كواليس التوغل الصيني في الشرق الأوسط

منذ ١ أسبوع ٢٠

تبلغ العلاقات بين الصين والدول العربية حالياً أوجها منذ الحرب العالمية الثانية، وليس فقط في المجال الاقتصادي. صحيح أن بكين تغتنم الفرصة، لكنها لا تصل إلى حد تعويض واشنطن. فهل تغير خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب الساحقة هذه المعادلة؟

بدون جلبة – باستثناء تلك التي رافقت الاتفاق الذي أبرمته المملكة العربية السعودية مع إيران في مارس/آذار 2023 برعاية بكين ــ باتت الصين أول شريك تجاري للدول العربية في الشرق الأوسط، ومن أوائل المستثمرين في المنطقة (تتراوح مرتبتها بين الأولى والثانية وفق الأعوام)، محتلة بذلك مكان الولايات المتحدة. وبحسب معطيات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، أصبحت حصة بكين ثلث مجمل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة، بعدما كانت الحصة نفسها لا تتجاوز الواحد بالمائة قبل 17 عاماً.

تمكنت الصين من هذا الصعود السريع بفضل التقاء استراتيجيات الأطراف المعنية بصفة غير مسبقة. فمن الجانب الصيني، ذي المصالح التجارية البحتة، تكمن الاستراتيجية في ضمان دوام الواردات بالطاقة واجتياح الأسواق الدولية، أضف إلى ذلك طموح بكين إلى أن تصبح مركزاً تتمحور بلدان الجنوب حول معاييره وقيمه الخاصة. ولتحقيق ذلك، يجب عليها نشر "طريق الحرير الجديد" بتاريخه الحافل وتفاعلاته مع العالم العربي والإسلامي التي أعيد طرحها بلباقة بثوب جديد اليوم. يعتبر جون فولتون، وهو من أهم المختصين في العلاقات الصينية العربية، أن "الصين تبقى قبل كل شيء طرفاً اقتصادياً ذا تعامل سياسي ودبلوماسي ناشئ، ولكن ذا دور محدود من ناحية الأمن 1". لكنها تعمل على تحسين هذه النقطة الأخيرة بتكتم.

تآزر الرياض وأبوظبي وبكين

من جانب دول الخليج وحتى مصر، توجد إرادة في الخروج من العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة، وتطور بلدانها بأدنى كلفة، وعدم الاقتصار على توفير المحروقات، ما يدفعها إلى توطيد العلاقات مع بكين. وهكذا نشأ المشروع الهائل "رؤية 2030" الذي يهدف إلى تطوير السعودية، والذي أتى به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتحم ببراثن "طريق الحرير الجديد" الذي تفتق عنه ذهن الرئيس الصيني شي جين بينغ. الشيء نفسه مع المشروع الأصغر "رؤية 2031" برعاية رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان. وكما تذكر الباحثة كاميل لونس، العضو في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية: "صارت السعودية والإمارات قوى متوسطة لكنها في الصفوف الأولى، مدفوعة بطموحها للعب دور ضمن نظام عالمي في طور التحول، وكذلك في التنافس الجيوسياسي المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة 2".

توجد من جانب دول الخليج وحتى مصر إرادة للخروج من العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة

من الجانب الأميركي، فقد ولى زمن العلاقات مع دول الخليج القائمة أساساً على الذهب الأسود، واحتل البترول "المحفور في الولايات المتحدة" ــ وفق تعبير ترامب ــ مكانه، وأصبحت الولايات المتحدة أول مُصدر للبترول في العالم (19،4 مليون برميل يومياً في 2023، مقابل 11،4 مليون برميل يومياً للسعودية). وفي هذا الصدد، ومنذ نهاية فترة ولايته الثانية، تطرق الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى الحديث عن "الانعطاف (الأميركي) نحو آسيا"، الأمر الذي أثار قلق حكام منطقة الشرق الأوسط، حيث لم يعودوا يشعرون بأنهم محميون حقاً.

