يسعى العراق، بخطوات قد تكون متأخرة، إلى تعويض النقص في الطاقة الكهربائية عبر استغلال الطاقة الشمسية، خصوصاً مع اقتراب موعد فصل الصيف الحار في بلاد الرافدين. وقال رئيس لجنة الطاقة في البرلمان العراقي، محمد نوري، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق ما يزال يواجه صعوبة في توفير الطاقة الكهربائية، وإن من يتحدث عن حل الأزمة في وقت قصير فهو لا يعرف حجم المشكلة، لأن العراق يحتاج من خمس إلى عشر سنوات لإنهاء الأزمة".
وبيّن لـ"العربي الجديد"، أن "العراق يعاني من أمرين شائكين، الأول يتمثل في هدر الكهرباء سواء من الجهات الحكومية أو الأهلية أو الخاصة، والثاني عدم وجود جباية من المستفيدين، فنسبة الجباية لوزارة الكهرباء لا تتجاوز 40%، بالتالي فإن الدولة مرهقة مالياً في هذا الجانب". وأضاف نوري، أن "هناك نمواً مستمراً في المجمعات السكنية والمصانع والمعامل والمحال التجارية، وهذا يؤدي إلى تراجع إضافي للطاقة والكهرباء"، مؤكداً أن "التوجه نحو الطاقة الشمسية وتشجيع العراقيين على استخدام ألواح الطاقة والمنظومات، سيؤدي إلى المساعدة في توفير الطاقة المجانية، وتحسين الواقع البيئي المتدهور في البلاد".
ويحتاج العراق، إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية احتياجاته، لكن محطات الطاقة الكهربائية في البلاد تنتج نحو 24 ألف ميغاواط فحسب. وعلى الرغم من هذه الحاجة، فلا تزال الطاقة المتجددة غير مستغَلّة بالمقدار الكافي، مع العلم أن العراق يتمتع بأكثر من 3000 ساعة من سطوع الشمس، من أصل 8700 ساعة في السنة، وفق تقديرات علمية.
المدير العام لإنتاج الطاقة الكهربائية للمنطقة الجنوبية، مهدي صالح، قال إن "العراق وقع عقداً مع شركة توتال الفرنسية لإنشاء محطة بإنتاج ألف ميغاواط على مساحة تسعة آلاف دونم، ومن المفترض أن تدخل العمل نهاية السنة الجارية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الطاقة الشمسية النظيفة تمثل حاجة عراقية، لأنها لا تستخدم أي نوع من أنواع الطاقة عدا السطوع الشمسي". وأكمل صالح، أن "الأعمال مستمرة لإنهاء مشروع في محافظة المثنى لمحطة طاقة شمسية تنتج 750 ميغاواط، وهناك مشاريع مماثلة في ذي قار وميسان، مع العلم أن هذه المشاريع تراعي الزيادة السكانية، وتسهم بنسبة كبيرة في سد الحاجة المتزايدة للطاقة الكهربائية"، موضحاً أن "العراق يتجه تدريجياً لاستخدام الألواح الشمسية، ونعمل على ترسيخها ثقافةً عامةً في البلاد".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وقعت شركة قطر للطاقة مع "توتال إنرجيز" اتفاقية للشراكة مناصفة، 50% لكل منهما، في مشروع الطاقة الشمسية التابع لمشروع نمو الغاز المتكامل في العراق. وحسب بيان سابق لـ"قطر للطاقة"، فإن مشروع الطاقة الشمسية الاستراتيجي أحد أكبر المشاريع في العالم، ويشمل مليوني لوحة شمسية ثنائية الوجه وعالية الكفاءة تكون مثبتة على أجهزة تعقب أحادية المحور. وسيكون قادراً، عند اكتماله، على توفير ما يصل إلى 1.25 غيغاواط (في الذروة) من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية لشبكة الكهرباء في البصرة.
من جانبه، بيَّن عائد الهلالي، وهو محلل سياسي مقرب من رئاسة الحكومة العراقية، أن "منهاج الحكومة الحالية تضمن تنويع مصادر الطاقة، بالتالي فإن اللجوء إلى الطاقة الشمسية واحد من مخططات هذه الحكومة"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "اللجوء إليها بات حاجة ضرورية وملحة، وأن الهجمات الإعلامية التي تتعرض لها الحكومة تهدف إلى الإضرار بالمواطن، وأنها تنال من منجزات الحكومة التي تصبّ في مصلحة المواطن، ومن المفترض أن تنطلق حملة إعلامية قريبة لتشجيع العراقيين على استخدام الألواح الشمسية، عبر قروض من المصارف".
بدوره، لفت الخبير في مجال الطاقة والبيئة أحمد حسن، إلى أن "منظومات وألواح الطاقة الشمسية، ما تزال أسعارها مرتفعة ولا يقدر كل العراقيين على اقتنائها، لذلك لا بدّ من تفعيل الصناعة الوطنية في هذا المجال، فتوفيرها للعراقيين سيغني الدولة عن مصاريف كثيرة ويؤدي إلى تحقيق التوازن البيئي"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد" بالقول إنّ "لجوء الدولة إلى الطاقة الشمسية مؤشر يدفع إلى تحسين الوضع الاقتصادي، لكن ستبقى مشكلة توزيع هذه الطاقة بين المحافظات، خصوصاً وأن المشكلة الأساسية في الكهرباء الداخلية هي إدارتها وليس تراجعها فحسب".
ومنذ عام 2003، أنفق العراق ما يقرب من 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء، ومع ذلك، لا تزال المنظومة الكهربائية تعاني من عدم الاستقرار، بالإضافة إلى ذلك، تعتمد الدولة كثيراً على استيراد الغاز من إيران، إذ تبلغ تكلفة الاستيراد حوالى 6 مليارات دولار سنوياً. ومؤخراً، اتجه العراق إلى استيراد الغاز من تركمانستان عبر إيران، بتكلفة تتراوح بين 2.3 و2.4 مليار دولار سنوياً.
ويعتبر العراق من الدول الأكثر تلوّثاً في المنطقة جراء انتشار المولدات الكهربائية الخاصة، التي لجأ إليها السكان لتعويض نقص الكهرباء الذي يصل إلى 16 ساعة انقطاع في بعض المحافظات خلال ذروة الصيف.
