وافق مجلس النواب المصري، اليوم الثلاثاء، على 261 مادة من أصل 297 بمشروع قانون العمل الجديد المقدم من الحكومة، الذي ينظم أوضاع ما يقرب من 30 مليوناً من العاملين في منشآت القطاع الخاص، ولا تسري أحكامه على موظفي الحكومة، وعمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم. وأقر المجلس حظر الإضراب عن العمل أو الدعوة إليه أو إعلانه في المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية للمواطنين، بدعوى أن توقف العمل فيها يخل بالأمن القومي للبلاد.
ويصدر رئيس الوزراء قراراً بتحديد المنشآت الحيوية والخدمات الأساسية التي تقدمها. كذلك حظر الدعوة إلى الإضراب بشكل عام أو إعلانه في الظروف الاستثنائية. وقصر حق الإضراب عن العمل بعد استنفاد طرق التسوية الودية للمنازعات، ويكون إعلانه وتنظيمه فقط من خلال المنظمة النقابية العمالية المعنية، أو المفوض العمالي، وفي حدود الضوابط والإجراءات المقررة في القانون.
ووافق المجلس على خفض مدة البت في استقالة العامل إلى خمسة أيام بدلاً من عشرة أيام، وعدم انتهاء خدمته إلا بقبول الاستقالة، واستمراره في العمل حتى البت فيها. وللعامل المستقيل أو وكيله الخاص العدول عن طلب الاستقالة خلال سبعة أيام من تاريخ إخطاره بها، شرط أن يكون العدول مكتوباً ومعتمداً من الجهة الإدارية المختصة.
ونص مشروع القانون بأنه إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لأي من طرفيه إنهاؤه، بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابةً قبل الإنهاء بثلاثة أشهر. ولا يجوز لأصحاب الأعمال والعمال إنهاء العقد غير محدد المدة إلا بمبرر مشروع وكاف، ومراعاة أن يكون الإنهاء في وقت يتناسب مع ظروف العمل في المنشأة. وينتهي عقد العمل محدد المدة بانقضاء مدته، فإذا أبرم العقد أو جدد لمدة تزيد على خمس سنوات جاز للعامل إنهاؤه من دون تعويض عند انقضاء المدة. وإذا كان الإنهاء من جانب صاحب العمل استحق العامل مكافأة تعادل أجر شهر واحد عن كل سنة من سنوات الخدمة.
كما نص بأنه إذا أبرم عقد العمل لإنجاز عمل معين انتهى العقد بإنجازه، ويجوز تجديده باتفاق صريح بين طرفيه لعمل أو أعمال أخرى مماثلة. فإذا انتهى العقد المبرم لإنجاز العمل واستمر طرفاه في تنفيذه اعتبر ذلك تجديداً منهما لعقد العمل. أما إذا أنهى صاحب العمل العقد غير محدد المدة لسبب غير مشروع، كان للعامل الحق في تعويض عما أصابه من ضرر، بما لا يقل عن أجر شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة. ولا يخل ذلك بحق العامل في المطالبة بباقي حقوقه المقررة قانوناً.
وحدد المشروع الأسباب غير المشروعة كالآتي: انتساب العامل إلى منظمة نقابية، أو مشاركته في نشاط نقابي، أو ممارسة صفة المفوض العمالي، أو السعي إلى ذلك، أو تقديم شكوى، أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل، أو المشاركة فيها تظلماً من إخلاله بالقوانين أو اللوائح أو عقود العمل، أو توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل، أو استخدام العامل حقه في الإجازات الممنوحة له طبقاً لأحكام القانون.