استقبال فاتر لجو بايدن

أما موقف الصين، فهو على النقيض تماماً من الموقف الأميركي. فشراهتها للبترول تُهيكل علاقاتها الخارجية، من دون أن تتمكن من التمتع بجهاز أمني على الطريقة الأميركية، بالرغم من أن لها قاعدة عسكرية في جيبوتي. بالتالي فهي تحتاج للعلاقات التجارية لترسيخ حضورها وتحريك بيادقها الاستراتيجية في المنطقة. صحيح أن هذه العلاقات التجارية ليست وليدة الأمس، لكن "الانعطاف الصيني" نحو الخليج العربي تجسد حقاً خلال العقد الأخير. ففي 2016، نشرت بكين أول كتاب أبيض حول "السياسة العربية في الصين"، مشيرة فيه إلى خمسة مجالات تعاون ممكنة، وهي الطاقة والتكنولوجيا والمال والثقافة والطيران. وبعد ست سنوات، في 2022 تحديداً، استقبلت الرياض شي جين بينغ استقبالاً حافلاً، حيث "رافقت طائرته أربع مقاتلات في سماء السعودية، ثم، عند هبوطه على المدرج، حلّقت ست طائرات نفاثة أخرى، مثيرة حولها دخاناً أحمر وأصفر بألوان العلم الصيني!" (عن جريدة "لوموند" الفرنسية بتاريخ 9 ديسمبر/كانون الأول/ديسمبر 2022). جرى تنظيم ثلاث قمم في تلك الفترة، أولها ثنائية مع محمد بن سلمان، والثانية على المستوى الإقليمي مع مجلس التعاون لدول الخليج، وأخيراً قمة صينية عربية أكبر حجماً ضمت إليها مصر وتونس وفلسطين... ومن المعتقد أن عقوداً بقيمة 50 مليار دولار نتجت عن هذه القمم، لكن من الصعب التفريق بين الالتزامات الجدية والوعود الفضفاضة. وبالتوازي، استقبل محمد بن سلمان (الرئيس الأميركي السابق) جو بايدن في 7 يوليو/تموز 2022 بفتور شديد، في تباين واضح بين المعاملتين.

من جهتها، تضاعفت المعاملات التجارية بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج، وعلى رأسها السعودية (125 مليار دولار)، تتبعها الإمارات (95،2 مليار دولار)، ثم سلطنة عمان (40،4 مليار دولار)، فالكويت (31،5 مليار دولار)، وأخيراً قطر (24،5 مليار دولار)، بحسب معطيات إدارة الجمارك الصينية ووزارة التجارة، بالإضافة إلى "مرصد طريق الحرير". وكما هو متوقع، تعد الطاقة والمنتجات البتروكيميائية من أهم الصادرات، حيث تمثّل ثلاثة أرباع وخُمُسيْ صادرات أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج باتجاه الصين. وتزدهر الشراكات (الصينية-السعودية أو الصينية-الإماراتية) وتتطور الاستثمارات، ونذكر منها على سبيل مثال الشركة السعودية "أرامكو" حليفة شركة "صينوبيك" في منطقة "فوجيان" الصينية، التي تملك نصف العملاق البتروكيميائي "رونغشينغ"، أو شركة بترول أبوظبي الوطنية، المشتركة مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية.

الموانئ والذكاء الاصطناعي في المقدمة

وتساهم الشركات الصينية أيضاً في بناء موانئ، تصاحبها في أغلب الأحيان مجمّعات صناعية أو حتى سكنية هائلة، مثل منطقة جازان الاقتصادية المطلة على البحر الأحمر، التي تتمتع بمزايا مالية وجبائية مهمة، أو موانئ ينبع وجدّة الواقعة أيضاً على البحر الأحمر، والتي يُراد منها أن تصبح مراكز للتبادل التجاري. كما يمكن أن نذكر محطة ميناء خليفة في الإمارات أو المنطقة الاقتصادية الشاسعة حول قناة السويس، حيث التزمت شركات صينية عامة وخاصة باستثمار أكثر من ثمانية مليارات دولار في الأعوام المقبلة. وتمثل هذه المنصات المينائية والصناعية مصلحة اقتصادية لجميع الأطراف الفاعلة، بما أنها تُسهل التواصل بين البلدان الآسيوية والأفريقية والأوروبية، فضلاً عن كونها تمثل مصلحة أمنية جوهرية للصين. إذ يُمكن لمضيق باب المندب ولقناة السويس أن يُصبحا جداراً مانعاً لمن يتحكم فيهما. وهو ما تتخوف منه بكين في حال المواجهة مع غريمها الأميركي، بما أن ثلثي صادراتها تمر عن طريق البحر.

