كارثة في الساحل السوري... نقص الماء والطحين وتوقف الخدمات

منذ ١ أسبوع ١٤

انعكست الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في مناطق الساحل السوري طوال أيام على الأوضاع الإنسانية والمعيشية لسكان المنطقة، ورغم توقف الاشتباكات، إلا أنهم يعانون نقصاً حاداً في الماء والغذاء والوقود، وتوقف الخدمات في مناطق واسعة بالتزامن مع شهر رمضان وانخفاض درجات الحرارة.
وتغيب الكهرباء كلياً عن معظم مناطق اللاذقية بسبب عطل في خط التوتر العالي المغذي للمحافظة بعد تعرضه للتخريب خلال اعتداءات نفذتها مجموعات مسلحة موالية للنظام السابق.
ومع غياب الكهرباء توقف ضخ المياه، واصطف الناس في طوابير طويلة على الآبار الموجودة في المنطقة للحصول على كميات من المياه، كما ظهرت طوابير طويلة على بعض الأفران التي عادت إلى العمل بإنتاجية قليلة، بينما بقيت معظم قرى ريف اللاذقية من دون خبز بسبب انقطاع الطحين.
وبينما صدرت كثير من المناشدات للتدخل العاجل ومعالجة هذه الأزمات، كان لافتاً قلة المساعدات في ظل غياب عمل المنظمات الإنسانية في المنطقة، لا سيّما بعد وقوع سرقات واسعة للمتاجر الغذائية وممتلكات الأهالي.
يصف حسن عدلة، وهو من سكان مدينة جبلة، الوضع بأنه مأساوي، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "أسعار جميع المواد والبضائع ارتفعت بسبب شحّها، ويعاني الأهالي كثيراً من انقطاع المياه والكهرباء، وقد وقفت لساعات للحصول على كمية من الماء والخبز".
بدورها، تطالب فرح ديب، وهي من سكان قربة صنوبر في ريف اللاذقية، بوصول مساعدات إنسانية عاجلة إلى المنطقة، لا سيّما الخيام والحرامات الشتوية ومياه الشرب والطعام، وتؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الأهالي لم يستطيعوا الحصول على الطعام الكافي منذ أيام بسبب المعارك وتكرار النزوح، وهناك أطفال ومرضى وعجائز لا ذنب لهم، ويجب التحرك لمساعدتهم فوراً".
وفي ظل غياب عمل المنظمات الإنسانية في المنطقة برزت بعض المبادرات الاجتماعية والتطوعية، التي تقوم بتوزيع بعض الوجبات عند موعد الإفطار في مدينتي جبلة واللاذقية، لكن الحال أصعب في القرى القريبة من الاشتباكات، مثل القرداحة والحفة وريف جبلة، إذ إن معظم الطرق مقطوعة، ما يزيد من صعوبة وصول الإمدادات الغذائية.

وفي هذا الصدد، برزت دعوات ومناشدات خلال اليومين الماضيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم المساعدات، وضرورة تدخل الفرق الإنسانية الدولية، ووكالات الأمم المتحدة، وتوفير الفرق الطبية لجميع مناطق الساحل. 
يقول الناشط الإعلامي في اللاذقية، فراس حاج عمر، إن "الأهالي بحاجة ماسة إلى جميع أنواع الدعم، خاصّة بعد أن فقد الكثير منهم مصدر رزقه، أو تعرضوا لجرائم السرقة والنهب التي طاولت مناطق جبلة وبانياس في ريف طرطوس، وهناك أولوية لإيصال الكهرباء وضخ المياه إلى المنازل بعد انقطاع أكثر من خمسة أيام، كما ينبغي تدخل الدفاع المدني، والعمل على إزالة ركام المعارك والسيارات المحروقة من الشوارع".
يمتلك السوري محمود الدعبل متجراً لبيع الهواتف وأجهزة الحواسيب، ويؤكد أنه فقد مصدر رزقه بعد سرقة متجره في حي العمارة بمدينة جبلة، ويضيف لـ"العربي الجديد": "نصف البضاعة المسروقة كانت ديناً من التجار الكبار، ولا أعلم كيف سأدفع ثمنها، لا أحد يشعر بمعاناتنا، ولا أحد سيعوض أهل الساحل الذين دفعوا ثمناً باهظاً في وقت كانوا فيه بأمس الحاجة إلى المساعدة".

وكان لافتاً خلال الأيام الأخيرة نقص كميات المحروقات المتوفرة في مناطق الساحل، وبالتالي ارتفاع ثمنها بسبب صعوبة وصول المزيد منها، كما خلت أسواق بعض المناطق من المواد الغذائية الأساسية، خاصّة الطحين، وغابت أيضاً وسائل التدفئة رغم انخفاض درجات الحرارة، لا سيّما في المناطق الجبلية القريبة من الساحل، واضطر بعض الأهالي إلى إشعال المخلفات وما توفر من الحطب للتدفئة.
وبينما تواصل فرق الدفاع المدني نقل الجثامين من أماكن متفرقة في الساحل السوري، لا تزال الحاجة ملحة إلى الإمدادات الطبية الأساسية، خاصّة في المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة مثل جبلة وبانياس وأريافهما.
وبدأت المعارك في منطقة الساحل السوري بعد هجوم مسلح نفذه موالون للنظام السابق على دورية للأمن العام، وتوسع بعد سيطرة الموالين للنظام السابق على مناطق في ريف اللاذقية، قبل أن تصل تعزيزات عسكرية كبيرة من الجيش السوري إلى المنطقة وتستعيد السيطرة عليها، وسط اتهامات متبادلة بارتكاب انتهاكات واسعة شملت قتل مدنيين وأعمال سرقة ونهب.

قراءة المقال بالكامل