هل تتزايد الضغوط المعيشية في البحرين بعد تخفيض "فيتش"؟

منذ ١ أسبوع ٢٢

خفضت وكالة "فيتش" نظرتها المستقبلية للبحرين من "مستقرة" إلى "سلبية" في 24 فبراير/ شباط الماضي، مع الإبقاء على تصنيفها الائتماني عند "B+"، على خلفية استمرار العجز المالي وارتفاع مستويات الدين العام، ليقدم هذا التخفيض مؤشراً اقتصادياً سلبياً.

ويعكس هذا التغيير في التصنيف مخاوف من ضعف الوضع المالي للبحرين، ما يركز اهتمام المراقبين بمدى علاقة هذا التأثير على عموم المواطنين في البحرين ومدخراتهم البنكية.
فتخفيض النظرة المستقبلية لاقتصاد البحرين من شأنه أن يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض للحكومة، ما يؤثر على السيولة في النظام المصرفي على المدى الطويل، خاصة إذا قلّ الدعم من دول مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لما أورده تقرير نشره موقع AGBI المختص بمجال المال والأعمال في دول الخليج.
لكن المصدر ذاته يفترض أن البحرين ستحصل على تمويل ميسر من شركائها في الخليج، مما يقلل من المخاطر الفورية على المدخرات الفردية، وبالتالي، في الوقت الحاضر لا يوجد دليل مباشر على أن المدخرات البنكية للبحرينيين ستتضرر بشكل ملحوظ.
في المقابل، يشير تقرير "فيتش" إلى أن نمو الاقتصاد البحريني سيظل بطيئاً نسبياً، إذ يتوقع أن يصل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي إلى 3.2% في 2025، مدعوماً بتحسن طفيف في الاستهلاك الخاص والاستثمارات.

مؤشر خطر

يرى الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، أن تخفيض وكالة فيتش للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية للبحرين إلى السلبية يؤشر إلى وجود ضعف اقتصادي، وقد يكون مؤشراً على تراجع الوضع الاقتصادي البحريني، حسبما صرح لـ "العربي الجديد".

ويوضح درويش أن التأثير المباشر لهذا التخفيض لن ينعكس فوراً على مدخرات البحرينيين في البنوك، إذ يتوقع أن يظهر هذا التأثير على المدى المتوسط أو الطويل، معتمداً على المؤشرات الاقتصادية اللاحقة في المرحلة القادمة.
ومع ذلك، يؤكد درويش أن هناك تأثيراً اقتصادياً آخر سيلمسه المواطنون البحرينيون، إذ من المتوقع أن يؤدي التصنيف الائتماني السلبي إلى ضعف في رغبة المستثمرين في توجيه استثماراتهم نحو البحرين، خاصة المستثمرين الأجانب، ما قد ينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي في المملكة الخليجية الصغيرة.
كما يلفت درويش إلى أن تكلفة المعيشة في البحرين مرشحة للتأثر سلباً، بخاصة من حيث قدرات الدولة على تقديم المساعدات بشكل مستمر للمواطنين، نظراً لارتفاع الفوائد المصرفية المترتبة على التصنيف الائتماني، موضحاً أن الحكومة البحرينية ستواجه تكلفة أعلى للحصول على السيولة المالية في المرحلة القادمة.
ويحذّر المستشار المالي من أن ارتفاع تكلفة الاقتراض الحكومي قد ينعكس على منظومة الضرائب أو على مستويات الرواتب والأجور وغيرها من المجالات الاقتصادية الحيوية، ويؤكد أن المدى القصير لن يشهد تأثيراً سلبياً مباشراً، لكن هذه التأثيرات ستظهر على المديين المتوسط والطويل.
ويخلص درويش إلى أن التقييم السلبي لوكالة "فيتش" يعدّ إنذاراً مبكراً لضرورة اتخاذ إجراءات استباقية لتعزيز الاقتصاد البحريني.

العجز والديون في البحرين

في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن تخفيض وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني المستقبلي للبحرين جاء نتيجة ارتفاع عجز الموازنة وزيادة الدين العام، مؤكداً أن البحرين تحتاج إلى إصلاحات اقتصادية جادة لتقليل العجز والتحكم في ديناميكية الدين العام، على الرغم من تلقيها الدعم من دول خليجية مجاورة مثل الإمارات والسعودية.

ويضيف عجاقة أن عجز الموازنة يمثل تحدياً كبيراً في البحرين، إذ يؤثر بشكل مباشر على المواطنين، فمع زيادة كلفة الدين العام، تتحمل الدولة أعباء إضافية، مما يحد من قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، كما أنّ ارتفاع كلفة الديون يؤدي إلى زيادة الضرائب، ما يؤثر بدوره على مدخرات المواطنين وقدرتهم الشرائية.
كما أن تخفيض التصنيف الائتماني يزيد من كلفة الاقتراض للدولة، وبالتالي يطلب المستثمرون عوائد أعلى على الديون، ما يرفع العبء المالي على الحكومة، حسب عجاقة، موضحاً أن هذه الزيادة في الكلفة تنعكس سلباً على المواطنين، إذ تصبح الحكومة مضطرة إلى رفع الضرائب لتغطية العجز، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل القدرة الشرائية للأفراد.
ويؤكد عجاقة أن البحرين بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية شاملة لتحقيق التوازن في الموازنة العامة، مشيراً إلى أن تحفيز النشاط غير النفطي يعد خطوة مهمة على هذا الصعيد، إذ من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 8%، ومع ذلك فإن هذا النمو غير كافٍ، ما يتطلّب المزيد من التحفيزات.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى إطار قانوني قوي ومناخ عمل جاذب للاستثمارات، مشدداً على أن البحرين لديها العديد من الإصلاحات التي يجب العمل عليها لتعزيز الاقتصاد، مثل تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ويخلص عجاقة إلى أن المواطنين في البحرين سيشعرون بتداعيات هذه الإصلاحات، خاصة مع زيادة الضرائب، ومع ذلك فإن هذه الخطوات تظل ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل، والإسهام في تعزيز قدرة البحرين على مواجهة التحديات المالية وضمان نمو اقتصادي مستدام.

قراءة المقال بالكامل