وتتجاوز الشراكة الاقتصادية المجالات التقليدية المذكورة، فهي تتماشى مع الاختيارات الاستراتيجية لقادة بلدان الخليج، المتمثلة في استخدام الموارد البترولية للتخلي عن اعتمادها على المحروقات مصدراً للدخل وتطوير بلدانهم. في هذا السياق، ظهرت المشاريع المتعلقة بالهيدروجين و"الطاقة الخضراء" (أي المتجددة) مدعومة بالخبرة الصينية، وهي البلد الأول في هذا المجال. وتساهم شركات الصين في أكبر مشروعين في العالم يستخدمان الطاقة الشمسية، هما المجمع الشمسي محمد بن راشد آل مكتوم في دبي، ومشروع "نور" في أبوظبي، وما هما إلا مثالين من بين أخرى. وتُعد الانطلاقة الصينية الأكثر إبهاراً في مجال الاتصالات والتجارة الرقمية والذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، فقد أطلقت شركة "هواوي" الصينية شبكتها الـ"5G" في كامل ممالك الخليج منذ 2019، بالتعاون مع الشركات المحلية. وبالرغم من عزوف البلدان الغربية عن التعامل معها، وخاصة الولايات المتحدة التي منعتها من العمل على أراضيها، فقد لعبت هواوي "دوراً محورياً في التطور الرقمي للمنطقة 3"، سواء كان ذلك على مستوى "المدن الذكية" (وهو مصطلح تطور حضري يعتمد على استعمال التكنولوجيا الحديثة لتحسين جودة الخدمات والتقليل من ثمنها)، أو مراكز البيانات، وفي مجال علم الجينات الحيوية، وأنظمة التعرف على الوجوه... أو حتى مراقبة السكان. وأطلقت الإمارات، في سبتمبر/أيلول الماضي، أول شبكة ذكاء اصطناعي في العالم العربي، كما أنشأت شركة "تينسنت" الصينية في السعودية نهاية يناير/كانون الثاني 2025 مجمعاً رقمياً لتخزين البيانات في المنطقة.

تعليم اللغة الصينية في المدارس

وتؤكد كاميل لونس قائلة: "يدير أساتذة من أصول صينية أو صينية أميركية بعض أحسن المعاهد وشركات البحث العلمي حول الذكاء الاصطناعي (...) مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في الإمارات. والهدف من هذا هو تدريب البرامج الرقمية على تعلم اللغة العربية وتطوير الاقتصاد في مجال لا تزال تهيمن عليه الشركات ذات رأس مال أميركي حصري، مثل مايكروسوفت وغوغل و"أوبن آي آي"... إلخ، فالشركات الصينية تحاول التكيف مع المحيط، ولهذا يبدو سبب إدخال الإمارات (في 2019) والسعودية (في 2023) تعليم اللغة الصينية في المدارس الابتدائية والمعاهد الإعدادية واضحاً. وتعتبر الصين أن "غزو" أسواق تجارية جديدة يشكل دافعاً قوياً، لكن من الخطأ أن نرى هذا من منظور اقتصادي بحت، فبكين تبحث عن نشر، وحتى فرض، معاييرها التكنولوجية، التي تمثل في الوقت نفسه نقاط صراعها الأيديولوجي والتقني مع الولايات المتحدة. فمن البديهي أن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته غير محايدة، والتنافس بين القوتين لا يتأتى من صراع بين نظامين خصمين، كما كان الحال خلال الحرب الباردة، بل إن اللعبة تدور بين تصوُرين مختلفين لعالم متعدد الأقطاب، تنوي الصين أن توسع فيه من نفوذها الاستراتيجي وخاصة في الجنوب العالمي".

نحو البترو-يوان؟

رمز قوي آخر هو بداية استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية. لا تزال المبالغ متواضعة، لكنها تبدو بدايةً لانفصال محتمل عن العملة الوحيدة للمعاملات، الدولار الأميركي. لم يفشل الحظر المفروض على روسيا، التي فُصلت عن النظام المالي العالمي (سويفت)، في إثارة قلق الحكام ورجال الأعمال الذين نشأوا على البترودولار. بمجرد أن تقرر الولايات المتحدة ذلك، تُجمد استثماراتهم. وقد بدأت صناديق الثروة السيادية الغنية (صندوق الاستثمارات العامة السعودي: 925 مليار دولار من الأصول؛ جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا): 1100 مليار دولار؛ هيئة الاستثمار الكويتية: 970 مليار دولار؛ جهاز قطر للاستثمار: 520 مليار دولار) بتنويع استثماراتها نحو العقارات والشركات الناشئة التكنولوجية في الصين.

