من يملك الأوراق الرابحة في أوكرانيا؟

منذ ١ أسبوع ١٩

يشير رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي مايكل فرومان، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمجلس، إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في اجتماع محتدم في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، أخيراً: "أوراق اللعب ليست لديك الآن. معنا ستبدأ في امتلاك أوراق اللعب". ورد زيلينسكي قائلاً: "إنني لا ألعب لعبة ورق. إنني جاد للغاية سيدي الرئيس".

ويقول فرومان إنه بينما لا تُعدّ الحرب في أوكرانيا مجرد لعبة ورق، يستحق الأمر تقدير أوراق اللعب لدى كل طرف، على وجه الخصوص لأن هذه هي الطريقة التي يتعامل بها ترامب مع المفاوضات، فيما سيلتقي مبعوثوه بنظرائهم الأوكرانيين في السعودية هذا الأسبوع وما بعده. ويقول فرومان إن أوكرانيا لديها أسوأ أوراق اللعب. وكما أوضح ترامب ومبعوثوه، لا تميل واشنطن إلى دعم كييف إلى أجل غير مسمى. وأهداف ترامب الرئيسية هي الحصول على عائد من الاستثمار الذي قامت به الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا، وضمان إنهاء سريع للحرب لا يتضمن توريطاً إضافياً لواشنطن.

ويرى فرومان أن هذا يترك لدى أوكرانيا أوراق لعب قليلة، بما في ذلك توقيع اتفاق حيوي بشأن المعادن (يقدمه وزير المالية سكوت بيسينت باعتباره "شراكة اقتصادية") والإشادة بترامب علناً. وقد تسعى أوكرانيا أيضاً إلى الحصول على مزيد من النفوذ، عن طريق الحصول على المزيد من الدعم الأوروبي، لكن هذا فحسب ما يستطيع الأوروبيون تقديمه، على الأقل في الأمد القصير.

ويكفي القول إن زيلينسكي يكافح ليلعب بأوراق اللعب الضعيفة المتاحة له. وكان البيت الأبيض يتوقع الأسبوع الماضي أن يوقع اتفاقاً ليمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى الثروة المعدنية الأوكرانية. وأدت الضجة التي أثارها زيلينسكي في المكتب البيضاوي مع ترامب ونائبه جيه دي فانس إلى القضاء على آمال استفادة أوكرانيا من ثروتها المعدنية لدخول مناقشة أوسع نطاقاً بشأن الضمانات الأمنية. وطُلب من الوفد الأوكراني أن يغادر البيت الأبيض وتُرك الاتفاق من دون أن يُوقَّع.

ورغم ذلك، غيّر زيلينسكي رأيه بعد أيام، وأرسل خطاباً تصالحياً إلى ترامب. وشكر زيلينسكي الولايات المتحدة في الخطاب الذي قرأه ترامب بصوت عالٍ في خطاب مشترك في الكونغرس يوم الثلاثاء الماضي، وأعلن أن أوكرانيا "مستعدة للعمل تحت قيادة الرئيس ترامب القوية للحصول على سلام يدوم"، وتعهد بأن بلاده مستعدة لتوقيع اتفاق معادن "في أي وقت يناسبكم".

يذكر أن أوكرانيا لديها احتياطيات كبيرة من التيتانيوم الضروري في صناعات الطيران واستخدامات عسكرية أخرى. ويكمن أحد التحديات في أن الكثير من الثروة المعدنية يقع في المناطق التي تسيطر عليها روسيا في البلاد أو بالقرب منها. ويتردد القطاع الخاص في الاستثمار في التعدين والبنية التحتية المرتبطة به على أراضٍ محتلة أو قد تكون محتلة قريباً. وبرغم هذا، يقدم الاتفاق فرصة لأوكرانيا كي تلعب ورقة، وتضمن أن الولايات المتحدة لها مصلحة في رخاء الاقتصاد الأوكراني.

