فلسطينيو غزة يترقّبون انتهاء كابوس الإبادة

منذ ١ شهر ٤١

يعيش أهالي قطاع غزة في الساعات الأخيرة قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ حالة من المشاعر المختلطة والمتضاربة بين الفرح الشديد بقرب حصول الانفراجة التي تنهي الإبادة وبين القلق الشديد والخوف من الساعات الأخيرة وما تحمله من خوف ورعب.

وتمر الساعات والدقائق الأخيرة ثقيلة وبطيئة على الغزيين الذين ينتظرون دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الساعة الثامنة والنصف من صباح غد الأحد وفق إعلان الخارجية القطرية، فيما تسيطر عليهم مشاعر القلق غير المتوقف من حدوث أي طارئ يفسد الأجواء الإيجابية.

ويحاول الفلسطينيون خلال الساعات الأخيرة البقاء في أماكن آمنة قدر المستطاع على الرغم من الخطورة الشديدة التي أحاطت بهم منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وانعدام الشعور بالأمان حتى في المناطق التي كان الاحتلال الإسرائيلي يدعي أنها "إنسانية آمنة".

ويترقب الأهالي بحذر شديد التفاصيل اللحظية للأخبار المتداولة، أملا في انتهاء الحرب التي تسببت في استشهاد وفقدان وجرح عشرات الآلاف، فيما تتوق أعينهم لبدء سريان الاتفاق والسماح لهم بالعودة إلى بيوتهم ومناطقهم السكنية التي حرموا منها. وعلى الرغم من ثقة الفلسطينيين بقرب الانفراجة، يأملون في أن يصمد الاتفاق ويكون بداية لتهدئة طويلة الأمد، خاصة بعد معايشتهم لظروف غير آدمية خلال ستة عشر شهرا داخل مراكز ومدارس ومخيمات اللجوء، والتي كانت تفتقر إلى أدنى المقومات والمتطلبات المعيشية.

وعن الشعور الذي ينتاب النازحة سعاد صويلح وكيفية مرور الساعات الأخيرة قبل بدء اتفاق وقف إطلاق النار، تقول لـ"العربي الجديد": "بصراحة لا نعرف النوم أو الراحة بسبب القصف المستمر والقلق المتواصل، فيما ترتفع دقات قلوبنا مع اقتراب موعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، من الخوف تارة، ومن الأمل بالعودة تارة أخرى".

وتوضح صويلح، أن أطفالها لا يتوقفون عن سؤالها عن موعد انتهاء القصف دون أن تمتلك القدرة على إقناعهم بأنها مسألة ساعات ودقائق، وتقول: "هذه الساعات الأثقل على قلوبنا وتكاد العقارب لا تتحرك، فقد اعتدنا على التصعيد الكبير الذي يرافق الساعات الأخيرة قبل وقف العدوان".

من ناحيته، يشعر الفلسطيني زهدي أبو ريالة بمزيج من القلق والترقب: "كأنك تقف على حافة هاوية، تنتظر اللحظة التي يخبرك أحدهم فيها أن هذا الكابوس وصل إلى نهايته"، آملا أن تمر الساعات الأخيرة بسرعة وأمان، بعيدا عن الخطر والخوف والفقد الذي رافق الفلسطينيين طوال الحرب.

وعن أول أمر سيفعله فور سريان وقف إطلاق النار، يقول: "سأخرج إلى الشارع وأسجد لله شكرا وأصرخ بأعلى صوتي أن الجنون انتهى، أريد أن أرى ملامح الناس وهي سعيدة بعد أن اعتدت على رؤية البؤس والخوف على وجوههم طيلة العدوان، كذلك لدي أصدقاء حرمت من رؤيتهم وأرغب بالخروج معهم للمشي ليلا دون خوف".

أما الطفلة سلمى دياب (9 سنوات) والتي تعيش مع أسرتها داخل خيمة بالقرب من شاطئ بحر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة فتقول إنها ما زالت تشعر بالخوف، وعند سماعها للقصف تمسك بيد والدتها، ولن تشعر بالأمان إلا بعد توقف القصف والعودة إلى بيتهم في مدينة غزة. وتتمنى سلمى الرجوع إلى مدرستها وحياتها الطبيعية داخل منزلها الذي تعرض لأضرار جسيمة وأن تلعب مع صديقاتها دون خوف من أصوات الانفجارات، وتضيف: "أتمنى أن تمر الساعات القادمة بأمان وأن أعود برفقة أهلي دون أن أفقد أحدا".

وبدأ النازحون بحزم أمتعتهم للعودة في اليوم السابع من الاتفاق إلى بيوتهم المدمرة كليا أو جزئيا، ويخططون لترميم البيوت المتضررة لتصبح موائمة للعيش، أو إنشاء خيام بالقرب من أنقاضها، في الوقت الذي ما زالوا يشعرون فيه بالخطر والقلق من الساعات المصيرية القادمة.

قراءة المقال بالكامل