيق أهدافه التي لم تتحقق بالدبلوماسية، سواء تحرير جميع محتجزيه، أو رسم مستقبل مختلف لقطاع غزة، لا مكان فيه لا لحماس ولا حتى لأهل غزة، فالتهجير ظل خياراً استراتيجياً وإن تراجعت بشأنه التصريحات.
وما كادت تخرج غزة من ساحة الوغى، حتى عادت تغرق في دمائها، بفعل غارات أكثر إجراماً، وبانفلات أكثر توحشاً وقسوة، أوقع المئات من الشهداء والجرحى، وقد سبق هذا العدوان الغاشم حصاراً بشعاً وخانقاً، بينما كانت غزة تتأهب لاستقبال شهر الصيام، فبدت كأنما تصوم الدهر.
وكعهده في نقض العهود، غدر كيان الاحتلال بغزة والناس نيام، ولم يفاجئ العالم بعودته لجرائم الإبادة بحق المدنيين العزل، الذين بالكاد كانوا يستجمعون سحورهم المغمّس بالدم، فهم لا عهد لهم ولا ذمة، كما يقول أشرف عاشور احد سكان غزة بعد أن أفلت من القصف العنيف بأعجوبة، مشدداً: "حاولنا نقل المئات من المصابين إلى المستشفيات التي لم يبق منها غير الاسم، لكن عبثاً".
كانت غزة تحاول لملمة جراحها، والبحث عن آلاف الضحايا الذين ما زالوا تحت الركام لدفنهم ببقية من كرامة، حينما باغتها الكيان بغدره، ليستيقظ العالم على عودة صاخبة للمجازر وجريان شلال الدم.
في مشافي غزة، لا أسرّة لاستقبال الجرحى، ومن المشاهد التي رصدتها "الشرق" طفلة في بيت لاهيا تمسك بيد شقيقها وهو يلفظ أنفاسه.. وفي حي الزيتون، عشرات الجثث الممزقة تكدست دون أن يتعرف عليها أحد.
وبمزيج من الصدمة والقلق واكبت غزة عودة "الحديد والنار" بعد أن ادعى جيش الكيان رصد تحركات لعناصر من حركة حماس، في إطار التحضير لشن هجوم جديد على أهداف إسرائيلية، وهي مزاعم كاذبة خاطئة، هدفها تبرير العودة إلى حرب الإبادة.
وفي سباق المفاوضات مع الحرب، يعلّق الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، مبيناً أن حكومة نتنياهو انقلبت على الهدنة بعد رفضها التفاوض ضمن المرحلة الثانية، وحصولها على ضوء أخضر أمريكي بفرض الحصار والتجويع على أهل غزة، ولأنها ما زالت تبحث عن تحقيق أهداف الحرب التي لم تتمكن من تحقيقها في الجولة الأولى، فضلاً عن مخاوف السقوط إذا لم تتجدد الحرب.
ووفق المصري فقد أعطت واشنطن الموافقة والدعم لتل أبيب في ضرب غزة، بعد أن قصفت اليمن وهددت إيران، ما يعني أن إدارة ترامب في عهدها الجديد تريد السلام عبر القوة، وعلى قاعدة "ما لم تتحقق الأهداف بالمفاوضات فالحرب على الطاولة".
وفي الأوساط السياسية، ثمة من يرى في عودة الحرب أمر حتمي ضمن سياسة الكيان لفرض الخضوع على حركة حماس، والضغط عليها بمزيد من القتل والتجويع للسكان في غزة، ومنع عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وما يترتب على ذلك من حرية تصرف لجيش الاحتلال على غرار ما يجري في الضفة الغربية.

قراءة المقال بالكامل