اتهم خالد المشري، الذي ينازع محمد تكالة على رئاسة المجلس الأعلى للدولة الليبي، رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بالتدخل في المجلس والمشاركة في إثارة أزمته، مؤكداً رفضه هذا التدخل. جاء ذلك في بيان للمشري عقب استقبال الدبيبة تكالة وأعضاء المكتب الرئاسي بالمجلس الأعلى للدولة، في مقرّ الحكومة بطرابلس، مساء أمس الأربعاء.
وأبدى المشري، في بيان وقّعه بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للدولة، استغرابه مما وصفه بادعاء الدبيبة السعي "إلى إنهاء حالة الانقسام بالمجلس الأعلى للدولة"، معتبراً أنّ الانقسام "ما هو إلا نتيجة تدخل الحكومة نفسها في أعمال المجلس"، مستشهداً في ذلك بـ"تدخل الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة في جلسة المجلس"، في إشارة إلى منع أجهزة أمن الحكومة المجلس من عقد جلسة للنظر في الخلافات القائمة حول نتائج انتخابات رئاسة المجلس نهاية أغسطس/ آب الماضي.
وفيما وصف المشري تكالة وأعضاء المكتب الرئاسي الذي استقبلهم الدبيبة في مكتبه الحكومي بأنهم "منتحلو الصفة ومغتصبو السلطة في المجلس الأعلى للدولة"، عبّر عن استغرابه من دعوة الدبيبة إلى احترام أحكام القضاء "على الرغم من أنّ الجالسين أمامه قد صدرت بحقهم أحكام قضائية بعدم صحة انتخابهم". وأضاف المشري قائلاً "ما تقوم به الحكومة من خلال مثل هذه الاجتماعات يعبّر عن ارتباك واضح أمام التوافق بين أعضاء المجلسين، المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، في العديد من الملفات"، مؤكداً أنه يرفض "استمرار تدخل الحكومة في أعمال المجلس".
وختم المشري بيانه بدعوة الدبيبة إلى "إيجاد حالة من التوافق في مجلس حكومته التي استقال ثلث وزرائها، ومنها الوزارات السيادية مثل الخارجية والداخلية، ونصف وزراء الدولة بالحكومة، بدلاً من محاولات التدخل في أعمال المجلس الأعلى للدولة وعرقلة مهامه".
وخلال استقباله تكالة، بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للدولة، ومرافقيه بصفتهم أعضاء بالمكتب الرئاسي، دعا الدبيبة، في بيان نشرته منصة "حكومتنا"، إلى "ضرورة احترام أحكام القضاء المتعلقة بالخلاف السابق حول جلسة انتخاب رئيس المجلس"، في إشارة إلى حكم الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف جنوب طرابلس، منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري، القاضي برفض الطعن المقدم من المشري ضد جلسة انتخاب رئيس المجلس الأعلى للدولة المعادة يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، لحسم الخلاف حول نتائج جلسة انتخابات رئيس المجلس التي انعقدت في 6 أغسطس/ آب الماضي.
ودعا الدبيبة تكالة كذلك إلى "توسيع دائرة التوافقات داخل المجلس الأعلى للدولة، بما يضمن قيامه بدوره في صياغة القوانين اللازمة ووضع الأساس الدستوري المطلوب لإجراء الانتخابات، باعتبارها هدفاً وطنياً لا يحتمل التأجيل"، وفق البيان، محذراً من "خطورة وجود أجندات حزبية وخارجية تسعى إلى تعميق الانقسام لتأخير إجراء الانتخابات".
وأشاد الدبيبة بما اعتبرها جهوداً لرئاسة المجلس الممثلة في تكالة "في حماية المؤسسات التشريعية من محاولات البعض لفرض التدخلات الخارجية، الهادفة إلى تعميق الانقسام لتأخير إجراء الانتخابات"، وشدد على "ضرورة استمرار التنسيق بين المجلس والحكومة في الملفات السياسية والتنفيذية، بما يضمن اضطلاع أعضاء المجلس بدورهم الكامل في متابعة أداء السلطة التنفيذية، وتعزيز التكامل بين المؤسسات لضمان تحقيق الاستقرار ودفع العملية السياسية إلى الأمام".
ويعاني المجلس الأعلى للدولة أزمة انقسام داخلي حاد، بعد خلافات واسعة بين أعضائه حول نتائج انتخابات رئاسة المجلس التي انعقدت في 6 أغسطس الماضي، بالتنافس بين المشري وتكالة، اللذين قررا نقل الخلاف إلى القضاء للحسم فيه. وبعد عدة أحكام قضائية دعا تكالة إلى إعادة عملية الانتخاب في جلسة عقدها، يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، انتهت بفوزه بولاية رئاسية جديدة، وسط رفض المشري الذي قاطع وأنصاره الجلسة.
وفيما قدّم المشري طعناً في نتائج جلسة إعادة الانتخابات، أصدرت الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف جنوب طرابلس، منتصف يناير الجاري، حكماً يقضي بإلغاء نتائج جلسة الانتخابات الجدلية في أغسطس الماضي، بسبب "مخالفات قانونية وإجرائية أثرت على شرعية الجلسة ونتائج الانتخابات والتي أُعلن بموجبها السيد خالد عمار المشري رئيساً للمجلس"، واعتبرت المحكمة إعلان المشري نفسه رئيساً للمجلس "تجاوزاً للصلاحيات واغتصاباً للسلطة دون سند قانوني".
ورحّب تكالة بالحكم إثر صدوره، واعتبره دليلاً على صحة انتخابه رئيساً للمجلس في جلسة إعادة الانتخابات في نوفمبر الماضي، إلا أنّ المشري اعتبر الحكم غير بات باعتباره صدر عن الدائرة الإدارية غير المختصة بالنظر في قضايا الخلافات ذات الطبيعة الدستورية، وطالب بضرورة انتظار أحكام المحكمة العليا للفصل في الخلاف.