تساهم الشركات الصينية في بناء موانئ، تصاحبها في أغلب الأحيان مجمّعات صناعية أو حتى سكنية هائلة

وفي هذا السياق، وللمرة الأولى، أصدرت الحكومة الصينية سندات حكومية (دين سيادي) في السوق المالية في الرياض. وبينما كان طموحها جمع ملياري دولار، وصلت طلبات الشراء إلى 40 مليار دولار - وهو دليل على ثقة أصحاب الثروات والعائلات الغنية في الاقتصاد الصيني، حتى مع تباطؤه. والأهم من ذلك، أظهرت بكين أنها يمكن أن تصبح لاعباً مهماً في إعادة تدوير البترودولارات الشهيرة هذه، التي كانت حتى الآن في أيدي واشنطن. هذا كفيل بزعزعة النظام المالي الدولي إذا استمر المنطق حتى النهاية. لكن الأمر لا يتعلق حالياً سوى بإعطاء إشارة. ولئن تخيط بكين ببراعة شباكها المتفرعة، تبقى الولايات المتحدة طرفاً محورياً فاعلاً في المجال العسكري والاستراتيجي والدبلوماسي والاقتصادي. وبالتالي ضغط ترامب في ولايته الأولى، وبايدن بعده، على الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان لكي يقلص من حجم الاستثمارات الصينية في ميناء خليفة، الذي يبعد مرمى حجر من القوات الأميركية في قاعدة الظفرة الجوية. ولكي يثبتوا أنهم جادين، حرم الأميركيون أبوظبي من الطائرات "F-35" والطائرات المسيّرة "الدرون" من طراز "M-Q9" التي كانت تنوي اقتنائها، كما أن الشركة الإماراتية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي "G42" اضطرت للتخلي عن شراكتها مع "BytDance" الشركة الصينية المالكة لمنصة تيك توك، وذلك لكي تتمكن من العمل مع مايكروسوفت 4.

"إذا كان علينا اختيار معسكر"

من غير المحتمل، مع ذلك، أن يكون هذا كافياً لوقف التطور الجاري. فمن ناحية، يبحر القادة العرب بما يخدم مصالحهم على أفضل وجه في هذه المنافسة الشرسة. وأكد مستشار الرئيس الإماراتي محمد بن زايد الدبلوماسي قبل فترة وجيزة قائلاً: "ليست لدينا أي مصلحة في اختيار معسكر بين القوى الكبرى". بل يمكنهم حتى ممارسة ابتزاز خفيف للحصول على أفضل ما يمكن من المتنافسَين. من ناحية أخرى، تتجنب الصين اختيار معسكرها، بينما تحرث المنطقة باستمرار دبلوماسياً. فهي "تزرع بشكل استباقي روابط مع السنة والشيعة، والجمهوريات والممالك، وإيران والدول العربية، وفقاً لتوقعات وتفضيلات النخب الحاكمة"، كما يوضح الباحثون الصينيون الثلاثة سن ديغانغ ويانغ ينغتشي وليو سي5، وهي تربط بين العلاقات الثنائية والاندماج في المنظمات متعددة الأطراف. وهكذا، رُفعت السعودية والإمارات ومصر (وكذلك إيران) إلى مرتبة "شركاء استراتيجيين عالميين"، وهو المستوى الأعلى في التسلسل الهرمي الدبلوماسي للصين. وقد دُمجت في مجموعة "بريكس+" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ومنذ عام 2023، إثيوبيا ومصر وإيران والإمارات والسعودية)، حتى لو ظلت الرياض متحفظة، مكتفية بإرسال وزير خارجيتها فقط إلى القمة الأخيرة في قازان، في 22 و23 أكتوبر/تشرين الأول 2024. كما جرت دعوتها باعتبارها "شريكة في الحوار" في منظمة شنغهاي للتعاون، التي تركز على الأمن ومكافحة الإرهاب. وأخيراً، فهي جزء من المبادرات الدولية التي أطلقها شي جين بينغ للأمن العالمي والتنمية.

