اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية مراسل قناة الجزيرة محمد الأطرش، فجر اليوم الخميس، من منزله في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، وأحالته إلى المحكمة، بعد ساعات من منعه من تغطية العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها شمالي الضفة. وأفادت مصادر "العربي الجديد" بأنّ عناصر من جهاز المخابرات الفلسطينية والقوة الأمنية الفلسطينية المشتركة دهموا منزل الصحافي محمد الأطرش في مدينة الخليل عند حوال الساعة الثالثة من فجر اليوم بالتوقيت المحلي.
كان محمد الأطرش قد تعرّض لتحريض من قبل شخصيات من حركة فتح وعناصر محسوبة على الأجهزة الأمنية الفلسطينية لتغطيته أحداث الحملة الأمنية الأخيرة للسلطة الفلسطينية في مخيم جنين. كما قررت "فتح" منع قناة الجزيرة وطواقمها من مدينة جنين ومخيمها، ثم أصدرت قرارات مماثلة في محافظات أخرى شمالي الضفة الغربية. وأعقب هذه التطورات قرار حكومي فلسطيني، مطلع الشهر الحالي، بوقف بث وعمل قناة الجزيرة وطواقمها في الضفة الغربية بشكل كامل، ما أثار انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية وصحافية محلية ودولية، وصفت القرار بأنه انتهاك لحرية الصحافة والإعلام.
من جانبها، دانت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية، في بيان لها اليوم الخميس، اعتقال الصحافي ومراسل قناة الجزيرة محمد الأطرش، في خطوة "تعكس استمرار النهج القمعي الذي يستهدف حرية التعبير والإعلام في الضفة الغربية". وحمّلت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن سلامة الأطرش، مؤكدة أنّ "استهداف الصحافيين من اعتقال واغتيال وتهديد لن تفلح في التغطية على العدوان المشترك الذي تتعرض له الضفة من الاحتلال وأجهزة السلطة".
وأهابت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة بـ"عشائر مدينة الخليل وكافة الشرفاء في فلسطين أن يقفوا وقفة حازمة ضد ممارسات الأجهزة الأمنية الفلسطينية"، ودعت للضغط بكل السبل للإفراج الفوري عن محمد الأطرش وكافة المعتقلين السياسيين "الذين يُعانون من ظلم الأجهزة الأمنية".
في 19 يناير/ كانون الثاني الحالي، اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية الصحافيين عماد اسعيد وجلال بويطل عدة ساعات، أثناء تغطيتهما أجواء انتظار استقبال الأسرى والأسيرات الذين سيُفرَج عنهم ضمن صفقة التبادل في محيط سجن عوفر الإسرائيلي المقام على أراضي بلدة بيتونيا غرب رام الله وسط الضفة الغربية، بحجة أن قناة الجزيرة تنقل البث المباشر لها عن الوكالة. كما اعتقلت في اليوم نفسه مراسلة الجزيرة جيفارا البديري بعد لحظات من ظهورها في مداخلة صحافية من محيط سجن عوفر.
ويأتي ذلك بعد إصدار محكمة صلح رام الله، في الخامس من الشهر الحالي، قراراً بحجب عدد من المواقع الإلكترونية التابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية مدة أربعة أشهر، بناءً على طلب تقدم به النائب العام الفلسطيني أكرم الخطيب. القرار شمل مواقع "الجزيرة نت" و"الجزيرة مباشر" و"الجزيرة 360" و"+AJ"، وذلك استناداً إلى المادة 39 من قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018، التي تتيح حجب المواقع التي يُعتقد أنها تهدد الأمن القومي أو النظام العام.
وكانت اللجنة الوزارية الفلسطينية المختصة المكونة من وزارات الثقافة والداخلية والاتصالات قد أعلنت، مساء الأربعاء الماضي، وقف بث وتجميد كل أعمال قناة الجزيرة الفضائية ومكتبها في فلسطين، وتجميد عمل صحافييها والعاملين معها والطواقم والقنوات التابعة لها بشكل مؤقت إلى حين تصويب وضعها القانوني. وأشارت اللجنة إلى أن قراره مرده مخالفة القناة القوانين والأنظمة المعمول بها في فلسطين.
ووفق البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا"، جاء هذا القرار إثر "إصرار الجزيرة على بث مواد تحريضية وتقارير تتسم بالتضليل، وإثارة الفتنة، والعبث والتدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية". وكانت مصادر مطلعة قد قالت لـ"العربي الجديد" إن أحد أسباب غضب السلطة الفلسطينية على قناة الجزيرة هو رفضها وصف المقاومين في "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، بـ"الخارجين عن القانون".
وقد تعرضت القناة لحملة من التحريض والتشويه واتهامات بإثارة الفتنة، ومنعت من التغطية بالقوة من قبل أقاليم حركة فتح في محافظات شمال الضفة الغربية، ونقابة الصحافبين الفلسطينيين المحسوبة على السلطة، وصفحات على منصات التواصل الاجتماعي تروج للأجهزة الأمنية وحركة فتح. إذ هُدد مراسلوها بالأذى الجسدي إثر الحملة العسكرية التي تشنها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة على مخيم جنين، والتي استمرت 46 يوماً، وقتل فيها 15 فلسطينياً بينهم ستة من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والبقية مدنيون وأحد عناصر كتيبة جنين.
يشار إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت، فجر السابع من الشهر الحالي، وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية، ودهمت مكتب قناة الجزيرة، وألصقت قراراً يقضي بتمديد إغلاق مكاتبها 45 يوماً إضافية، بعد إغلاقها في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي. وفي مايو/ أيار الماضي، دهمت الشرطة الإسرائيلية غرفاً تستخدمها "الجزيرة" في فندق في القدس، وصادرت أجهزة ومعدات لطاقم القناة، وذلك في أعقاب تصويت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على قرار رئيسها بنيامين نتنياهو ووزير الاتصالات شلومو قرعي، يقضي بإغلاق القناة ومنعها من العمل في الداخل الفلسطيني.
