بين "الاتحادية" و"الپاستور"

منذ ٢ أيام ١٣

يأتي كتاب د.محمد محسن أبو النور الذي يحمل عنوان "الاتحادية والپاستور: العلاقات المصرية- الإيرانية من عبد الناصر إلى پزشكيان 1952-2025" (دار جسور، 2025) ليسد فراغًا كبيرًا في المكتبة العربية بشأن العلاقات بين القاهرة وطهران وتطوراتها وتحولاتها، فضلًا عن التحديات التي تواجهها هذه العلاقات.

وعبر 556 صفحة من القطع الكبير، يصحبنا الباحث في الشؤون الإيرانية، الذي يعمل رئيسًا للمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في رحلة عبر التاريخ المضفور بالسياسة والاقتصاد لنرصد مسار العلاقات بين القاهرة وطهران في الفترة الزمنية الطويلة الممتدة من قيام ثورة يوليو 1952 حتى يناير 2025.

من الصفحة الأولى في الكتاب، يبدو الباحث متمكنًا من موضوع مادته، فلا يخرج عن النص بإسهاب في التاريخ القديم وقضايا ليس محلها التاريخ المعاصر، بل يلتزم بالوعد الذي قطعه للقارئ في العنوان، بتحديدٍ صارم للفترة الزمنية وموضوع البحث.

وإذا كانت مقدمة الكتاب، أو التوطئة، استغرقت 30 صفحة في بداية الكتاب، فذلك لأن د.أبو النور أراد أن يشرح لنا نحن القراء سبب اهتمامه بتدوين مسيرة العلاقات المصرية-الإيرانية وأهم محطاتها، مع المكاشفة بشأن صعوبات البحث، ولعل أهمها جمع المادة العلمية الوثائقية؛ إذ لم تفرج مصر -حتى وقت كتابة سطور هذا الكتاب- عن الوثائق المتصلة بالعلاقات المصرية - الإيرانية في تلك الفترة؛ لحساسيتها فيما يتعلق بالعلاقات الآنية بين البلدين، كما واجه الباحث صعوبة في الحصول على وثائق الخارجية الإيرانية ذات الصلة.

يقول د.أبو النور: وقع اختياري على "الاتحادية والپاستور" عنوانًا لهذا الكتاب بحكم أن أغلب القرارات المركزية في معظم فترات التاريخ التي تعرَّض لها الكتاب اتُخِذَتْ في "قصر الاتحادية" بمصر بدءًا من عهد السادات وحتى منذ العهد الذي سبقه وحتى الآن، وبحكم أن القرار في إيران على مستوى رئاسة الجمهورية يصنع كذلك في مبنى أو "قصر الپاستور" في العاصمة طهران" (ص 10-11).

بأسلوبٍ موضوعي دقيق ولغةٍ جذابة، يتتبع الكتاب الفصول الدرامية في العلاقات المصرية- الإيرانية بدءًا من الصدام بين البلدين في عهد جمال عبد الناصر، ثم الوفاق بينهما في عهد أنور السادات، مرورًا بالصدام مرة أخرى في عهد الخميني في إيران، ثم النفور في عهد حسني مبارك وانتهاء بالتقارب والتنسيق والاستكشاف في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بدءًا من عام 2014 وما بعده.

وتعزز ذلك التقارب والتنسيق والاستكشاف في عهد الرئيس السيسي على نحو صريح في فعاليات قمة الدول الإسلامية النامية الثماني التي عقدت في القاهرة في ديسمبر من عام 2024 بمشاركة إيران على مستوى القمة، وفقًا للمؤلف.


بين "الاتحادية" و"الپاستور"
قراءة المقال بالكامل