علاوة على ذلك، تعلن بكين أن الصين "ليست لديها نية لتجاوز أو استبدال أي شخص في المنطقة" (وكالة "شينخوا"، 24 يناير/كانون الثاني 2025) ولا تريد أن تكون زعيمة لمعسكر على غرار الاتحاد السوفييتي الراحل. تدعم السلطة الصينية الفلسطينيين، وتطالب بحل الدولتين، وحتى نجحت في جمع كل الفصائل معاً في بكين في يوليو/تموز الماضي (بما في ذلك حماس وفتح). لكنها واصلت التجارة كما لو أن شيئاً لم يكن أو كاد مع إسرائيل - وهو ما لا يزعج أبوظبي أو حتى الرياض. بشكل عام، تحقق السياسة الصينية نجاحاً معيناً لدى جزء من النخب العربية. فنموذجها "للسلام من خلال التنمية، المختلف جداً عن النموذج الغربي الذي يركز على نقص الديمقراطية أو الهيمنة"، كما يؤكد صن ديغانغ ويانغ ينغتشي وليو سي، قد يكون "مفتاح حل النزاعات في الخليج". لا نرى علامة واضحة على ذلك، باستثناء التقارب الهش بين إيران والسعودية.

في المقابل، بدأت صورة الصين، التي تضررت بشدة في الغرب، تلمع قليلاً أكثر. وكما يشرح باحثا جامعة "ديكين"، شهرام أكبرزاده وعارف سبا، فإن "خطتها الطموحة لتعزيز القوة الناعمة تستفيد من وزنها الاقتصادي وتروج القيم المرتبطة بالدولة القوية والاستقرار الاجتماعي"، وهي قيم تحظى بتقدير كبير من قبل الأنظمة الاستبدادية في الخليج. كما "يُعتبر نظامها السياسي جذاباً أيضاً 6". يجب دائماً توخي الحذر من استطلاعات الرأي، لكن الباحثَين يظهران أنه إذا كان 65% من المستجيبين من السعودية و63% من الإمارات يعتقدون أنه يجب البقاء محايدين في المواجهة الصينية الأميركية، فإن 29% من المستطلَعين السعوديين و26% من الإماراتيين سيميلون نحو الصين إذا كان عليهم الاختيار بين الاثنين، مقابل 6% و11% للولايات المتحدة على التوالي، وهو انقلاب تاريخي مذهل. القصة لا تنتهي عند هذا الحد… في الوقت الحالي، تحتفظ واشنطن بأسلحة إقناع قوية (البترول، الجيش، الدولارات...) وقوة تفاوضية كبيرة - إلا أن وحشية دونالد ترامب يمكن أن تضعف الموقف الأميركي.

(ترجمت هذا المقال من الفرنسية فاطمة بن حمد)
يُنشر بالتزامن مع "أوريان 21"
https://orientxxi.info/ar

+++++++++
1 ــ جوناثان فولتون، "أهداف الصين الاستراتيجية في الشرق الأوسط"، أتلانتيك كاونسول، 19 إبريل/ نيسان 2024.
2 ــ كاميل لونس، "الشرق يلتقي الغرب: علاقات الصين المتفتحة مع السعودية والإمارات العربية المتحدة"، موقع "بوليسي بريف"، المجلس الأوروبي للعلاقات الأجنبية، 20 مايو/أيار 2024.
3 ــ ديان شويليفا، "من البترودولار إلى اليوان الرقمي"، معهد سياسة جمعية آسيا وأنودو إيكونوميكا، يناير/كانون الثاني 2025.
4 ــ أندرو ج. كليمسون وريبيكا ردليخ وغرانت روملي، "G42 والثالوث الصيني الإماراتي الأميركي"، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، 3 إبريل/نيسان 2024.
5 ــ صن ديغانغ ويانغ ينغكي وليو سي، "استراتيجية الصين التحوطية في الخليج: حالة من دبلوماسية الحياد"، المجلة الآسيوية للدراسات الشرق أوسطية والإسلامية، المجلد 18، العدد 3، أكتوبر/تشرين الأول 2024.
6 ــ شهرام أكبر زاده وعارف سابا، "القوة الناعمة للصين: وجهات نظر من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة"، مجلة الدراسات العالمية، 2025.

قراءة المقال بالكامل