وإذا أثير نزاع عمل جماعي وجب على طرفيه الدخول في مفاوضة جماعية لتسويته ودياً. ويلتزم طرفا المفاوضة الجماعية بتقديم ما يطلب منهما من بيانات ومعلومات ومستندات تتعلق بموضوع النزاع، والسير في إجراءات المفاوضة، فإذا رفض أحد الطرفين البدء بإجراءات المفاوضة جاز للطرف الآخر أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة تحريك إجراءات التفاوض بدعوة منظمة أصحاب الأعمال، أو المنظمة النقابية العمالية المعنية، أو المفوض العمالي، بهدف إقناع الطرف الرافض بالعدول عن موقفه.
وإذا أسفرت المفاوضة الجماعية عن اتفاق الطرفين، يدون اتفاقهما في اتفاقية عمل جماعية طبقاً للشروط والقواعد المحددة في القانون. ويحظر على طرفي علاقة العمل اتخاذ إجراءات أو إصدار قرارات تتعلق بالموضوعات محل التفاوض، إلا في حالة الضرورة والاستعجال، ويشترط أن يكون الإجراء أو القرار في هذه الحالة مؤقتاً.
وتنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة ابتدائية محكمة عمالية، وبدائرة كل محكمة من محاكم الاستئناف دوائر استئنافية متخصصة لنظر الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة عن المحكمة العمالية. وتختص المحكمة -دون غيرها- بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القوانين واللوائح المنظمة لعلاقات العمل كافة، والدعاوى المتعلقة بحقوق العمال التأمينية والمنتفعين عنهم، والمنظمات النقابية العمالية وتشكيلاتها.
وكانت دار الخدمات النقابية والعمالية قد رصدت 121 ألفاً و16 انتهاكاً لحقوق العمال في مصر خلال عام 2024. وتمثلت الانتهاكات في 32 واقعة تقييد الحرية بالسجن، و83 واقعة فصل عن العمل، و10 آلاف و700 واقعة تهديد بالفصل، و7 آلاف واقعة تهديد بجهاز الأمن الوطني، و510 وقائع تهديد أو استدعاء بالشرطة، و12 حالة إيقاف عن العمل، و500 واقعة طرد للعمال خارج مقر العمل أو منعهم من الدخول، و23 واقعة عنف لفظي أو بدني، و59 واقعة تحقيق مع العمال.
كذلك تضمنت الانتهاكات 400 واقعة تخفيض رواتب، و950 واقعة تأخير صرفها، و32 ألفاً و540 واقعة رفض تنفيذ الحد الأدنى للأجر، و233 واقعة امتناع عن الزيادة السنوية للراتب بما يناسب غلاء المعيشة، و8 آلاف و600 واقعة إجازة إجبارية، و11 ألفاً و956 واقعة إلغاء بدلات العمل أو تأخيرها، و3 آلاف واقعة تراجع عن اتفاقية العمل، وألفين و500 واقعة إجبار على الاستقالة بغرض تغيير صيغة التعاقد بالمخالفة لقانون العمل.
وأكدت دار الخدمات النقابية والعمالية أن استمرار تغييب العمال ونقاباتهم عن مناقشات قانون العمل الجديد في البرلمان، وتجاهل مطالبهم بتنظيم جلسات استماع لهم باعتبارهم أصحاب المصلحة، يعكس سياسة حكومية – برلمانية ممنهجة تهدف إلى إسكات صوت العمال.
وحذرت الدار من خطورة مواد مشروع القانون الجديد، التي قد تمثل سبباً رئيسياً في سجن الكثير من العمال تحت دعاوى التجمهر والتحريض على الإضراب. إذ فرض المشروع شروطاً تعجيزية للإضراب، واعتباره غير قانوني عند لجوء العمال إليه، ما يمنح أصحاب العمل الحق في فصلهم، ووقف أجورهم، وإحالتهم على المحاكمة. وفي حال صدور حكم لمصلحة أحد العمال، لا يلزم مشروع القانون صاحب العمل بإعادته إلى وظيفته، بل سداد تعويض مالي قد لا يتناسب مع معاناته وأسرته خلال السنوات التي قضاها بلا عمل.