ويوضح فرومان أن الجنرال كيث كيلوغ، مبعوث ترامب لأوكرانيا وروسيا، قال في أحد أوضح التعبيرات عن السياسة الخارجية لترامب، في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي أخيراً، إن نموذج أميركاً أولاً في "دبلوماسية الصفقات" يضع في الأولوية "الاقتصاديات أساساً وقوة دافعة وراء الشؤون الدولية". ويرى كيلوغ أنه "إذا كانت للولايات المتحدة مصلحة اقتصادية مباشرة في أوكرانيا، فإنه ستكون للولايات المتحدة مصلحة مباشرة وراسخة لحماية مصالحها الاقتصادية أيضاً".

وقد استقر الوضع العسكري لأوكرانيا ببعض الطرق، رغم المخاوف من أن يكون الشتاء كارثياً، لكن الجيش الأوكراني يستنفد مخزوناته من صواريخ الدفاع الجوي من طراز باتريوت. وأوقفت إدارة ترامب مشاركة المعلومات الاستخبارية التي تعتمد عليها أوكرانيا لحماية نفسها من الصواريخ الروسية طويلة المدى، وهجمات الصواريخ، وتحديد أهداف ثمينة بدقة داخل روسيا، ما يحدّ بشدة من قدرة أوكرانيا على القتال.

ويقول فرومان إنه بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن لديه أوراق لعب جيدة، والأهم من ذلك هو أنه يعتقد أن الوقت في صالحه، حيث تسيطر روسيا على حوالي 20% من مساحة أوكرانيا، ولم يعدّل بوتين مطالبه من أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهي البقاء خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا. ويضيف فرومان أنه رغم أن التقدم الروسي في ميدان المعركة كان بطيئاً ومكلفاً برغم مساعدة قوات من كوريا الشمالية على الأرض، شنت موسكو هجوماً شديداً في السابع من مارس/ آذار لاستعادة أراضٍ في إقليم كورسك الروسي، وهو هجوم يبدو أنه اخترق الخطوط الأوكرانية، ويمكن أن يعلن نهاية مناورة زيلينسكي للاحتفاظ بمنطقة تحتلها أوكرانيا في الأراضي الروسية.

ويواجه الاقتصاد الروسي معاناة، لكنه قطعاً ليس على حافة الانهيار. وحصل بوتين على ورقة لعب قوية جديدة قبل أسابيع، حيث بدأت إدارة ترامب في عرض إمكانية إعادة العلاقات الأميركية - الروسية لإبرام اتفاق سريع، وربما إبعاد بوتين عن "أفضل صديق" له، الرئيس الصيني شي جين بينغ. ولهذه الغاية، صوتت إدارة ترامب إلى جانب روسيا وكوريا الشمالية في الأمم المتحدة لإحباط جهد لإدانة نظام بوتين مباشرة بسبب غزو أوكرانيا عام 2022.

ويشير فرومان إلى أنه لا يمكن لبوتين الاستفادة من أفضليته إلا إلى هذا الحد. فبعد ضرب وابل مدمر من الصواريخ الجوالة والباليستية الروسية البنيةَ التحتية الأوكرانية للطاقة مساء السادس من مارس، أصدر ترامب تهديداً علنياً نادراً ضد روسيا عبر موقع "تروث سوشال"، قائلاً إنه "يدرس بجدية" فرض عقوبات ورسوم جمركية على روسيا لإجبارها على التفاوض. وسيكون للرسوم مدى محدود بالطبع.

وفي ما يتعلق بالأوروبيين، فإنه بينما تنسحب الولايات المتحدة من التزاماتها طويلة الأمد، تحاول أوروبا ملء الفراغ، لا في أوكرانيا وحدها، بل في القارة بصفة عامة. ويختتم فرومان تقريره بالقول إن الوقت قد حان الآن لجولة جديدة من المراهنة، فالآن ليس وقت الخداع.. فما هو هدف أوكرانيا النهائي مع الولايات المتحدة وروسيا؟ وما الذي قد يراهن ترامب عليه لإبرام اتفاق يحقق سلاماً عادلاً ومستداماً؟ وما حجم شهية أوروبا الحقيقية للإصلاح، وإعادة التسليح، وإرسال جنود على الأرض، وطائرات في سماء أوكرانيا؟ وما الأرض التي يمكن أن ينسحب منها بوتين؟

(أسوشييتد برس)

قراءة المقال بالكامل